في سياق الاحتجاجات العارمة والمستمرة بسبب غلاء المعيشة وما رافقها من مطالب تشدد على ضرورة سن تدابير عاجلة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، تواجه الحكومة أيضا موجة من الانتقادات الحادة بسبب الارتفاع الملحوظ في صادرات زيت الزيتون إلى الاتحاد الأوروبي، في وقت تشهد فيه الأسعار المحلية لهذه المادة الأساسية ارتفاعًا غير مسبوق أثقل كاهل المواطنين.
وبحسب تقارير حديثة، فقد قام المغرب بتصدير نحو 841 طناً من زيت الزيتون إلى الأسواق الأوروبية خلال شهري أكتوبر ونونبر الماضيين، مقارنةً بـ 533 طناً فقط في نفس الفترة من عام 2023، وهو ما يمثل ارتفاعًا كبيرًا في حجم التصدير، رغم الأزمة التي يشهدها السوق الداخلي.
في سياق متصل، أثارت هذه الأرقام الصادمة، غضبا واسعا بين المستهلكين المغاربة، سيما بعد أن وجدوا أنفسهم في مواجهة أسعار صاروخية للزيتون وزيته، تجاوز سعر اللتر الواحد منها 120 درهمًا في بعض المناطق، ما جعل الكثيرين يتساءلون عن أولويات الحكومة ومدى التزامها بحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
الباحث في الاقتصاد، الدكتور "خالد أشيبان"، انضم بدوره إلى المحتجين على سياسة الحكومة في تدبير أزمة غلاء المعيشة عموما، و صادرات زيت الزيتون تحديدا، حيث نشر بالمناسبة تدوينة عبر حسابه الفيسبوكي، جاء فيها: "في الوقت لي ثمن زيت الزيتون كيعرف ارتفاع صاروخي، وفي الوقت لي الحكومة كتعفي واردات زيت الزيتون من الرسوم الجمركية والضرائب لسد الخصاص المحلي، وفي الوقت لي الجفاف كيضرب البلاد للسنة السادسة على التوالي، وصلت صادرات المغرب من زيت الزيتون إلى الاتحاد الأوروبي خلال شهري أكتوبر ونونبر الأخيرين 841 طنا مقابل 533 طن في نفس الفترة من 2023.. إيلا فهمتو شي حاجة شرحو ليا معكم أنا مزاوك!".
ويعتبر منتقدو هذه السياسة أن التصدير المكثف لزيت الزيتون نحو الخارج، رغم ارتفاع أسعاره في السوق المحلي، سيساهم في تعميق الأزمة بدل إيجاد حلول لها، مطالبين الحكومة بالتدخل العاجل من أجل ضبط الأسعار، وتوفير هذه المادة الأساسية بأسعار معقولة وفي متناول جميع الشراء، قبل التفكير في تعزيز الصادرات الخارجية.
في سياق متصل، دعا عدد من النشطاء والخبراء إلى ضرورة فرض قيود على تصدير زيت الزيتون خلال فترات الأزمات، واعتماد تدابير لحماية السوق الداخلي، على غرار إجراءات التسقيف أو فرض رسوم إضافية على التصدير، لضمان توفير المنتوج بأسعار مناسبة داخل البلاد.
ورغم تبريرات بعض المسؤولين بأن ارتفاع الأسعار مرتبط بعوامل مناخية من قبيل الجفاف الذي قلل من كمية الإنتاج، إلا أن المستهلك المغربي يطالب بتدخل حكومي عاجل للحد من المضاربة والاحتكار، وتوجيه الإنتاج المحلي أولًا لتغطية الحاجيات الداخلية، قبل التركيز على الأسواق الخارجية.
0 تعليق