وصل الموفد الأميركي توم برّاك مساء أمس إلى مطار بيروت الدولي، ترافقه نائبته مورغان أورتاغوس، مشحونان بضغط أميركي بعدم التراجع عن نزع سلاح "حزب الله"، فيما يفترض أن يحملا معهما رداً إسرائيلياً على ورقة المقترحات الأميركية وملاحظات لبنان عليها، والتي في ضوئها اتخذ مجلس الوزراء قراره بحصرية السلاح بيد الدولة وفق جدول زمني. ومن المتوقع أن تتطرّق محادثاتهما مع المسؤولين اللبنانيين إلى موضوع تجديد انتداب قوات "اليونيفيل" العاملة في الجنوب خصوصاً لسنة جديدة، حيت انّ ولايتها الحالية تنتهي في 31 من الجاري، وستبدأ الاجتماعات حولها في الأمم المتحدة اليوم تمهيداً للتصويت عليها في مجلس الأمن الدولي الاسبوع المقبل، في ظل انقسام دولي في الموقف بين داعٍ إلى تحويلها قوة رادعة او إنهاء مهماتها، وآخر داعٍ إلى إبقائها على ما عليه.
بعدما كان مقرّراً وصوله اليوم، فاجأ الموفد برّاك الجميع بوصوله مساء أمس إلى مطار بيروت الدولي، حيث استقبله نائب مدير المراسم في وزارة الخارجية اللبنانية القنصل رودريغ خوري.
وفيما يُنتظر أن يكون برّاك قد حمل معه الردّ الإسرائيلي على الورقة الأميركية التي وضع لبنان ملاحظاته عليها، نُسب إلى مصادر أميركية مطلعة قولها بعد وصوله، إنّ زيارته لبنان ترافقه مساعدته مورغان أورتاغوس "لا تأتي في سياق بروتوكولي، بل على وقع تسريبات كشفت أنّ واشنطن رفعت منسوب الضغط على لبنان إلى الحدّ الأقصى".
وذكرت هذه المصادر، لصحيفة "الجمهورية" أنّ برّاك وأورتاغوس قد شاركا في سلسلة اجتماعات سياسية ديبلوماسية وعسكرية عُقدت في باريس، قبل توجههما إلى بيروت، وعشية انعقاد جلسة في نيويورك اليوم مخصصة لملف التمديد لقوات «اليونيفيل» العاملة في الحنوب، وذلك قبل التصويت النهائي الأسبوع المقبل.
وقالت المصادر الأميركية، إنّ برّاك وأورتاغوس يجسّدان خطة واحدة بأسلوبين مختلفين داخل الإدارة: الأوّل أكثر ليونة، والثانية بخطاب صارم، موضحة "أنّ حضورهما المشترك اليوم هو رسالة مفادها أنّ واشنطن تريد الجمع بين الضغط والترغيب". وأكّدت أنّ زيارتهما للبنان "تأتي ردّاً مباشراً على زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، للتأكيد أنّ القرار في لبنان لا يُصاغ في طهران".
وأشارت مصادر أميركية أخرى، إلى أنّ "واشنطن تعمّدت برمجة الزيارة بعد أيّام من زيارة لاريجاني لبيروت، كإشارة واضحة إلى أنّ لبنان ساحة تنافس نفوذ مفتوحة، وأنّ واشنطن لن تترك فراغاً لإيران". وأوضحت انّ "هدف الزيارة مزدوج؛ الأوّل هو الضغط على الحكومة اللبنانية لوضع خطة واضحة بآلية التنفيذ، وعلى الدولة أن تطلب من القوات الدولية مؤازرة الجيش اللبناني، استناداً إلى الفقرة 12 من القرار 1701، وعلى كل الأراضي اللبنانية إذا دعت الحاجة، مع دعم قرارات مجلس الوزارء الأخيرة في الوقت نفسه. والثاني، التأكيد أنّ ملف قوات «اليونيفيل» وتجديد ولايتها سيبقى تحت عين واشنطن، ولن يُترك للمساومة بين طهران وبيروت".
وإلى ذلك، وفي خضم الخلاف الداخلي الذي يبدو متفاقماً حول حصرية السلاح، والذي تسعى القوى السياسية إلى حصره بما يجنّب البلد انفجاراً سياسياً وأمنياً مريعاً، ثمة مخاوف من الخطر الداهم من وراء الحدود.
وحذّرت مصادر ديبلوماسية عبر "الجمهورية" من استغلال إسرائيل الثغرة الداخلية لتنفيذ مغامرة عسكرية لا ضدّ الحزب وحده، بل ضد مصالح الدولة اللبنانية عموماً، سعياً إلى الضغط عليها من أجل حسم الخيارات. ويمكن أن تبدأ هذه المغامرة في الجنوب لكنها تتمدّد لتشمل مناطق لبنانية عدة، كما كان الأمر في خلال حرب الـ11 شهراً. ويزيد من المخاوف تلويح إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، بالوقوف في مواجهة التمديد الروتيني لقوات الطوارئ العاملة في الجنوب. وتجزم المصادر بأن لا فرص حقيقية لاستمرار عمل هذه القوات بالشروط التي سادت على مدى عقود، لأنّ واشنطن ترغب فعلاً في تبديل الدور الذي تؤديه، ليكون أكثر فاعلية وأوسع انتشاراً، على رغم الاعتراضات اللبنانية الرسمية.
0 تعليق