د. الخشت يناقش إشكالية الصراع بين عقل التقليد وعقل التجديد في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025

السبورة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في إطار فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، ألقى الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة السابق وعضو المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، محاضرة فكرية متميزة بعنوان: "العقل الجامد والعقل الفعال وإشكالية تجديد الخطاب الديني"، ضمن برنامج علمي وفكري أشرف عليه المفكر الإماراتي الدكتور خليفة الظاهري، مدير الجامعة.

تحليل عميق لصراع العقل العربي بين الجمود والتجديد

سلّط الدكتور محمد عثمان الخشت الضوء على واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا في الفكر العربي المعاصر، وهي إشكالية تجديد الخطاب الديني، من خلال تحليل بنيوي عميق للتباين بين نمطين معرفيين متصارعين:

العقل التقليدي الجامد: الذي يقوم على النقل الحرفي والاتباع دون مساءلة، وهو النمط الذي ساد لقرون طويلة في الفقه والكلام، مغيّبًا دور العقل وفاعليته.

العقل الفعال أو المجدد: الذي ينفتح على العلوم الحديثة وتحولات الواقع، ويسعى إلى تجديد فهم النصوص الدينية في ضوء القيم الكلية ومقاصد الشريعة.

وأوضح أن الأزمة الراهنة ليست مجرد خلافات سطحية، بل صراع معرفي عميق بين الماضي الجامد والمستقبل المتحرك، بين نماذج تفسيرية مغلقة، ومقاربات تأويلية تسعى إلى عقلنة الدين دون أن تمس جوهره وثوابته.

دور الهرمنيوطيقا الحديثة في التأويل المعاصر

من أبرز محاور المحاضرة كان دور علم الهرمنيوطيقا (علم التأويل الحديث) كأداة منهجية لفهم النصوص الدينية بشكل يتفاعل مع المتغيرات الاجتماعية والسياسية. وبيّن الدكتور الخشت أن التأويل المعاصر يعتمد على مناهج فلسفية ولسانية ونفسية واجتماعية، بخلاف التأويل التراثي الذي كان محصورًا في الإطار اللغوي والفقهي.

ووفقًا لرؤيته، فإن هذا المنهج يسمح بإعادة قراءة النصوص ضمن سياقاتها التاريخية واللغوية والمعرفية الأصلية، مما يسهم في إنتاج فهم ديني إنساني وعقلاني، قادر على مواكبة تحديات الدولة الوطنية الحديثة والتحولات العالمية.

الدولة الوطنية كإطار للحماية من التطرف

أكد الدكتور محمد عثمان الخشت أن الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية تمثل الإطار الأهم لحماية المجتمعات من الانقسام والفوضى. فهي تضمن سيادة القانون ومرجعية الدستور، وتؤسس لمجتمع جامع يُعلى من قيم العدل والحرية، ويحمي المواطنين من التطرف الديني والطائفي.

وأشار إلى أن أي محاولة لتجديد الخطاب الديني يجب أن تكون متجذّرة داخل مشروع الدولة الوطنية، وإلا ستكون عرضة للفوضى أو الاستغلال السياسي والديني.

دعوة لقطيعة معرفية مع التقليد

في ختام المحاضرة، دعا الدكتور محمد عثمان الخشت إلى قطيعة معرفية مع أنماط التفكير التقليدي المغلق، مشددًا على ضرورة تبني رؤية عقلانية تأويلية جديدة تنطلق من النص القرآني والنبوي، لكنها تنفتح في قراءتها على الواقع، وتستفيد من علوم العصر وأدوات التحليل الحديثة.

وقد حظيت المحاضرة بتفاعل واسع من الجمهور الحاضر، الذين شاركوا في نقاشات فكرية عميقة تناولت مستقبل الخطاب الديني، وإمكانية بناء فكر ديني جديد يستجيب لأسئلة القرن الحادي والعشرين، دون أن يفقد أصالته أو مقاصده الكبرى.

805a220412.jpg
الدكتور محمد عثمان الخشت
63261984c1.jpg
الدكتور محمد عثمان الخشت

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق