تتصاعد أزمة نقص مخزون دواء الميثادون، الذي يُعد أحد الأدوية الأساسية في علاج إدمان المخدرات، وهو ما يثير القلق إزاء العواقب الصحية والاجتماعية الخطيرة التي قد تترتب على استمرار هذا النقص. حيث عمدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب لتخفيف حدة الأزمة، عبر تخفيض جرعات الميثادون المقدمة للمرضى بشكل تلقائي ومنهجي، دون التشاور مع الجمعيات المعنية أو حتى إبلاغها بهذه القرارات، وهو ما يهدد الخاضعين للعلاج من إدمان المخدرات.
وفي تصريح لـ"أخبارنا"، اعتبر عبد المنعم المريني، فاعل في المجتمع المدني بطنجة، التي تُعد من أكثر المناطق تضرراً من إدمان المخدرات، أن هؤلاء المرضى الذين قرروا مقاومة الإدمان واستعادة حياتهم، يجدون أنفسهم اليوم في مواجهة مصير مجهول بسبب العجز حتى عن توفير الدواء، في الوقت الذي يُعد فيه الحق في الصحة حقاً دستورياً. مضيفاً أن هذا القرار سيكون له انعكاس سلبي ليس فقط على صحة المدمنين، بل حتى على المصابين بالسيدا والتهاب الكبد والسل، كما أن أخذ علاج الميثادون خاصة له آثار نفسية خلال هذه المرحلة الصعبة للتعافي.
ومن جانبها، أصدرت مجموعة من الجمعيات العاملة في المجال بياناً، توصلت "أخبارنا" بنسخة منه، يحمل توقيع جمعية حسنونة لمساندة مستعملي ومستعملات المخدرات، والجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات، وجمعية محاربة السيدا، والائتلاف العالمي للاستعداد للعلاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جاء عقب الخطوات التي اتخذتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من أجل تحسين استعمال المخزون المتاح، ما دفع هذه الجمعيات إلى دق ناقوس الخطر والدعوة إلى عدم ترك المرضى وحدهم في مواجهة هذا الوضع الصعب.
وحذرت جمعيات المجتمع المدني المعنية بالصحة العامة وحقوق الإنسان من المضاعفات الصحية الخطيرة المرتبطة بنفاذ مخزون الميثادون، وهو دواء أساسي للمساهمة في علاج الإدمان على المواد الأفيونية وما يرتبط بها من مخاطر صحية واجتماعية، في مقدمتها تعثر الجهود الوطنية لتحقيق هدف القضاء على السيدا في المغرب بحلول 2030.
وأكد البيان ذاته أن الحلول الوزارية قد تؤدي إلى نتائج كارثية على صحة المرضى، الذين يتوجب استشارتهم في هذه الخطوة وفقاً للبروتوكولات المعتمدة وطنياً ودولياً، وذلك لما لهذه الخطوة من مضاعفات صحية خطيرة تتمثل في ارتفاع معدلات الانتكاس وحالات العودة لاستهلاك المخدرات، إلى جانب زيادة أعراض الانسحاب التي تسبب معاناة نفسية وجسدية، في ظل غياب أدوية مهدئة بديلة، وسط توقعات بتراجع إقبال مستعملي ومستعملات المخدرات على أنشطة الوقاية والتوعية، بالنظر للقلق النفسي الناتج عن الخوف من عدم استمرارية العلاج.
هذا، ودعت الجهات المصدرة للبيان إلى توفير حلول مستدامة تشمل تأمين مخزون الطوارئ، استكشاف بدائل علاجية مؤقتة، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، مناشدة جميع الأطراف، وخاصة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، للتحرك الفوري والتعاون مع المجتمع المدني لضمان استمرار الرعاية الصحية لمستعملي ومستعملات المخدرات.
ومع حلول شهر رمضان، تتزايد المخاوف من تفاقم هذه الأزمة، خاصة وأن المرضى قد يواجهون صعوبات إضافية نتيجة الصيام والتغيرات في النظام الغذائي اليومي. ووفقاً للفاعلين في المجتمع المدني، فإن نقص الميثادون خلال هذه الفترة قد يؤدي إلى مضاعفات صحية أشد خطورة، أبرزها ارتفاع حالات الانتكاس وزيادة المعاناة النفسية والجسدية للمرضى. لذلك، تجدد الجمعيات مطالبها بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان استمرار العلاج بشكل مستقر ودون انقطاع خلال هذا الشهر الفضيل.
0 تعليق