نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يريدون سوريا قلبًا لهم, اليوم الاثنين 24 مارس 2025 03:41 صباحاً
نشر بوساطة عبد الله الجديع في الوطن يوم 24 - 03 - 2025
بعد انتصار الشَّعب السُّوري وهروب بشار الأسد، استبق الرئيس السُّّوري أحمد الشَّرع التخمينات والتخوف برسائله السِّياسية بأنَّ سوريا لن تكون أفغانستان، وأنَّ الثورة انتهت، وأنَّ أولويتهم في الوقت الحالي هي إعادة بناء الدولة السُّورية، ولم يكن يرسل رسائله هذه إلى دول العالَم فحسب، بل كان يفقأ بها فقاعة الأحلام الإخوانية التي تعوِّل على سوريا، وتريدها قلبًا لهم، دون أن تكون قلوبهم عليها، ومع بداية استقبال الوفود إلى سوريا انهمرت الشَّخصيات الإخوانية لتظهر حرصها على الشَّعب السوري، وهي التي ضحكت اليوم في وجوههم، وكانت من قبل تربت على أكتاف خصومهم، فاستقبلتهم سوريا مضيافة لمن زارها، لكنَّ التنبه لمن يتربَّص بمشروع الدَّولة السورية يبقى هو الأهم على المدى البعيد.
فحين اندلعت الحرب الأفغانية السوفيتية (1979-1989) كان الإخوان لا يظهرون في العلَن إلا الحرص على الشَّعب الأفغاني، والتباكي على جراحهم في حرب طاحنة شنَّها الاتحاد السُّوفيتي، وكان الإخوان يقولون: إنهم لا يريدون إلا الدفاع عن الأفغان، وتحقيق استقرارهم، وكانتْ الوفود التي زارت أفغانستان بعد انسحاب القوات المحتلة منه كبيرة بعد خروج الاحتلال، وأعلنوا عن حملاتهم المعهودة عن التبرعات وإعادة الإعمار، وتحت هذا المسمى كانوا ينشرون شبكاتهم في أفغانستان وباكستان، ثم ظهرت نتيجة ما نشروه في أفغانستان من أفكار سيّد قطب بما حولها لقاعدة تابعة لمصالح الميليشيات والجماعات التي استعرت فيها، بما جرَّ على الأفغان حربًا جديدة بعد 11-9-2001، وصدَّر اسمها كبلد مصدِّر للإرهاب في العالَم، وبعد انسحاب القوات الأمريكية زار وفد مما يسمى بالاتحاد العالمي، وهو تجمع إخواني، أفغانستان فهم قوم لا يندى لهم جبين عن سابق ما اقترفوه.
على أنَّ ماضيهم في سوريا ليس خفيًا، إذ هو قريب عهد بالمتابعين، فقد كانوا مع صعود نجم محور إيران وتصدُّر أخباره وكالات الأنباء العالمية، يعلنون مواقفهم على حساب الشعب السُّوري، بل إنَّه ليس من المبالغة إن قيل بأنَّ التسويق للمشروع الإيراني في المنطقة لم يكن له أن يمر دون جماعة الإخوان، ولا ننسى أنَّ علي خامنئي نفسه ترجم أربعة كتب لسيد قطب، وأنَّ الإخوان هم الذين منحوا حزب الله شرعية كبرى في حرب 2006، وهي التي مهدت لاحقًا لدخوله في سوريا، ومع حرب غزة الأخيرة 2023 كانوا منحازين إلى إيران، فمحمد الصغير الذي زار سوريا بعد انتصارها مهنئًا، هو نفسه الذي نشر في مجلة بهيئة تدعى هيئة أنصار النبي صلى الله عليه وسلم مقالًا بعنوان: (حسن نصرَ غزة)، ووضاح خنفر كان يقول إنَّ كلَّ كلمة عن الجرائم التي ارتكبتها إيران في سوريا إنما هي «دعاية صهيونية» ثم بعد الانتصار زارها مهنئًا، أما أحمد السيد الذي جعل من موقفه المنحاز لحسن نصر الله موقفًا شرعيًا فقد خرج هو ورفيق دربه عبد الله العجيري بنظرية تقول بأنَّ المشروع الإيراني ليس أخطر من المشاريع التي تحاربها إيران! ومع ذلك كلهم صار يهنئ السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد.
إنَّ ما يريده هؤلاء وإن أظهروا الحرص على السُّوريين أن يحوِّلوا سوريا إلى قلبٍ لهم، بدل أن تكون في قلوبهم، بإعادة ما افتعلوه في أفغانستان وفق نظرتهم للأوطان، فمن ينسى كلمة مرشد الإخوان في مصر وهي مسجلة بالصوت والصورة محمد مهدي عاكف، حين نالَ من مِصر؟ أو كلمة عبد الله النفيسي الذي فلسفَ نظرتهم إلى الأوطان على أنها محطة تزود بالوقود لا أكثر، أو كلمات سيد قطب الذي تعامل مع الوطن على أنه وشائج أرضية، وحظائر كتلك التي تحجز الأنعام! إنهم ينظرون إلى سوريا وفق هذا المنظور، ولا يرونها إلا كفرصة لاستقطاب السوريين، واستغلالها لمصالحهم لا لمصالحها، فلا شيء في معجمهم السّياسي ينظر إليها على أنها وطن ودولة تحتاج إلى بناء واقتصاد وعلاقات دولية وإعادة إعمار حقيقي.
مع التفهم الكامل لحرص سوريا على انفتاحها على زوارها بعد أعوام من الجرائم التي ارتكبت في أرضها، لكنَّ الوعي بخطورة تلك المشاريع التي تسعى لحرف السوريين عن بناء بلدهم إلى أخرى تجعلهم وقودًا لمشاريع عابرة للحدود والقارات لا تعرف للدولة معنى خدمة للمصالح الإخوانية، هي من أولى أولويات الشَّعب السوري، الذي عليه أن يتكاتف مع حكومته وفق هذا الوعي، وفق الله سوريا لكل خير، وحفظها من كيد المتربصين بها.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق