طالب عدد من رؤساء الشركات الصناعية، بإعادة النظر فى آليات تقييم الجدارة الائتمانية ومعايير التمويل المتبعة لدى البنوك، بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية واحتياجات السوق، مؤكدين أن المنظومة الحالية – رغم ما شهدته من خطوات تحسينية خلال الفترة الأخيرة – لا تزال بحاجة إلى مزيد من المرونة لتيسير حركة الاستثمار والتوسع فى القطاعات الإنتاجية.
وأكد المستثمرون لـ «البورصة»، أن المبادرات التمويلية التى أطلقتها الدولة والبنك المركزي مثلت دعما للصناعة، وأسهمت فى تحسين بيئة الأعمال، إلا أن بعض الإجراءات التنفيذية على مستوى البنوك ما زالت تمثل تحديا أمام استفادة عدد من الشركات، خاصة تلك التى تعمل فى قطاعات تحتاج إلى تمويلات كبيرة ودورات تشغيل معقدة.
وأشاروا إلى أن عددا من الشركات تمكن من الحفاظ على تصنيف ائتماني جيد أتاح لها النفاذ إلى التمويل الميسر، فى حين واجهت أخرى صعوبات متعلقة باشتراطات الضمانات أو تصنيفات غير محدثة منعتها من فرص الاستفادة من المبادرات التمويلية ذات الفائدة المنخفضة.
وتشير الجدارة الائتمانية إلى قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالية فى الوقت المحدد، وتعكس مدى ثقة المؤسسات المالية والمستثمرين فى قدرتها على سداد القروض والمستحقات، وتقيم عادة بناء على الأداء المالي، والتدفقات النقدية، والديون المستحقة، وتاريخ السداد.
الليثي: اشتراط تقديم ضمانات تعادل قيمة القرض المطلوب يحد من تمويل المشروعات
قال جمال الليثي رئيس مجلس إدارة شركة فيوتشر فارما للأدوية، إن معايير البنوك فى مصر تتسم بدرجة عالية من التشدد، إذ تشترط بعض المؤسسات تقديم ضمانات تعادل قيمة القرض المطلوب بالكامل، وهو ما يعد عائقا أمام انطلاق عدد من المشروعات الجديدة، خاصة فى قطاعات حيوية، مثل صناعة الأدوية، والتى تتطلب تمويلات ضخمة ودورية.
وأضاف أن شركته تولى أهمية خاصة بتقييم الجدارة الائتمانية، مشيرا إلى أنها تحرص على التعامل مع الشركات الحاصلة على تصنيف جيد حتى يضمن استقرار التعاملات المالية.
ولفت إلى أنه يستعد لعقد اجتماع مع وزير المالية لبحث التحديات التى تواجه الشركات فى الحصول على التمويل.
قال الليثي، إن شركته تمكنت رغم هذه الصعوبات من الحصول على تصنيف ائتماني مرتفع أتاح لها النفاذ إلى القروض المصرفية، لافتا إلى أن “فيوتشر فارما” حصلت مطلع العام الحالي على قرض جديد بقيمة 680 مليون جنيه لتغطية تكاليف استيراد ماكينات لمشروع جديد.
المنزلاوي :يجب إنشاء صندوق لتغطية المخاطر وإصدار وثيقة للجزء غير الممول
وقال مجد الدين المنزلاوي رئيس مجلس إدارة شركة طيبة للصناعات الهندسية، إن البنك المركزي هو الجهة المسؤولة عن تحديد العوامل والشروط الخاصة بالجدارة الائتمانية للشركات، موضحا أن هذه الشروط تختلف وفقا لحجم النشاط وطبيعة عمل كل شركة.
وأضاف أن من أبرز التحديات التى تواجه الشركات فى الحصول على التمويل، رفض بعض البنوك الموافقة على القيمة الكاملة للقرض المطلوب، إذ تكتفى بالموافقة على جزء منه فقط نتيجة تقييمها للوضع المالي للشركة. وضرب مثالا بأحد العملاء الذي تقدم للحصول على قرض بقيمة 5 ملايين جنيه، فوافق البنك على 2 مليون جنيه فقط.
واقترح المنزلاوي، إنشاء صندوق من خلال شركات التأمين لتغطية مخاطر الجدارة الائتمانية، بحيث تقوم هذه الشركات بإصدار وثيقة تأمين على الجزء غير الممول من القرض، تُقدم للبنوك كضمان إضافي، ما يسهم في تيسير حصول الشركات على التمويل اللازم.
