اكدت منظمة “أطباء بلا حدود”، الأحد، أن أعداد المصابين الفلسطينيين في قطاع غزة تضاعفت ثلاث مرات يوميا منذ بدء العمل في مراكز توزيع المساعدات التابعة لما يسمى “مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية”، وأن سوء التغذية يضرب الطواقم الطبية.
وقال نائب المنسق الطبي للمنظمة في غزة، محمد أبو مغيصب، إن “النظام الصحي كان هشا أصلا قبل الحرب، وما تبقى منه مجرد هيكل بالكاد يعمل، زيواجه القطاع الصحي رعبا جديدا بعدما تحولت نقاط توزيع الأغذية التي تدعمها إسرائيل إلى مناطق للقتل”.
وأكد أبو مغيصب أن تلك المواقع ساهمت في مضاعفة التدفق اليومي للجرحى ثلاث مرات” مقارنة بما كان عليه الوضع قبل إنشاء مراكز التوزيع، مشيرا إلى أن أعدادا كبيرة من الجرحى يفقدون حياتهم قبل وصولهم إلى المستشفيات.
وأضاف: “نرى أطرافا مبتورة، والتهابات شديدة، وعظاما مهشمة، وشرايين ممزقة بحاجة إلى جراحة عاجلة وعناية مركزة”، مشيرا إلى أن القدرة على إجراء هذه العمليات والعناية الطبية تأثرت بشكل كبير جراء الإبادة الجماعية.
وبيّن أن الخدمات الجراحية والعناية المركزة “تنهار في مستشفيات غزة المتبقية”.
وختم قائلا: “من دون تحقيق ذلك لن يتبقى شيء لإنقاذه؛ لا المستشفيات، ولا المرضى، ولا حتى المستقبل”.
في غضون ذلك روت الممرضة الأمريكية فلسطينية الأصل أماندا ناصر التي تعمل بمجمع ناصر الطبي أخر شريان صحي في جنوبي غزة، مأساة الواقع الصحي في القطاع الذي يتعرض لحرب إبادة إسرائيلية متواصلة، وتؤكد أن تداعيات سوء التغذية والتجويع باتت واضحة على الطواقم الطبية نفسها.
ومنذ وصولها إلى القطاع قبل نحو أسبوع، انخرطت ناصر (39 عاما) في العمل بقسم الطوارئ وسط تدفق كبير للقتلى والجرحى، والمرضى خاصة الذين يعانون مضاعفات سوء التغذية جراء سياسة التجويع الإسرائيلية الناجمة عن تشديد تل أبيب حصارها المفروض على القطاع منذ مطلع مارس/ آذار الماضي، بحسب “وكالة الأناضول”.
وحتى الاثنين الماضي، قتلت إسرائيل من بين المحصلة الإجمالية نحو 18 ألفا و430 طفلاً و9 آلاف و300 سيدة بينهن 8 آلاف و505 من الأمهات، وفق معطيات الوزارة آنذاك.
وفي إطار مبادرات الدعم الطبي الموجهة إلى قطاع غزة، تعمل أماندا في مهمة طبية إنسانية بمجمع ناصر الطبي، في مدينة خان يونس، وتصف تجربها بأنها “مؤثرة للغاية”، مشيرة إلى أن “الوضع كارثي، ونظام الرعاية الصحية يوشك على الانهيار، في المستشفى الأخير العامل بجنوب القطاع”.
وتقول ناصر: “الإمكانيات الطبية محدودة للغاية، فيما يعيش الكادر الطبي تحت ضغط هائل وخوف دائم بسبب الغارات الإسرائيلية المتواصلة”، لافتة إلى أن العدد الكبير من الإصابات اليومية يثقل كاهل الفرق الطبية.
وتضيف: “معظم الإصابات التي تصل إلى المستشفى خطيرة ومروعة، وتشمل طلقات في الرأس والصدر والبطن والحوض والأطراف، إضافة إلى كسور وإصابات بالغة في الأطراف”.
وتشير ناصر، إلى أن “الحالات التي تصل المستشفى تكون خطيرة للغاية ونحن نستقبل عددا كبيرا من الشباب تحديدا، تتراوح أعمارهم بين أعمار المراهقين و20 عاما”، لافتة إلى أن “معظم هؤلاء لا ينجون بسبب خطورة إصاباتهم”.
وقالت، إن الأطباء “يضطرون لإجراء عمليات بتر وجراحات كبرى، بينما يحرم نقص الكوادر والإمدادات الطبية البعض الآخر من العلاج”.
ولفتت إلى أن موارد المستشفى وإمكانياته محدودة بسبب الحصار الإسرائيلي، “فأحيانا يتوجب علينا الاختيار بين من يستحق إعطاءه تنفسا صناعيا وإمكانية نجاته أم لا، القرار حاسم وصعب للغاية”.
وتردف ناصر: “الوضع هنا حرج، والإمدادات المتاحة محدودة للغاية لكن المهم أن نواصل شحذ الهمة لمساعدة هؤلاء المرضى”.
وتتابع: “بصفتي عاملة رعاية صحية، أشعر أن من واجبي أن أكون هنا لمساعدة الناس، وآمل أن أتمكن من إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح”.
وقال مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش، إن حرب الإبادة الإسرائيلية خلفت منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، نحو 18 ألف جريح بحاجة لتأهيل، إضافة إلى 4 آلاف و800 حالة بتر أطراف من بينهم 718 طفلا.
ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يتداخل التجويع الممنهج مع إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهرا.
انتهى
غزة-تل ابيب/ المشرق نيوز
0 تعليق