أحدثت هجمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قطاع الطاقة المتجددة حالة من الفوضى، وآثارت مخاوف في الصناعة من أن الولايات المتحدة قد تجد صعوبة في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة اللازمة لثورة الذكاء الاصطناعي.
ووفقاً لبيانات “أطلس بابليك بوليسي” عبر مؤشر “كلين إيكونومي تراكر”، جرى إلغاء مشروعات طاقة نظيفة بقيمة 18.6 مليار دولار هذا العام، مقارنة بـ827 مليون دولار فقط في 2024، كما تراجعت الإعلانات الاستثمارية بنسبة تقارب 20% إلى 15.8 مليار دولار هذا العام، مقابل 20.9 مليار دولار في الفترة نفسها من 2024.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، ألغى ترامب الاعتمادات الضريبية والمنح والقروض التي وفرتها إدارة جو بايدن للطاقة المتجددة، كما صعب الحصول على تراخيص لمشروعات الرياح والطاقة الشمسية، وفرض القيود على الشركات التي تهيمن الصين على سلاسل إمدادها.
يرى خبراء القطاع أن الطلب على الطاقة لتغذية طفرة الذكاء الاصطناعي سيواصل النمو، غير أن الولايات المتحدة تخاطر بإلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها بقطاع الطاقة المتجددة، الذي يُعد غالباً الأرخص والأسرع في التنفيذ.
وقال أدفايت أرون، محلل السياسات في “مركز المشروعات العامة”: “يمكن بناء وربط مشروعات الطاقة المتجددة خلال عام أو عامين بطريقة تلبي جداول شركات مراكز البيانات، وإذا تجاهلت الطاقة المتجددة فأنت تغفل جزءاً أساسياً من المعادلة”.
وشهد القطاع موجة من حالات الإفلاس، إذ أفادت بيانات “بانكربسي داتا” بأن 11 شركة تقدمت بطلبات إفلاس منذ بداية العام.
وعندما أعلنت شركة “تي بي آي كومبوزيتس” المصنعة لشفرات توربينات الرياح إفلاسها في 11 أغسطس، كتب الرئيس التنفيذي وليام سيويك أن “الإدارة التنفيذية للولايات المتحدة تبذل جهداً كبيراً للتخلص من الدعم المجدي للطاقة المتجددة”.
وقالت متحدثة باسم وزارة الطاقة، إن الوزارة “تستفيد من جميع أشكال الطاقة الموثوقة والآمنة لضمان قدرة الولايات المتحدة على الفوز بسباق الذكاء الاصطناعي وإعادة التصنيع”.
واتجه المطورون لخوض سباق المشروعات التي تعتمد على الاعتمادات الضريبية قبل انتهاء أجلها، إذ أصدرت وزارة الخزانة في 15 أغسطس قواعد أكثر صرامة تحدد أي المشروعات يمكنها استخدام الاعتمادات حتى 2030.
وتتطلب التوجيهات الجديدة أن تبدأ المشروعات أعمالاً فعلية مثل تركيب الألواح الشمسية أو بناء طرق الوصول بحلول يوليو 2026.
تأثر قطاع الطاقة الشمسية المنزلية بشكل خاص بخفض الاعتمادات الضريبية، إذ ستنتهي حوافزه تماماً لاحقاً هذا العام، وقدرت شركة الاستشارات “وود ماكينزي” أن هذه التغييرات قد تخفض التركيبات المنزلية بنسبة تصل إلى 46% حتى نهاية 2030.
وقال كريس هوبر، الرئيس التنفيذي لشركة “أورورا سولار”، إن خفض الاعتمادات الضريبية في “القانون الكبير والجميل” لترامب قد يدفع إلى هروب من القطاع، وأضاف: “سنفقد التقدم مع مغادرة العاملين وخسارة رأس المال والثقة”.
وعلى المستوى المحلي، أظهرت بيانات حصلت عليها صحيفة “فاينانشيال تايمز” حصرياً من مجموعة “كلين تومورو” المؤيدة للطاقة المتجددة، أن أكثر من ثلث مشاريع القوانين التي نوقشت هذا العام بشأن تقنيات الطاقة المتجددة سعت لتقييد نشرها، لكن لم يُقر سوى 5% منها بسبب الانقسام الحزبي والدعم المحلي.
كما تواجه الشركات الكبرى قيوداً متزايدة على التصاريح وتدخلاً في المشروعات أدى إلى تأخيرات وارتفاع التكاليف.
في يناير، جمد ترامب عقود تأجير طاقة الرياح والشمس في الأراضي الفيدرالية، لكن الإعلان الجديد قد يطال مشروعات على أراضٍ خاصة إذا تداخلت أو شاركت البنية التحتية مع الأراضي العامة.
وتوقعت “بلومبرج إن إي إف” أن تبلغ إضافات طاقة الرياح البرية بحلول 2030 نحو 30 جيجاوات، أي أقل بنسبة 50% من التقديرات السابقة للقانون.
فيما أظهرت بيانات شركة “كيروس” المتخصصة في الاستخبارات البيئية أن تركيبات الطاقة الشمسية على نطاق المرافق انخفضت بنسبة 44% يومياً منذ انتخاب ترامب.
يمثل هذا الاضطراب خطراً مالياً حقيقياً على الشركات، فقد أعلنت شركة “أورستد” الدنماركية أن المخاطر “المتصورة” على القطاع جعلت من المستحيل بيع أو تمويل مشروع “صن رايز ويند”، ما دفعها إلى جمع 9.4 مليار دولار عبر إصدار حقوق أولوية.
زادت صعوبة الحصول على المعدات بسبب بنود “الكيانات الأجنبية المثيرة للقلق” في القانون، التي تعاقب استخدام المواد من شركات في دول خصوم.
فقد استوردت الولايات المتحدة 13 مليار دولار من الخلايا الشمسية في 2024 من الصين وتايلاند وإندونيسيا وفيتنام وماليزيا، التي أصبحت مراكز تصنيع لشركات مملوكة للصين.
0 تعليق