وفيما يتعلق بتأثير أسعار الفائدة والتضخم والسياسات الاقتصادية الأخيرة على الجدارة الائتمانية، أوضح أن الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر استفادت من مبادرات حكومية بفائدة 5%، وهى نسبة منخفضة لن تؤثر سلبا على جدارتها. أما باقى القطاع الصناعي فقد استفاد من مبادرة بفائدة 15%، لافتا إلى أن أثر هذه المبادرة سيظهر لاحقا بعد دخول الشركات فى مراحل التشغيل والإدارة بما يعزز من قدرتها الائتمانية.
طلبة: تأسيس بنوك تصديرية متخصصة كتركيا يتيح آليات تمويل مباشرة وميسرة
وقال مجدي طلبة رئيس مجلس إدارة شركة تي آند سي للملابس الجاهزة، إن مصر تحتاج إلى إنشاء بنوك تصديرية متخصصة على غرار ما هو قائم فى تركيا، لتوفير آليات تمويل مباشرة وميسرة للمصدرين، ودعم قدرتهم على النفاذ للأسواق الخارجية.
أضاف أن وجود بنك متخصص فى تمويل التصدير لن يساعد فقط على تخفيف الأعباء عن الشركات، بل سيعزز تنافسية الصناعة المصرية عالميا، ويمنح المصدرين ميزة حقيقية فى مواجهة المنافسة الشرسة فى الأسواق الخارجية.
أكد طلبة، أن تطوير منظومة الإدارة الائتمانية والرقابة على البنوك، بالإضافة إلى إنشاء مؤسسات تمويلية متخصصة للتصدير، من شأنه دفع عجلة الاستثمار وزيادة معدلات النمو الصناعي والتجاري، بما يتماشى مع أهداف الدولة فى تعزيز الاقتصاد الإنتاجى.
ولفت إلى أن المبادرات التمويلية التى تطلقها الدولة والبنوك ، فى غاية الأهمية لدعم القطاع الصناعي .. لكنه واجه عقبة حينما تقدم للحصول على قروض ضمن إحدى المبادرات بفائدة ميسرة، موضحا أنه رغم استيفائه كافة الشروط والمعايير المطلوبة، إلا أن التمويل لم يتم منحه، ما أدى إلى توقف حركة استثماراته فى ذلك الوقت، وأثر بشكل مباشر على خطط التوسع التى كان يعتزم تنفيذها.
أوضح طلبة، أن الشركة تمكنت من الوفاء بالتزامتها المالية وتنفيذ خطط التوسع رغم عدم اعتمادها على القروض المصرفية، موضحا أن نجاحها يعود إلى تنمية نشاط التصدير، وزيادة الاعتماد على المكون المحلي فى التصنيع.
أضاف أن الجدارة الائتمانية للشركات تبنى على أسس موضوعية واضحة، فى مقدمتها دراسة الميزانيات المعتمدة لآخر 3 سنوات، باعتبارها المؤشر الأصدق على قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها وسداد القروض التى تحصل عليها.
وأكد أن الاعتماد على بيانات مالية دقيقة يعكس قوة الشركة الحقيقية، بالإضافة إلى ضرورة إجراء استعلام شامل عن النشاط نفسه، ومدى استدامته وربحيته وكذلك عن القائمين عليه، للتأكد من خبرتهم وجديتهم وقدرتهم على تحقيق النجاح.
ولفت إلى أن تلك المنظومة تضمن أن تكون القروض موجهة بالفعل للشركات ذات الملاءة المالية والنشاط الفعلى، وليس مجرد أوراق شكلية لا تعبر عن الوضع الحقيقى.
وتابع:” من المهم أن يتم الاستعلام عن النشاط وصاحب النشاط معا، لأن الاثنين وجهان لعملة واحدة.. فإذا كانت الفكرة جيدة .. لكن القائم عليها غير مؤهل، فغالبا ستواجه مشكلات فى التنفيذ”.
قال طلبة، إن تحسن الإيرادات والأرباح والتدفقات النقدية يعزز قدرة الشركات على سداد التزاماتها، ويرفع تصنيفها الائتماني لدى البنوك والمؤسسات المالية، بينما يشكل تراجع هذه المؤشرات ضغطا على التصنيف ويزيد من درجة المخاطر.
أضاف أن التدفقات النقدية تظل العامل الأبرز فى تحديد الملاءة المالية، باعتبارها المؤشر العملي لمدى قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها قصيرة الأجل، حتى حال تحقيق أرباح أو تسجيل إيرادات مرتفعة على الورق.
وهذه التجربة تعكس الحاجة إلى تعزيز الرقابة على البنوك وضمان التزامها الكامل بتطبيق سياسات المبادرات التمويلية بشكل عادل وشفاف، بحيث لا تتعطل مصالح المستثمرين.
