كشف تقرير صحفي جديد عن تحوّل جذري في ثقافة شركات التقنية الكبرى والناشئة، حيث بدأت تتخلى عن سياسة التدليل والمزايا السخية التي اشتهرت بها لسنوات طويلة، لتفرض بدلاً منها نهجاً أكثر صرامة وكثافة في العمل.
وتشير التقارير إلى أن موجة التغيير هذه جاءت نتيجة لثلاثة عوامل رئيسية: الضغوط الاقتصادية المتزايدة، وانتهاء طفرة فترة الجائحة، والمناخ السياسي الداعم لمزيد من الكفاءة في بيئة العمل.
حتى الرؤساء التنفيذيون الذين كانوا يتباهون بتوازن الحياة والعمل، بدأوا في تغيير خطابهم. فعلى سبيل المثال، كان توبي لوتكه، الرئيس التنفيذي لشركة «شوبيفاي» التي تبلغ قيمتها 125 مليار دولار، يفتخر سابقاً بأنه نادراً ما يعمل أكثر من 40 ساعة أسبوعياً، لكنه كتب مؤخراً: «أنا أعمل 10 ساعات على الأقل يومياً والكثير من عطلة نهاية الأسبوع… لا أريد أن يضلل الناس».
ومنذ نهاية عام 2022، نفذت الشركات التقنية العملاقة موجات غير مسبوقة من التسريحات. فقد سرّحت ميتا و أمازون و جوجل و مايكروسوفت مجتمعة أكثر من 60 ألف موظف خلال تلك الفترة. واستمرت موجات التسريح بوتيرة ثابتة عبر القطاع منذ ذلك الحين، حتى أصبحت شائعة لدرجة أن موظفي جوجل بدأوا في جمع معلومات عن التسريحات في مستند داخلي مشترك.
وتعكس تصريحات المديرين التنفيذيين هذا التحوّل الحاد. فقد أعلنت ميتا في يناير الماضي عن تسريح حوالي 5% من القوى العاملة (نحو 4000 موظف) لـ«رفع مستوى إدارة الأداء»، كما كتب مارك زوكربيرج في مذكرة داخلية. وفي شركة أمازون، فُرض على الموظفين العودة إلى مكان العمل خمسة أيام في الأسبوع، وهي سياسة أكثر صرامة مما كانت عليه قبل الجائحة.
حتى شركة مايكروسوفت، التي كانت توصف سابقاً بأنها «نادٍ للأثرياء» بسبب ثقافتها المرنة، أقدمت على تسريح 2000 موظف ممن اعتبرتهم ذوي أداء منخفض، وأنهت مزاياهم الصحية في نفس اليوم دون منحهم تعويضات نهاية الخدمة.
أما جوجل، التي كانت رائدة في تقديم مزايا مثل وجبات الغداء المجانية، فقد شرعت في «حملة كفاءة» شاملة. وقد أوصى سيرجي برين، المؤسس المشارك للشركة، بأن يعمل الموظفون المشاركون في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي «جيميني» لمدة 60 ساعة أسبوعياً والحضور إلى المكتب «على الأقل كل يوم عمل».
وقد كافأت سوق الأسهم هذه التوجهات الجديدة، حيث ارتفعت أسعار أسهم الشركات التقنية الكبرى بشكل ملحوظ منذ عام 2022، مما شجع المزيد من الشركات على تبني هذا النهج.
وامتد هذا التأثير أيضاً إلى الشركات الناشئة، التي بدأت تتخلى عن المزايا السخية والعمل عن بُعد، متأثرة بنهج الشركات الكبرى. وقال أحد مؤسسي الشركات الناشئة: «أعتقد أن الكثير من الأفراد – بمن فيهم المؤسسون – فقدوا رؤية الهدف الحقيقي للشركة، وهو جني المال».
ويشير خبراء التوظيف إلى أن المؤسسين أصبحوا أكثر صراحة مع موظفيهم. وقال ناتان فيشر، مدير شركة توظيف متخصصة: «المؤسسون لا يجملون الأمر. لقد أخبر بعضهم موظفيهم أنهم لا يعملون بجدية كافية».
ويبدو أن الرسالة وصلت إلى الموظفين واضحة: انتهى عصر الرفاهية والمرونة، وحل محله عصر جديد من الكفاءة والإنتاجية المكثفة، في تحول قد يعيد تشكيل صناعة التقنية بأكملها في السنوات القادمة.
بواسطة
Business Insiderتابع عالم التقنية على
0 تعليق