نزع سلاح حزب الله.. العقبة الأبرز واختبار الحكومة الأهم

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نزع سلاح حزب الله.. العقبة الأبرز واختبار الحكومة الأهم, اليوم الثلاثاء 26 أغسطس 2025 10:08 صباحاً

يبقى ملف سلاح حزب الله بمثابة العقدة المركزية في المشهد اللبناني، والامتحان الأصعب أمام الحكومة التي تسعى لإثبات قدرتها على فرض سيادة الدولة وضبط السلاح المنفلت.

لكن الموقف الأخير للأمين العام للحزب، نعيم قاسم، أعاد إشعال الجدل، بعدما شدد في كلمة متلفزة على أن "سلاح الحزب هو روحه وشرفه"، رافضاً أي مسعى لتسليمه أو وضعه تحت سلطة الدولة، متهماً الحكومة باتباع إملاءات إسرائيلية وأميركية.

عون بين دعم الدولة وتحدي الانقسام

في المقابل، سعى الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى تقديم صورة مختلفة. فخلال لقائه وفداً من اتحاد رجال الأعمال، شدد على ضرورة أن يخرج لبنان من الطائفية والمذهبية باتجاه "حزب واحد هو لبنان"، مثمناً عمل الحكومة ومعتبراً مجلس الوزراء "منصة فعلية للنقاش واتخاذ قرارات غير مسبوقة".

عون حاول أيضاً طمأنة الداخل والخارج بأن لبنان يواكب الاهتمام العربي والدولي بخطوات جديدة تعزز الثقة، في إشارة إلى أن بيروت لا تزال بحاجة إلى غطاء خارجي لتجاوز أزماتها البنيوية.

ملف اليونيفيل بين التمديد والانسحاب

إلى جانب السجال الداخلي، بقي مستقبل القوات الدولية (اليونيفيل) في جنوب لبنان محوراً للتجاذب. إذ أُرجئ تصويت كان مقرراً في مجلس الأمن على مشروع قرار فرنسي يقضي بتمديد مهمة البعثة لعام إضافي.

المسودة المطروحة تنص على انسحاب تدريجي لأكثر من 8 آلاف جندي دولي، مقابل تولي الحكومة اللبنانية وحدها مسؤولية الأمن في الجنوب، وهو ما اصطدم بمعارضة أميركية وإسرائيلية.

رسائل واشنطن وتدخل نتنياهو

في هذا السياق، نشطت الدبلوماسية الأميركية عبر المبعوث توم براك، الذي حمل إلى بيروت الجواب الإسرائيلي بشأن الورقة الأميركية، وسط وصول المبعوثة مورغان أورتاغوس إلى العاصمة اللبنانية.

موقع "أكسيوس" كشف أن براك التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث نقلت واشنطن مطلبها بضرورة تجاوب تل أبيب مع قرار الحكومة اللبنانية بشأن ضبط السلاح، عبر تقليص العمليات العسكرية غير العاجلة.

لكن التطور الأبرز جاء من مكتب نتنياهو، الذي أعلن استعداد إسرائيل لدعم الحكومة اللبنانية في عملية نزع سلاح حزب الله، شرط اتخاذ الجيش اللبناني خطوات فعلية على الأرض.

الرسالة الإسرائيلية ربطت أي تقليص للوجود العسكري الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية بخطوات موازية لنزع سلاح الحزب، ما أثار علامات استفهام حول مغزى العرض وتوقيته.

قراءة إسرائيلية متناقضة

اعتبر عضو الكنيست السابق، مفيد مرعي، في حديثه لـ"التاسعة"، أن خطاب نتنياهو لا يحرج فقط الحكومة اللبنانية، بل أيضاً الموفد الأميركي براك.

وأوضح أن الاتفاقيات السابقة نصّت على انسحاب الجيش الإسرائيلي من خمس نقاط جنوب لبنان بمجرد سيطرة الجيش اللبناني عليها، لكن هذا لم يتحقق بعد بسبب استمرار وجود سلاح حزب الله.

مرعي أكد أن إسرائيل "ليست لها أهداف للبقاء في الجنوب"، وأن انسحابها مرتبط بغياب التهديد من الحزب. غير أنه شدد في المقابل على أن الجيش اللبناني لم ينجح حتى الآن في فرض سيطرته الكاملة على المنطقة جنوب الليطاني، حيث لا تزال إسرائيل تنفذ ضربات جوية وبرية على مواقع ومخازن تابعة لحزب الله.

معادلة السلاح والاحتلال

المعضلة، بحسب مرعي، تكمن في أن إسرائيل تعتبر سلاح الحزب سبباً رئيسياً لبقائها في الجنوب، في حين يرى حزب الله أن هذا السلاح ضمانة الردع ضد تل أبيب.

هذه المعادلة المغلقة تجعل أي دعوة دولية أو إقليمية لنزع السلاح تصطدم بجدار من الرفض والتشكيك، خصوصاً في ظل ما يعتبره الحزب انحيازاً دولياً لإسرائيل.

جدل حول اليونيفيل وفعاليته

وفيما يتواصل النقاش حول تمديد مهمة اليونيفيل، طرح مرعي تساؤلات حول جدوى هذه القوة، معتبراً أنها لم تنجح في منع تعزيز حزب الله لترسانته العسكرية، بل سمحت له بتثبيت حضوره جنوب لبنان. وذهب أبعد من ذلك بالتشكيك في فاعليتها كقوة لحفظ السلام، مؤكداً أن إسرائيل تعرضت مراراً لضربات وهجمات رغم وجودها.

بين الداخل والخارج.. لبنان في عين العاصفة

المشهد اللبناني اليوم يبدو وكأنه يدور في حلقة مفرغة: حكومة تحاول كسب ثقة الداخل والخارج لكنها مقيدة بتوازنات طائفية ومعادلات إقليمية معقدة؛ حزب الله متمسك بسلاحه كعنوان للهوية والمقاومة؛ إسرائيل تطرح عروضاً مشروطة تعكس رغبتها في استثمار اللحظة السياسية لإضعاف الحزب؛ فيما تبقى واشنطن والقوى الدولية في موقع المراقب الضاغط، دون امتلاك أدوات حاسمة لتغيير الواقع على الأرض.

في المحصلة، ما جرى في الساعات الماضية يكرّس أن ملف سلاح حزب الله لم يعد شأناً داخلياً لبنانياً فقط، بل تحوّل إلى ورقة إقليمية ودولية مفتوحة على احتمالات متعددة.

عرض نتنياهو بدعم الحكومة في نزع السلاح يشي بمرحلة جديدة من التدخل الإسرائيلي المباشر في الشأن اللبناني، وهو ما يزيد من تعقيد مهمة أي حكومة تحاول الموازنة بين ضرورات السيادة ومقتضيات الأمن. وبينما تبقى عيون اللبنانيين على الجنوب حيث السلاح والاحتلال واليونيفيل، فإن البلاد تبدو مقبلة على اختبار عسير، قد يحدد مستقبلها لعقود مقبلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق