الحرب التجارية تُعمق التهاوي الاقتصادي لأكبر مقاطعة صناعية في الصين

البورصة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المقاطعة تضاعف 220 مرة في 40 عامًا

في ذروة التصنيع الصيني منخفض التكلفة، كانت مدينة هوجي مشهورة بصانعي الأحذية وحياتها الليلية الصاخبة ، إذ كان يزوروها آلاف المشترين الأجانب والمحليين، سنويًا .

مثل غيرها من مناطق قوانجدونج، شهدت المدينة ازدهارًا بعد أن أصبحت الصين قوة تصدير عالمية، حيث كانت المقاطعة الجنوبية بمثابة اختبار لرأس المال والاستثمار الأجنبي، وكانت موطنًا لأول المناطق الاقتصادية الخاصة في البلاد.

لكن الآن، العديد من مصانع المدينة باتت فارغة، كما تعاني المطاعم والأعمال التجارية المجاورة لها، بحسب ما يقول السكان المحليون، بسبب توترات التجارة التي أثارها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تزيد من تدهور التصنيع منخفض التكلفة وضعف الثقة الاستهلاكية.

تخوض الصين والولايات المتحدة مفاوضات طويلة بشأن التجارة.

ورغم أن واشنطن قد خفضت الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 30% أثناء استمرار المحادثات، إلا أنه لا يوجد شك في تأثير الرسوم المتزايدة وزيادة حالة عدم اليقين.

وتعتبر قوانجدونج معرضة للخطر في ظل تصدير سلع تصل قيمتها إلى 5.9 تريليون يوان (أي ما يعادل 821 مليار دولار) العام الماضي، بحسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.

وقالت أليشيا جارسيا-هيريرو، كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى “ناتيكسيس”: “الأمر سيكون ضخمًا.. الشركات في قوانجدونج هي في صميم حرب التجارة”.

في حين بدأت عوامل مثل تباطؤ قطاع العقارات وضعف الطلب المحلي في التأثير قبل وقت طويل من فرض الرسوم الجمركية الجديدة على السلع الصينية، فإن الهجوم التجاري الأخير لواشنطن سيضر بآفاق نمو المنطقة، كما قالت.

وأضافت جارسيا-هيريرو إن “المقاطعة لا تعمل كما كانت في السابق. هناك شيء حقًا لا يعمل”.

نمت قوانجدونج بنسبة 3.5% فقط العام الماضي، مما جعلها تفشل في تحقيق هدفها للعام الثالث على التوالي، وهو ما يقل بكثير عن المعدل الوطني البالغ 5%.

شنتشن، التي تُعرف بكونها مركز التكنولوجيا وأحد أغنى مدن الصين، كانت المدينة الوحيدة في المقاطعة التي حققت نموًا أعلى من المتوسط الوطني في عام 2024.

بلغت نسبة النمو السنوي في عاصمة المقاطعة قوانجتشو ما يصل إلى 2.1% فقط، بينما نمت مدينة فوشان المجاورة، المعروفة بإنتاج الأثاث والأجهزة المنزلية، بنسبة 1.3%.

اقتصاد مدينة شانتو، المدينة الساحلية التي كانت واحدة من أولى المناطق الاقتصادية الخاصة في الصين، نما بنسبة 0.02% فقط.

تعود مؤهلات المقاطعة التصديرية إلى القرن السابع عشر، عندما كانت واحدة من أولى الأماكن في الصين التي فتحت جزئيًا للتجار الأجانب.

في عام 1957، وبعد أول معرض كانتون، أصبحت المقاطعة قناة لجزء كبير من تجارة الصين الخارجية.

نما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في قوانجدونج أكثر من 220 مرة في الأربعين عامًا في الفترة بين عامي 1978 إلى 2018. وفي الوقت الحاضر، بات اقتصادها أكبر قليلاً من اقتصاد كوريا الجنوبية.

لكن حتى قبل إعادة انتخاب ترامب، كان تراجع التصنيع منخفض التكلفة إلى مراكز أكثر رخصًا قد أثر في زخم النمو في المقاطعة.

وبفضل المضاربات المكثفة خلال سنوات الازدهار، كانت أسعار العقارات في المقاطعة أبطأ في التعافي مقارنة بالمناطق الغنية الأخرى، وهي أيضًا موطن لبعض من أكثر المطورين المثقلين بالديون في الصين، مثل “إيفرجراند” و”كايسا” و”فانك” و”كانتري جاردن”.

يقول المحللون إن الركود قد أسهم أيضًا في ضعف ثقة المستهلكين والمؤسسات، حيث كانت مؤشرات مثل مبيعات التجزئة دون المعدلات الوطنية.

كما أن التباطؤ في قوانجدونج له تداعيات على المستوى الوطني.

تساهم المقاطعة أكثر في إيرادات الضرائب المركزية من أي مقاطعة أخرى.

وفي السنوات الأخيرة، أدى التباطؤ الوطني إلى إعادة توجيه بكين جزءًا أكبر من تلك الإيرادات الضريبية لتحفيز النمو في المناطق الأكثر فقراً.

وقال سام كوك، المحلل في “فيتش ريتينجز”، إن “الاقتصاد بشكل عام ليس في حالة جيدة، لكن عليك دفع الضرائب”.

بينما كانت الصادرات بمثابة شريان حياة للاقتصاد الصيني في السنوات الأخيرة، قالت جارسيا-هيريرو من “ناتيكسيس” إن توترات التجارة الأخيرة مع الولايات المتحدة تدفع حتى المصدرين المتقدمين مثل “بي واي دي”، صانع السيارات الكهربائية الذي يتخذ من قوانجدونج مقرًا له، للبحث عن توسيع إنتاجهم في الخارج.

كما أن إلغاء ترامب لإعفاءات الضرائب “المحدودة” للشحنات الصغيرة سيؤثر أيضًا على قوانجدونج بشكل غير متناسب، نظرًا لأن العديد من الموردين لـ”شي إن” و”تيمو” يقعان في المقاطعة.

قليل من الأماكن تجسد وعد قوانجدونج المتوقف بشكل أفضل من رونججوي، وهي منطقة صناعية في دلتا نهر اللؤلؤ.

كانت رونججوي أول مركز صناعي يتجاوز إنتاجه الصناعي 100 مليار يوان.

وقد أشاد دنج شياو بينج، الذي قاد انفتاح الصين على الاقتصاد العالمي كزعيم في الثمانينات والتسعينات، بالمنطقة.

لكن النمو في رونججوي، الذي يقوده إنتاج أجهزة التكييف والثلاجات، قد توقف منذ ذلك الحين، وقد انخفضت هوامش المنتجات المتوسطة، بينما ازدهرت الصناعات عالية التقنية في أماكن أخرى.

كما انخفض النمو في فوشان المجاورة بشكل حاد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق