رملتها إسرائيل وشلتها.. منى كحيل ترعى أبناء مصابين وجياع بغزة

الموقع 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في خيمة مهترئة، تتمدد أم فلسطينية تعاني من الشلل، على سرير متواضع تغطي جسدها ببطانية رقيقة، وبجوارها كرسي متحرك وعبوات مياه بلاستيكية، بينما يجلس أطفالها الأربعة حولها بملابس بالية وأجساد منهكة بفعل الجوع والعوز والفقد بمدينة غزة.

 

تلك الخيمة التي نصبت على أنقاض منزل عائلة كحيل المدمر غرب مجمع الشفاء الطبي بغزة، هي شاهد عيان على معاناة عائلة كحيل التي كانت مكونة من 8 أفرد قبل أن يغتال الجيش الإسرائيلي 3 من أفرادها هم الأب و2 من الأبناء.

 

عقب تلك الاستهدافات باتت العائلة تتكون من 5 أفراد هم 4 أطفال مصابين بإصابات متنوعة والأم منى كحيل (35 عاما) تعيش ظروفا إنسانية قاسية فهي مشلولة وحامل ومصابة أيضا بالسرطان ويتيمة الأبوين.

 

وفي مارس/ آذار 2024، وأثناء اجتياح الجيش الإسرائيلي لمستشفى الشفاء، قتل أحد أبناء العائلة برصاص قناص إسرائيلي.

 

** طريحة الفراش

 

وأواخر العام ذاته، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل العائلة، ما أسفر عن مقتل الزوج وأحد الأبناء، وإصابة الأم بجروح بليغة في العمود الفقري، جعلتها لا تستطيع الحركة وتجلس على كرسي متحرك، وهي في الوقت نفسه تعاني من مرض السرطان.

 

الأطفال الأربعة المتبقون مع أمهم نجوا من القصف لكنهم يواجهون إصابات متفاوتة، فالطفل معاذ فقد إحدى عينيه، فيما أصيبت شقيقته بفقدان مؤقت للسمع، بينما يعاني الاثنان الآخران جروحا وحروقا وكسورا لم يتلقيا لها علاجا مناسبا.

 

** معركة يومية

 

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يتداخل التجويع الممنهج مع إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ نحو 23 شهرا.

 

وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار الماضي جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، وتسمح تل أبيب بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين.

 

ومع استمرار الحصار، تحولت المراكز الصحية القليلة العاملة إلى أروقة مكتظة بالمرضى، حيث يرقد كثيرون على الأرض، والأطباء يعملون منهكين بلا أجهزة كافية أو أدوية منقذة للحياة.

 

ويظهر الطفل معاذ فاقد البصر جزئيا إذ يعيش بعين واحدة وهو يتأرجح على أرجوحة صغيرة محاولا التخفيف من آلامه، بينما تغصّ الخيمة بآثار الركام وتفتقد أبسط مقومات الحياة.

 

العائلة باتت اليوم بلا معيل أو مصدر رزق، في غزة حيث الحصار الإسرائيلي الذي يحرمهم من الغذاء والدواء.

 

وتتحمل الأم، وهي يتيمة الأبوين بعد أن قتلا في قصف إسرائيلي خلال الإبادة، عبء رعاية أبنائها المصابين وحدها رغم عجزها عن الحركة، إذ تكتفي بإرشادهم إلى ما يجب أن يفعلوه، في معركة بقاء يومية ضد المرض والجوع وغياب مأوى آمن.

 

** عين واحدة

 

ويعرب الطفل معاذ، الذي فقد عينه اليسرى وأصيب بحروق في يديه وقدميه، عن أمله في السفر وتلقي العلاج وإنهاء الحرب.

 

معاذ قال للأناضول: "أرى بعين واحدة، ولا أستطيع الرؤية بالأخرى، والأطباء قالوا إن فرصتي في استعادة النظر بنسبة 1 بالمئة".

 

وأضاف: "عند اجتياح مستشفى الشفاء في مارس 2024 استشهد أخي بعدما حاولنا إسعافه، لكن لم نتمكن في ظل غياب الأطباء وحصار المستشفى، وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي بعد أسبوعين فقط استطعنا دفنه".

 

** صمود أم مشلولة

 

وفي خيمة مهترئة فوق ركام منزلها القريب من مستشفى الشفاء ترقد الأم كحيل، التي فقدت زوجها واثنين من أبنائها، فيما اكتشفت حملها قبل أشهر وهي طريحة الفراش.

 

وبحسب حصيلة سابقة لوزارة الصحة بقطاع غزة فإن الحرب الإسرائيلية "أدّت إلى فقدان 13 ألفا و901 سيدة فلسطينية أزواجهن، وأصبحن أرامل".

 

تقول منى إنها تواجه صعوبة كبيرة في رعاية أطفالها في ظل غياب أي معيل، وعدم قدرتها على الحركة نتيجة إصابتها في أنحاء متفرقة من جسدها ووجهها.

 

وتستعيد منى مشاهد الحرب التي مرت بها، بدءا من النزوح وقصف منزلها فوق رؤوسهم، ما أدى إلى مقتل زوجها وأحد أبنائها، وصولا إلى حرمانها من العلاج وغياب البيت الآمن.

 

وتروي أن الجيش الإسرائيلي حين اجتاح مستشفى الشفاء في مارس/ آذار 2024 أحرق المنازل وقتل المدنيين، وكان من بين الضحايا ابنها البالغ 15 عاما.

 

وبعد فترة قصيرة، قصف منزلها ففقدت زوجها وابنها الآخر، وأصيبت هي وبقية أطفالها بجروح متفاوتة.

 

واقتحم الجيش الإسرائيلي وحاصر مستشفى الشفاء بتاريخ 18 مارس/ آذار 2024، حيث كان يضم أكثر من 7 آلاف ونازحا فلسطينيا.

 

واعتقلت القوات الإسرائيلية وحققت مع أكتر من 800 مدنيا فلسطينيا في المستشفى، كما قتلت أكثر من 170 مدنيا.

 

وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية، عُثر على قبور جماعية تضم جثثا محروقة لضحايا الهجوم.

 

وتضيف منى أنها بعد خمسة أشهر فقط فقدت والديها وأختها وأخيها في قصف استهدف منزل عائلتها، لتبقى بلا سند عائلي.

 

وتعاني منى اليوم من ضعف في السمع والبصر وآلام جسدية مستمرة، لكنها رغم ذلك تمسكت بحملها ورفضت فكرة الإجهاض.

 

وتشير إلى أنها تفتقد عائلتها بشدة وتخشى على أطفالها المتبقين من أي مكروه قد يصيبهم، وهم يعيشون معها بين الركام في خيمة تفتقد لأبسط مقومات الحياة.

 

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

 

وخلّفت الإبادة 62 ألفا و744 قتيلا، و158 ألفا و259 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 300 فلسطيني، بينهم 117 طفلا.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق