السليمانية تحت النار.. إلى أين يتجه أمن كردستان العراق؟

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السليمانية تحت النار.. إلى أين يتجه أمن كردستان العراق؟, اليوم السبت 23 أغسطس 2025 10:32 صباحاً

اعتقال يتحول إلى مواجهة مسلحة

ليلة دامية عاشتها السليمانية، حيث أسفرت الاشتباكات التي رافقت عملية اعتقال لاهور شيخ جنكي عن سقوط 3 قتلى ونحو 20 جريحاً، في حصيلة أولية أثارت قلقاً داخلياً وخارجياً.

فقد أكد مصدر أمني عراقي أن قوات الأمن تمكنت من اعتقال شيخ جنكي واثنين من أشقائه، تنفيذاً لمذكرة قضائية مرتبطة بقضايا أمنية ونظام عام.

غير أن العملية لم تمر بهدوء، إذ واجهت القوات مقاومة مسلحة شرسة من مرافقيه، سرعان ما تحولت إلى اشتباكات عنيفة في أحياء المدينة، خصوصاً في منطقة سرشنار شمال غرب السليمانية، حيث كان يتمركز مع أنصاره.

وتنفيذاً لأمر قضائي، تحركت قوات كبيرة لتنفيذ الاعتقال، لكنّ لاهور شيخ جنكي نفى تلقيه أي استدعاء رسمي للمثول أمام القضاء، وهو ما أثار جدلاً إضافياً بشأن شرعية العملية ودوافعها السياسية.

تحذيرات من أربيل وبغداد

لم تمر التطورات من دون ردود سياسية سريعة. فقد حذر رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، من أن اشتباكات السليمانية تهدد أمن الإقليم واستقراره، داعياً جميع الأطراف إلى وقف العنف فوراً.

أما بغداد، فأكدت في بيان رسمي ضرورة التزام الجهات المعنية بتنفيذ الإجراءات القانونية وفق القنوات القضائية، مشددة على أن الدولة لن تدخر جهداً لدرء الفتنة وتعزيز السلم المجتمعي في السليمانية، في رسالة واضحة بأن المركز يراقب المشهد عن كثب.

القلق الدولي يدخل على الخط

ردود الفعل لم تقتصر على الداخل العراقي، بل تجاوزته إلى المجتمع الدولي. الولايات المتحدة أكدت أن بعثتها في العراق تتابع الوضع "عن كثب"، رافضة أي أعمال عنف تهدد السلامة العامة والاستقرار، وحثت جميع الأطراف على ضبط النفس.

من جهتها، أعلنت تركيا اتخاذ إجراءات لحماية رعاياها في السليمانية، في مؤشر على خطورة الوضع واحتمال انزلاقه إلى صراع أكبر ينعكس على المصالح الإقليمية.

صراع قديم يتجدد

الحدث يعيد إلى الأذهان الانقسام التاريخي داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الذي كان لاهور شيخ جنكي وبافل طالباني يتقاسمان قيادته حتى عام 2021، قبل أن ينفجر الخلاف بينهما.

الخلاف تطور حينها إلى إقصاء لاهور من القيادة، إثر اتهامات خطيرة من بينها محاولة تسميم بافل طالباني، لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرته السياسية انتهت بتأسيسه حزب جبهة الشعب.

هذا الحزب الناشئ شكل تحدياً حقيقياً للاتحاد الوطني، خاصة بعد نجاحه في حصد مقعدين في انتخابات 2024 داخل معقل الحزب الأم في السليمانية.

وعليه، فإن اعتقاله اليوم يعيد السؤال: هل نحن أمام تطبيق للقانون، أم تصفية حسابات سياسية مغلفة بغلاف قضائي؟

رأي الحزب الديمقراطي الكردستاني

خلال مداخلة في برنامج "التاسعة" على قناة "سكاي نيوز عربية"، قدّم وفا محمد، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، رواية تفصيلية عن خلفيات الأزمة.

أوضح محمد أن لاهور شيخ جنكي كان شخصية قيادية بارزة داخل الاتحاد الوطني، حصل على أعلى الأصوات في المؤتمر الرابع، وتولى رئاسته المشتركة إلى جانب بافل طالباني. لكنه تعرض لاحقاً للطرد مرتين، الأولى عام 2021 بعد اتهامات بمحاولة اغتيال طالباني، والثانية بشكل نهائي في المؤتمر الخامس عام 2023.

وأضاف أن شيخ جنكي احتفظ بعد ذلك بقاعدة مسلحة تحت مسمى لواء الأقرب، يضم نحو 300 عنصر موالٍ له، فضلاً عن أنه أحد مؤسسي جهاز مكافحة الإرهاب في السليمانية، ما جعله يتمتع بقوة ونفوذ عسكري لا يستهان به.

وبحسب وفا محمد، فإن اشتباكات سرشنار جاءت نتيجة مباشرة لهذا النفوذ المسلح، إذ واجه مرافقيه القوات الأمنية بأسلحة مماثلة لتلك التي تمتلكها أجهزة الأمن الرسمية، وهو ما يثير خطراً جدياً بوجود "أسلحة منفلتة" حتى داخل الإقليم المعروف بانضباطه الأمني مقارنة بمناطق أخرى من العراق.

أبعاد عائلية وسياسية متشابكة

المسألة بالنسبة إلى المراقبين ليست سياسية فقط، بل تحمل بعداً عائلياً أيضاً. فالعائلتان الطالبانية والشيخ جنكي تنتميان إلى بيت سياسي واحد، ولطالما لعبتا دوراً محورياً في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني.

هذا التشابك بين السياسة والعائلة يعقد الأزمة، إذ يصعب الفصل بين الحسابات الشخصية والخلافات الحزبية، ما يجعل أي إجراء قضائي أو أمني يبدو مشوباً بشبهة التصفية الداخلية.

إرث الانقسامات الكردية

الأحداث الحالية ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانقسامات التي عرفها المشهد الكردي. ففي عام 2009، قاد نوشيروان مصطفى حركة التغيير بعد انشقاقه عن الاتحاد الوطني، مستقطباً نصف قاعدته تقريباً، ليصبح الحزب الثاني في الإقليم.

هذه الخلفية توضح أن كردستان العراق لم تكن يوماً بمنأى عن الصراعات الداخلية، بل ظلت الانقسامات السياسية سمة متكررة تعكس تناقضات بين خطاب الإصلاح والديمقراطية من جهة، وبين نزعة الزعامة والسيطرة من جهة أخرى.

الأمن بين القانون والفوضى

تبقى المسألة الأهم اليوم هي أمن الإقليم. فكما قال وفا محمد، فإن وجود أسلحة خارج سيطرة الدولة حتى لو كانت خفيفة، يشكل خطراً على الاستقرار. صحيح أن الوضع في كردستان العراق لا يصل إلى مستوى الفوضى في باقي العراق، حيث تنتشر الأسلحة الثقيلة خارج الدولة، لكن استمرار وجود مليشيات حزبية أو ولاءات مسلحة يهدد بتحويل أي خلاف سياسي إلى صراع دموي.

إلى أين يتجه أمن كردستان العراق؟

السليمانية اليوم تقف عند مفترق طرق: فإما أن تتحول الحادثة إلى نقطة انطلاق لترسيخ دولة القانون في الإقليم، وإما أن تغرق في دوامة صراع داخلي جديد يعيد للأذهان الانقسامات القديمة.

ورغم محاولات أربيل وبغداد احتواء الموقف، إلا أن القلق الدولي، وخاصة الموقف الأمريكي المتابع عن كثب، يكشف أن تداعيات الأزمة قد تتجاوز حدود السليمانية لتؤثر على صورة كردستان العراق كمنطقة آمنة نسبياً في محيط عراقي مضطرب. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق