المصالح الوطنية السعودية: من التنظير إلى التطبيق هو عنوان كتاب مهم يقدم تحليلاً معمقاً يستند إلى تجربة دبلوماسية وأكاديمية فريدة للدكتور نزار عبيد مدني، الذي جمع بين خبرته كمساعد لوزير الخارجية السعودي وباحث في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ليقدم رؤية واضحة حول مفهوم المصالح الوطنية السعودية وتطبيقاتها العملية.

تحليل مفهوم المصالح الوطنية السعودية في العلاقات الدولية

يبدأ الدكتور نزار عبيد مدني كتابه بالتنظير العلمي لمفهوم المصلحة الوطنية، حيث يعرض في الفصل الأول التأصيل النظري لهذا المفهوم وفقاً لمعايير علم العلاقات الدولية والسياسة، مما يشكل قاعدة صلبة لفهم الهدف الأساسي للدول في سياستها الخارجية، وهو السعي لتحقيق مصالحها الحيوية. في الفصل الثاني، ينتقل المؤلف لتطبيق هذا المفهوم على المملكة العربية السعودية، مستعرضاً الأبعاد المتعددة للمصلحة الوطنية السعودية، والتي تم تقسيمها إلى استراتيجية وتكتيكية، لتعكس التحديات والفرص التي تواجه الدولة على الساحتين الإقليمية والدولية. نزار عبيد مدني بهذا التقسيم يحدد بشكل واضح كيف تتفاعل المملكة مع متغيرات البيئة الدولية.

المصالح الوطنية السعودية الاستراتيجية والتكتيكية: الهيكل والأبعاد

يخصص المؤلف فصلاً مستقلاً لكل من المصالح الوطنية السعودية الاستراتيجية والتكتيكية. في الفصل الثالث، يعرض أهم المصالح الاستراتيجية وترتبط بشكل رئيسي بحدود المملكة، حيث يحدد ثلاث مناطق أساسية: الحدود الجنوبية، والحدود الشمالية، والحدود الشرقية. كل منطقة تحمل خصوصيات أمنية وسياسية تؤثر في صياغة السياسات الخارجية والدفاعية للمملكة. أما الفصل الرابع، فيخصصه للمصالح الوطنية التكتيكية، والتي تشمل محاربة الإرهاب والتطرف، وتعزيز الانتماء العربي كبعد إقليمي، إلى جانب المحافظة على الأمن والسلم الدوليين كجزء من البعد الدولي للمصالح السعودية.

• المصلحة الوطنية العليا: الحفاظ على الدولة وسيادتها واستقلالها
• الدفاع عن الإسلام والمقدسات الإسلامية
• تحقيق التنمية والتقدم الاقتصادي للمواطنين بجانب استناد الاقتصاد على النفط

الأهداف القومية الحقيقية ورؤية علم السياسة للعلاقات الدولية

يمثل تحديد الأهداف القومية الحقيقية الطرح الرئيسي الذي يميز هذا الكتاب، إذ يؤكد الدكتور نزار على ضرورة استبعاد الأهداف الوهمية أو الزائفة التي قد تدعيها الدول، معتبراً أن أغلبها تضغط في هدف مركزي وهو القوة بكل أشكالها المادية والمعنوية. ويقدم تحليلاً موضوعياً للأهداف القومية التي تشمل حماية السيادة الإقليمية والأمن القومي، تنمية قدرات الدولة على القوة بأنواعها المختلفة، تعزيز الرفاه الاقتصادي، وتحقيق السلام وفق شروط الدولة التي تخدم مصالحها العليا. إضافة إلى ذلك، يميز الباحث بين الأهداف القومية الحقيقية والأهداف العقائدية أو الأيديولوجية التي قد تعلنها الدولة أو تخفيها.

يبرز من خلال هذا التناول الشامل كيف يربط الدكتور نزار خبرته الواسعة في السياسة الخارجية بالمفاهيم النظرية، ليضع تصوراً واضحاً للمصالح الوطنية السعودية في إطارها المشروع ضمن العلاقات الدولية، ما يفتح آفاقاً جديدة لفهم أعمق ودراسات مستقبلية تُعنى بتوجهات المملكة وسياساتها في مواجهة تحديات المرحلة.