وطالب الجهات الرقابية بدور أكثر فاعلية فى حل النزاعات والمشكلات بين البنوك والمستثمرين، بدلًا من تركها تتفاقم وتؤثر سلبا على دورة الاستثمار.
وكشف طارق الجيوشي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الجيوشي للصلب، إن المجموعة تعتمد بشكل رئيس على تمويل توسعاتها من خلال مواردها الذاتية، عبر الأرباح المعاد استثمارها وعوائد المبيعات، ما يعكس متانة مركزها المالى وقدرتها على النمو دون الاعتماد المباشر على التمويل المصرفي.
وأضاف أن المبادرات التى تطلقها الدولة لدعم القطاع الصناعي تمثل ركيزة مهمة لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر، إذ تسهم فى تهيئة بيئة أكثر استقرارا للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتدعم قدرتها على زيادة رؤوس أموالها وتنفيذ توسعات إنتاجية.
ولفت الجيوشي، إلى أن الإجراءات الحكومية، مثل خفض أسعار الفائدة إلى 5%، لها أثر إيجابي مباشر فى تخفيف الأعباء المالية على الشركات، من خلال تقليل تكلفة التمويل وتحفيز النشاط الاقتصادي، ما يعزز مرونة الشركات فى التعامل مع المتغيرات العالمية، لا سيما فى ظل التحديات الناتجة عن التضخم والتقلبات الاقتصادية العالمية.
وأوضح أن هذه المبادرات تسهم كذلك فى تعزيز القدرة التنافسية للصادرات المصرية، وتدعم زيادة الحصيلة التصديرية، عبر تحسين هيكل التكلفة وتمكين الشركات من النفاذ بشكل أكبر إلى الأسواق الخارجية.
نصر الدين: تصنيف الشركات وفق سقف مبيعات قديم يحرمها من التمويل الميسر
وقال علاء نصر الدين رئيس مجلس إدارة شركة الكريم للأخشاب، إن تحديد سقف مبيعات الشركات الصغيرة عند 50 مليون جنيه لم يعد مناسبا فى ظل التغيرات الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار.
أضاف أن تقدير هذا الحد تم فى وقت كانت فيه قيمة الجنيه مختلفة، ومع تراجع قيمته الحالية أصبح عدد كبير من الشركات الصغيرة يتخطى هذا السقف رغم احتفاظه بنفس الهيكل التشغيلي، مما يؤدى إلى تصنيفه كشركة متوسطة أو كبيرة ومنعه من الاستفادة من برامج التمويل الميسرة.
وأوضح نصر الدين، أن العديد من الشركات التى تتجاوز مبيعاتها حاجز 50 مليون جنيه تستبعد من مبادرة البنك المركزي الخاصة بتمويل الصناعات بفائدة %5 متناقصة، وتجبر على الاقتراض بأسعار فائدة تتراوح بين 13.5% و17%، وهو ما يمثل عبئا ماليا كبيرا يحد من قدراتها التنافسية.
أضاف أن هذا الخلل فى التصنيف يعيق توسع الشركات، خاصة تلك العاملة فى قطاع التصدير أو المقاولات، إذ تواجه فجوة تمويلية خانقة تضعف قدرتها على المنافسة والاستمرارية.
وأشار إلى أن بعض البنوك تفرض إجراءات تمويل مشددة، إذ تطالب الشركات بتقديم ضمانات إضافية، مثل التوقيع على شيكات، بالإضافة إلى التأمينات المطلوبة وهو ما اعتبره مخالفًا للتوجهات القانونية المنظمة للعلاقات التعاقدية بين البنوك والعملاء.
قال نصرالدين، إن الشركات تلتزم بكافة الاشتراطات والإجراءات، لكن يطلب منها التوقيع على شيكات كضمان، رغم وجود تأمين على الحياة وتأمينات أخرى تقدم فعليا.
وفيما يتعلق بالبدائل التمويلية خارج النظام المصرفى، لفت إلى أن السوق يفتقر إلى حلول حقيقية يمكن اللجوء إليها حال رفض البنوك تمويل الشركات، وهو ما يعطل خطط التوسع لدى المستثمرين.
الجباس: نلجأ للموردين لدعم خطط التوسع وتجاوز التعقيدات البنكية
وقال عبدالرحمن حسن الجباس، رئيس مجلس إدارة شركة الرواد لدباغة الجلود، إن الجدارة الائتمانية تمثل مؤشرا هاما لقياس حجم المبيعات وقدرات الشركات على الوفاء بالتزاماتها .. معايير البنوك فى هذا الصدد ما زالت تتسم ببعض التعقيدات التى لا تعكس رغبة حقيقية فى دعم الاستثمار، بل تعيق نموه وتوسع الشركات.
