آثارت “القيمة المحتملة” لصفقة بيع بنك القاهرة، الجدل فى أوساط المال بعد صدور تقارير صحفية تشير إلى قرب استحواذ بنك الإمارات دبي الوطني على حصة تصل إلى 45% من أسهم “القاهرة” مقابل 1 ـ 1.2 مليار دولار .
ومنذ انتشار الأخبار حول الصفقة، ظهر خلاف واضح بين وجهة نظر ترى أن السعر أقل من القيمة الحقيقية للبنك، مقابل آراء أخرى تشير إلى أن السعر الحالي للصفقة عادل ومبني على تقييمات متخصصة وواقعية جدًا في ظل انخفاض الجنيه.
متولى: السعر تأثر بعوامل خارجية مرتبطة بالظروف الاقتصادية والسوق
قال على متولي محلل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى إحدى شركات الاستشارات بلندن، إن الجدل الحالي بخصوص بيع بنك القاهرة يدور بشكل أساسي حول تقييم الصفقة وتأثيرها الاقتصادي والاستراتيجي.
فثمة وجهات نظر ترى أن القيمة المعروضة للبيع ( حوالي 45% من أسهم البنك مقابل ما بين 1 ـ 1.2 مليار دولار) أقل من القيمة العادلة، خصوصا أن تقديرات القيمة السوقية للبنك بالكامل تتراوح بين 2.5 ـ 3 مليارات دولار، في ضوء الأداء المالي القوي للبنك ونمو أرباحه المستمر.
وأوضح متولى أنه بالنسبة للاختيار بين البيع لمستثمر أجنبي أو الطرح في البورصة، فالحكومة فضّلت البيع المباشر لمستثمر استراتيجي أجنبي، مثل بنك الإمارات دبي الوطني، بهدف توفير سيولة دولارية، لافتا إلى أن خيار الطرح العام في البورصة أصعب بسبب ظروف السوق الحالية، رغم أن الطرح في البورصة كان يمكن أن يوفر شفافية أكثر، ويحافظ على نسبة ملكية محلية للبنك.
كما أن استحواذ مستثمر أجنبي على ثالث أكبر بنك حكومي في مصر، هو “موضوع حساس”.
فمن الناحية الإيجابية، الاستحواذ الأجنبي يمكن أن يجلب معه خبرة عالمية في إدارة البنك، مما يعزز المنافسة، ويحسن جودة الخدمات المصرفية، ولكن من ناحية أخرى، يمكن أن يقلل قدرة الحكومة في توجيه السياسات النقدية والاجتماعية التي كانت تنفذها عن طريق بنك القاهرة، خصوصًا برامج تمويل المشروعات الصغيرة.
وأشار متولى إلى تخوف بعض الاقتصاديين من زيادة الاعتماد على المستثمر الأجنبي، والذى بدوره يمكن أن يغير استراتيجيته في المستقبل حسب مصالحه الخاصة، وبالتالي يخلق مخاطر محتملة من ناحية استقرار السوق المالي والسياسات النقدية على المدى البعيد.
ويرى أن ضآلة قيمة الصفقة ليست لها علاقة بأن البنك ضعيف أو تراجع أرباحه، موضحا:” بالعكس .. البنك وضعه جيد جدًا، لكن السعر تأثر بعوامل خارجية مرتبطة بالظروف الاقتصادية والسوق حاليًا، مثل شُح الدولار، وارتفاع التضخم، والتوترات السياسية في المنطقة والتى جعلت المستثمرين يترددون أو يطالبون بأسعار أقل”.
وأشار إلى أن بعض الخبراء يحذرون من التعجل في بيع البنك في ظروف السوق الصعبة، مما يؤدي إلى عدم وجود سعر أفضل، بالإضافة إلى أن أزمة نقص الدولار التي تعاني منها مصر منذ سنوات جعلت الحكومة تتعجل البيع من أجل توفير سيولة دولارية.
عبدالنبي: سعر الصفقة لا يعكس القيمة العادلة.. ووضع البنك جيد جدا
ويرى أحمد عبد النبي رئيس قسم البحوث بشركة مباشر ، أن القيمة الرائجة فى الوقت الحالى عن صفقة بيع البنك ( حوالي 45% من الأسهم مقابل ما بين 1 ـ 1.2 مليار دولار) تعد أقل بكثير من القيمة العادلة للبنك ولا تعكس قيمته الحقيقية، مشيراً إلى أنه منذ عدة سنوات كانت هناك أنباء عن رفض الحكومة بيع البنك وقتها بمبلغ أكبر من المبلغ الذي يتم ترديده خلال الوقت الحالى بفارق يتجاوز مليار دولار، ناهيك عن اختلاف سعر الدولار عن ذلك الوقت.
وتابع أن المليار دولار (قيمة الصفقة المحتملة) تساوي نحو 50 مليار جنيه مصرى ، فى حين أن البنك يجني أرباحا من الفوائد فقط أضعاف هذا الرقم .. لذلك فجميع المؤشرات تشير إلى أن الرقم لا يعكس القيمة العادلة لسعر البنك.
وأوضح أن استحواذ مستثمر أجنبي على ثالث أكبر بنك حكومي سيكون الفارق فيه هو أن يكون المستثمر من الأسماء الكبيرة فى القطاع البنكي، حينها سيكون إضافة كبيرة للبنك والاقتصاد المصرى ككل، إذ سيسهم فى إعادة هيكلة البنك وتطويره وتحسين وضعه سواء من الناحية الإدارية أو المالية.
أضاف :” الأهم حالياً بالنسبة للحكومة هو سعر بيع البنك، لأن قيمة البنك ستسهم فى زيادة الإيرادات الدولارية فى موازنة الدولة”.
وبلغ صافي أرباح البنك بعد الضريبة 12.4 مليار جنيه، بنسبة ارتفاع 86%، مقارنة بعام 2023، في حين ارتفع صافي الدخل من العائد بنسبة 58%، إذ بلغت عوائد القروض والإيرادات المشابهة 68.7 مليار جنيه.
كما سجل صافي الدخل من الأتعاب والعمولات 5.7 مليار جنيه، بنمو 47%، مما أسهم في تعزيز الإيرادات التشغيلية التي بلغت 34.7 مليار جنيه بزيادة 56%.
شفيع: لا يوجد خفض عنيف ولا تغيير كبير عن عرض “الأهلى اليوناني”
وقال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين، إنه بمقارنة سعر الصفقة المحتملة، بسعر الصفقة التي كانت ستتم عام 2008 حينما أراد البنك الأهلى اليوناني الاستحواذ على بنك القاهرة، سنجد أنه لا يوجد تغيير كبير فى السعر، ولا يوجد إنقاص أو إقلال من سعر البنك بالشكل المبالغ فيه كما يتردد فى الفترة الحالية، مشيراً إلى أنه حتى إذا كان هناك خفض فى القيمة فليس بالخفض العنيف، ويمكن أن يكون سببه الأوضاع الاقتصادية والحاجة الدولارية التى حتمت ذلك.
وتابع : “فكرة دخول مستثمر عربى أو أجنبي للقطاع البنكى ليست بالشيء النادر حدوثه”، مشيراً إلى أن الفترة الماضية شهدت العديد من الاستحواذات والتخارجات لصالح صناديق سيادية عربية، خاصة أن الظروف والأحوال الاقتصادية هي من حتمت الدخول فى تلك الأمور.
0 تعليق