3 تريليونات دولار رهن سؤال محوري: هل ينتهي عصر “الشنشيلة” في صناعة الذكاء الاصطناعي؟

عالم التقنية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

تقف صناعة الذكاء الاصطناعي عند مفترق طرق تاريخي قد يحدد مصير استثمارات بقيمة 3 تريليونات دولار، وكل ذلك متعلق بمصير نموذج “الشنشيلة”، ليس الحيوان اللطيف ذو الفرو الناعم، بل الاستراتيجية التي غيرت قواعد اللعبة في تطوير النماذج الذكية العملاقة.

معادلة “الشنشيلة”… النهج الذي أشعل الثورة

قبل خمس سنوات، اكتشف باحثو شركة OpenAI معادلة ثورية: كلما زادت القوة الحاسوبية وكميات البيانات المستخدمة في تدريب النماذج، كلما تحسّنت قدراتها بشكل ملحوظ. وسرعان ما عزز باحثو جوجل هذا المفهوم عندما طوروا نموذجاً أطلقوا عليه اسم “شنشيلة”، أثبت أن إضافة المزيد من البيانات يحقق نتائج أفضل.

هذا الاكتشاف أدى إلى ميلاد النماذج اللغوية العملاقة مثل “GPT-4” التي تدعم أدوات قوية كـ “تشات جي بي تي“. لكن السؤال المحوري اليوم: ماذا لو أصبحت هذه الاستراتيجية غير مجدية في المستقبل؟

سباق البنية التحتية يلتهم التريليونات

دفعت استراتيجية “الشنشيلة” شركات التقنية إلى ضخ استثمارات هائلة في البنية التحتية. عبر الولايات المتحدة وخارجها، تتسابق الشركات على بناء مراكز بيانات ضخمة مكتظة بمعالجات إنفيديا المتخصصة، في أكبر موجة تحديث للبنية التحتية في تاريخ القطاع التقني.

فريق من المحللين بقيادة روس ساندلر من “باركليز كابيتال” قدّر الفارق بين المستقبلين المحتملين:

  • مستقبل “الشنشيلة”: استمرار النهج الحالي المعتمد على العمليات الضخمة للتدريب المسبق.
  • مستقبل “التوقف-المؤقت”: ظهور تقنيات وأساليب جديدة تحتاج موارد حاسوبية أقل لإنتاج ذكاء اصطناعي أقوى.

الفارق بين السيناريوهين صادم: أكثر من 3 تريليونات دولار من الاستثمارات المستقبلية على المحك.

“التفكير المنطقي”… المنقذ أم القاتل؟

بدأت نماذج ذكاء اصطناعي تعتمد مفهوم “التفكير المنطقي” في الظهور، مثل نماذج O1 و O3 من OpenAI، ونموذج R1 من DeepSeek، ونموذج Gemini 2.0 Flash Thinking من جوجل.

تستخدم هذه النماذج الجديدة أسلوباً يسمى “الحوسبة وقت الاختبار أو الاستدلال”، حيث تقسّم الاستعلامات إلى مهام أصغر، محوّلة كل منها إلى توجيه جديد يعالجه النموذج.

الميزة الاستثنائية لهذه النماذج أنها لا تتطلب عمليات تدريب مسبق ضخمة ومكثفة وطويلة. قد تستغرق وقتاً أطول للاستجابة، لكن مخرجاتها أكثر دقة، وتكلفة تشغيلها أقل.

ويرى المحللون أن نموذج DeepSeek R1 أظهر كيف يمكن لنماذج مفتوحة المصدر تحقيق تحسينات هائلة في الأداء بوقت تدريب أقل بكثير.

كتب محللو باركليز في مذكرة حديثة للمستثمرين: “لم تعد شركات الذكاء الاصطناعي مضطرة لإنفاق 18-24 شهراً في تدريب نماذج باهظة التكلفة لتحقيق تحسينات جوهرية في الأداء”. ويضيفون: “مع تقنية حوسبة وقت الاختبار، يمكن للنماذج الأساسية الأصغر تنفيذ حلقات متكررة والوصول إلى استجابة أكثر دقة”.

“مزيج الخبراء”… تقنية ترشيد الموارد

تتبنى شركات الذكاء الاصطناعي أسلوباً آخر يسمى “مزيج الخبراء” (MoE)، حيث يتم تدريب نماذج “خبيرة” أصغر على مهام ومجالات محددة للعمل جنباً إلى جنب مع نموذج ذكاء اصطناعي ضخم.

عملياً، هذا يعني أن جزءاً فقط من هذه النماذج يُستخدم في كل مرة، مما يقلل من متطلبات الحوسبة بشكل كبير.

هل انتهى عصر “الشنشيلة”؟

رغم أن نهج “الشنشيلة” أثبت فعاليته لأكثر من خمس سنوات، وساهم في ارتفاع أسهم العديد من الشركات في سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي، يشكك محللو باركليز في إمكانية استمرار هذا النموذج، فقد تتراجع مكاسب الأداء مع ارتفاع التكلفة.

وكتب المحللون: “فكرة إنفاق 10 مليارات دولار على عملية تدريب مُسبق للنموذج الأساسي التالي، لتحقيق تحسن إضافي ضئيل في الأداء، ستتغير على الأرجح”.

يعتقد كثيرون في الصناعة أيضاً أن البيانات اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي تنفد، قد لا يكون هناك ما يكفي من المعلومات عالية الجودة لإطعام “الشنشيلة” النهمة.

لذلك، قد تتوقف شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة عن توسيع هذه العملية عندما تصل النماذج إلى حجم معين. على سبيل المثال، قد تبني OpenAI نموذجها الضخم التالي “GPT-5″، لكنها قد لا تتجاوز ذلك.

هل يقدم “التوليد الذاتي” طوق النجاة؟

بدأت صناعة الذكاء الاصطناعي في استخدام بيانات تدريب “اصطناعية” أو “توليدية”، غالباً ما تنتجها النماذج الحالية نفسها. يعتقد بعض الباحثين أن هذه الحلقة المغلقة من النماذج التي تساعد في إنشاء نماذج جديدة وأفضل ستنقل التقنية إلى المستوى التالي.

بمعنى آخر، يمكن للشنشيلة، في جوهرها، أن تتغذى على نفسها للبقاء على قيد الحياة.

يقول ساندلر وزملاؤه: “إذا شهدت صناعة الذكاء الاصطناعي اختراقات في البيانات الاصطناعية والتحسين الذاتي المتكرر، فسنعود إلى مسار توسع الشنشيلة، وستستمر احتياجات الحوسبة في الارتفاع بسرعة،” ويضيف: “على الرغم من عدم وضوح هذا الاحتمال تماماً الآن، إلا أنه بالتأكيد احتمال يجب أن نأخذه في الاعتبار”.

يبقى السؤال الحاسم: هل نشهد نهاية عصر “الشنشيلة” أم مجرد تطور لهذا النموذج؟ الإجابة ستحدد مصير تريليونات الدولارات من استثمارات البنية التحتية المستقبلية في قطاع التقنية عالمياً.

بواسطة

Business Insider

تابع عالم التقنية على

Google News

أخبار ذات صلة

0 تعليق