وأضاف أنه بات يتجنب الاعتماد على التمويلات البنكية نتيجة غياب المرونة فى التعامل مع ظروف السوق، لافتا إلى أن رفع أسعار الفائدة يضيف تعقيدات تزيد أعباء المستثمرين بدلا من تيسيرها.
أكد الجباس، أنه يلجأ إلى بدائل أخرى لخدمة خطط التوسع، أبرزها الحصول على تسهيلات مباشرة من الموردين، نظرا لتفهمهم ظروف الشركات وتجاوبهم مع متغيرات السوق بشكل أكثر مرونة مقارنة بالقطاع المصرفي.
كمال: “الهندسية لمعدات الصناعات الغذائية” تنتظر إتمام إجراءات قرض بـ 5 ملايين جنيه
وقال محمد كمال، رئيس الشركة الهندسية لصناعة معدات الصناعات الغذائية، إن شركته تقدمت خلال العام الحالي، للحصول على قرض بقيمة 5 ملايين جنيه لتمويل شراء قطعة أرض جديدة، على أن يتم منحه بضمان الشركة.
وأضاف أن الشركة ما زالت فى فترة إنهاء الإجراءات مع البنك، على أن يتم استغلال الأرض الجديدة فى التوسع وزيادة القدرات الإنتاجية.
أكد كمال، أن الحصول على التمويلات المصرفية يمثل ركيزة أساسية فى مسيرة الشركة، كونه يتيح لها تثبيت قواعدها وتعزيز حضورها داخل السوق المحلية، موضحا أن الهدف الرئيس من القرض يتمثل فى تنفيذ توسعات تقدم قيمة مضافة لقطاع الصناعات الغذائية.
وقال محمد هنيدى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة ألكو تك للصناعات الهندسية، إن مبادرات البنك المركزي لدعم الصناعة، لا سيما تمويل الشركات الصغيرة بفائدة 5% والمتوسطة بفائدة 8%، أسهمت بشكل فعال فى تحسين البيئة الاستثمارية .. لكن استمرار البيروقراطية الإدارية فى بعض البنوك أدى إلى إبطاء استفادة بعض الشركات منها.
وأضاف أن البنوك تمثل شريكا غير مباشر فى العملية التجارية، وليست مجرد جهة تمويل، متابعا : “المؤسسة المصرفية تشارك الممول وكأنها شريك، حيث تمنح التمويل لفترة قصيرة مقابل نسبة محددة، ثم تتخارج بعد تحقيق هدفها”.
وقال أحمد سعيد عبدالعاطى، رئيس شركة الأهرام ستيل لتشغيل المعادن، إن تقييم الجدارة الائتمانية كان أساس الموافقة على القروض التى حصلت عليها شركته، والتى تراوحت قيمتها بين 3 – 4 ملايين جنيه من بنكي مصر والاستثمار العربى.
وأضاف أن البنوك اشترطت إجراء تقييم مالي دقيق للشركة وتقديم الضمانات اللازمة، وتمت الإجراءات بسهولة فى إطار مبادرة تمويلية بفائدة 5%، مؤكدا أن هذه القروض ساعدت الشركة على استيراد الخامات اللازمة للتوسع.
وقال أحمد عفيفي، صاحب مصنع عفيفي للأخشاب، إن إجراءات الجدارة الائتمانية التى واجهها للحصول على قرض بقيمة 750 ألف جنيه من البنك الأهلي، كانت جيدة خاصة مع اعتماد التمويل على المبادرة الإسلامية بنسبة فائدة 2.7% على أربعة أشهر.
أضاف أن اشتراطات البنك شملت توفير رخصة تشغيل ورخصة مصنع وتقييم هندسي لموقع المشروع، وقد تمت جميع الإجراءات بسهولة نسبيًا.
أشار عفيفي، إلى أن التعامل مع شركات كبرى منحه سمعة جيدة ساعدته فى تسهيل الحصول على التمويل، لافتا إلى أن بعض هذه الشروط قد تمثل تحديا أمام الشركات الصغيرة التى لا تمتلك نفس الحجم من الأعمال أو السجل الائتمانى.
