خديجة حمودة
أكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج د.بدر عبدالعاطي إدانة مصر بأشد العبارات لتوسيع إسرائيل للعمليات العسكرية في قطاع غزة، محملا إياها المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب والتجاهل المتعمد لمحاولات الوسطاء للتوصل لتهدئة، وآخرها المقترح الذي حظي بموافقة حركة حماس، والذي من شأنه أن يفضي لصفقة لإطلاق سراح الرهائن والأسرى ووقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وفعال للتعامل مع الكارثة الإنسانية في غزة.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية أمس خلال مشاركته في الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لبحث العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وذلك بمقر المنظمة بمدينة جدة.
ودعا عبد العاطي، المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية لبذل كافة الجهود الديبلوماسية والسياسية لوقف هذه السياسات وممارسة كافة أشكال الضغط على إسرائيل وإلزامها بقبول الصفقة المطروحة حاليا بناء على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
وأشار الوزير عبدالعاطي، في كلمته، إلى استمرار إسرائيل في انتهاكاتها السافرة والممنهجة وارتكابها الجرائم والإبادة الجماعية ضد شعب أعزل، واستهانتها بكافة القوانين والأعراف الدولية من خلال مواصلة وتوسيع عدوانها على قطاع غزة، واستخدام التجويع والحصار وعرقلة عمل المؤسسات الأممية للنيل من صمود وبسالة الشعب الفلسطيني في غزة ودفعه للقبول بخيار التهجير تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع.
واستعرض جهود مصر لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث ساهمت بما يقرب من 70% من تلك المساعدات منذ بداية الأزمة بإجمالي 550 ألف طن، واستقبلت الآلاف من المصابين الفلسطينيين ومرافقيهم لتلقي الرعاية الصحية بالمستشفيات المصرية، مشددا على ضرورة تسهيل الجانب الإسرائيلي دخول المساعدات بشكل فوري من خلال كافة المعابر دون أي عوائق أو قيود، حيث يحتاج القطاع لما لا يقل عن 700 شاحنة يوميا لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان القطاع، وفي ظل وجود أكثر من 5 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات على الجانب المصري، إلا أن دخولها يواجه العديد من العراقيل من الجانب الإسرائيلي، بما يحول دون تدفقها للقطاع.
وتطرق وزير الخارجية إلى مواصلة إسرائيل انتهاكاتها في الضفة الغربية المحتلة في إطار مخططاتها لوأد أي أفق لإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وإعلان الحكومة الإسرائيلية اعتزامها بناء 3400 وحدة سكنية بمنطقة «E1» بالضفة في خرق فاضح لاتفاقيات جنيف الأربع، وبما يستهدف فصل شمال الضفة عن جنوبها وإجهاض أي فرصة لإقامة دولة قابلة للحياة، بالإضافة إلى محاولات تغيير الوضع القانوني والديموغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة بما يمثل انتهاكا جديدا وصارخا للقرارات الأممية والقانون الدولي.
وأكد الوزير عبدالعاطي رفض مصر جملة وتفصيلا التصريحات الإسرائيلية الأخيرة فيما يتعلق بأوهام ما يسمى «إسرائيل الكبرى» التي لا تعكس سوى غطرسة القوة ولن تقبل بها مصر أو تسمح بتنفيذها، مشيرا إلى أن مثل تلك الأفكار لن تفضي سوى لتأجيج الصراع وتوسيع رقعته والقضاء على أفق التعايش السلمي بين الشعوب في المنطقة.
كما أكد على الأولوية التي تحظى بها القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية المصرية، مشددا على مواصلة مصر جهودها في دعم مساعي الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار الدكتور عبدالعاطي إلى ترحيب مصر بما تم الإعلان عنه مؤخرا من جانب بعض الدول بشأن الاعتراف المرتقب بالدولة الفلسطينية، معتبرا إياها خطوة فارقة طال انتظارها في مسار إحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، داعيا الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى الانضمام للمبادرة باعتبار ذلك حقا غير قابل للتصرف، وتأكيدا لالتزام المجتمع الدولي بالتوصل لحل دائم وعادل يعزز فرص السلام ويضع حدا للمعاناة الطويلة للشعب الفلسطيني.
ونوه وزير الخارجية بتأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته للشعب المصري في 27 يوليو 2025 أن موقف مصر واضح فيما يخص رفض التهجير، وأن مصر لا يمكن أن تشارك في هذا الظلم التاريخي، والذي سيؤدي لتفريغ حل الدولتين وعدم إقامة دولة فلسطينية، فضلا عن تأكيد تضامن مصر الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق ونبذ أية سياسات أو أفكار أو خطوات تستهدف خلق ظروف تدفع أصحاب الأرض إلى الرحيل عن أراضيهم في ظل تردي الأوضاع المعيشية بالقطاع من جراء السياسات الإسرائيلية غير المقبولة والمرفوضة، مكررا ما ذكره الرئيس أنه حتى لو تمكنت إسرائيل من تطبيع علاقاتها مع جميع دول المنطقة فإن ذلك لن يحقق لها الأمن والسلام طالما لم تستجب للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني.
0 تعليق