وقال مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن مفهوم الجدارة الائتمانية لا يقتصر على مجرد رقم أو تصنيف تمنحه البنوك، بل هو انعكاس حقيقى لسلامة الوضع المالى للشركة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
أضاف أن الجدارة الائتمانية تقاس بمجموعة من المؤشرات المترابطة، بداية من المركز المالي للشركة، وحجم أصولها وحقوق ملكيتها، مرورا بنتائج أعمالها وربحيتها والسيولة النقدية المتوفرة لديها، وصولا إلى مستوى قدرتها على إدارة التزاماتها قصيرة وطويلة الأجل.
وتابع:” عندما يقال إن شركة ما تتمتع بجدارة ائتمانية مرتفعة، فهذا معناه أنها مؤهلة للحصول على خطوط ائتمان وتسهيلات مصرفية بشروط أفضل، والعكس صحيح بالنسبة للشركات التى تعانى من ضعف مؤشرات الأداء المالي”.
وأشار شفيع، إلى أن العوامل الاقتصادية الكلية تؤثر بشكل مباشر على هذه المعادلة، فالتضخم على سبيل المثال لا يقف عند حدود ارتفاع أسعار السلع فقط، بل يدخل فى دورة النشاط الاقتصادي برمتها. فإذا ارتفعت أسعار مواد البناء بشكل كبير، فإن أسعار العقارات سترتفع بالضرورة، ومعها تتراجع قدرة العملاء على الشراء، مما يقلل حجم الطلب وبالتالى تتأثر إيرادات شركات التطوير العقاري، ثم تراجع الأرباح .. وهو ما ينعكس مباشرة على مؤشرات الجدارة الائتمانية لهذه الشركات، حيث تجد نفسها فى موقف أضعف عند التوجه للبنوك لطلب قروض جديدة.
ولفت إلى أن أسعار الفائدة تعد عاملا آخر شديد الأهمية، فهى تمثل تكلفة مباشرة على أى تمويل مصرفى تحصل عليه الشركات.
وأوضح أن تأثير الفائدة ليس واحدا على جميع القطاعات، فبينما تمثل عبئًا على الشركات التي تعتمد على الاقتراض بشكل كبير، فإنها قد تحقق فائدة لشركات أخرى تستثمر فوائضها المالية فى أدوات الدين أو الودائع.
وأضاف: “لا يمكننا أن نعمم تأثير الفائدة، فهى قد تكون إيجابية في بعض القطاعات وسلبية فى أخرى، لكن المؤكد أنها عنصر رئيس يحدد حجم تكلفة التمويل وبالتالى قدرة الشركة على التوسع”.
وحول كيفية تعامل الشركات مع تراجع تصنيفها الائتماني، قال شفيع إن هذا الأمر من أعقد التحديات التى تواجه أى مؤسسة، خاصة إذا كان السبب مرتبطا بظروف اقتصادية خارجية مثل التضخم أو تقلبات أسعار الصرف، وهى عوامل لا تستطيع الشركات التحكم فيها بشكل مباشر.
أضاف أن الحل لا يكون فى التوقف أو الاستسلام، بل فى البحث عن بدائل تمويلية متنوعة، موضحا أن التمويل لم يعد يقتصر على القروض البنكية أو إصدار السندات، وإنما ظهرت أدوات أخرى مثل الشراكات الاستثمارية أو التمويل عبر زيادة رأس المال، رغم ما قد يمثله ذلك من تكلفة مرتفعة على المساهمين.
ودعا الشركات إلى التفكير فى حلول طويلة الأجل من خلال معالجة مواطن الضعف داخل هياكلها المالية والتشغيلية، قائلا : “إذا كان لدى الشركة خلل في إدارة السيولة، أو ارتفاع غير مبرر في حجم المديونيات، أو ضعف في معدلات الربحية، فلابد أن تبدأ أولًا بإصلاح هذه الثغرات. إعادة الهيكلة المالية وتحسين الكفاءة التشغيلية هما الطريق لتأهيل الشركة مستقبلاً للحصول على قروض بشروط أفضل، وتحسين جدارتها الائتمانية تدريجيًا”.
وشدد على أن البنوك لا تتعامل مع جميع الشركات بالمعايير نفسها، بل تميز بين الشركات وفقًا لمستوى الجدارة الائتمانية. فالشركات ذات التصنيف المرتفع تحظى بتسهيلات وأسعار فائدة أقل، بل وتعامل على أنها عملاء استراتيجيون، في حين تواجه الشركات ذات الجدارة المنخفضة صعوبة في الحصول على التمويل أو تتحمل تكلفة تمويل أعلى، مضيفًا أن الجدارة الائتمانية ليست مجرد ملف بنكي، بل هي انعكاس مباشر لقوة الشركة أو ضعفها في السوق.
كتبت – سهيلة محمد وسهيلة إبراهيم:
0 تعليق