أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران الياس عودة، إلى أنّ "العذراء كانت، بشهادة الكتاب المقدس، ممتلئة نعمة، وقد وجدت حظوة عند الله (لو 1: 28-30). إمتلاؤها نعمة لم يكن حدثًا عابرًا، بل مسيرة دائمة من الطّاعة الكاملة للمشيئة الإلهيّة"، مبيّنًا أنّه "كما دخل الموت إلى العالم بعصيان حواء الأولى، دخلت الحياة بطاعة حواء الثّانية. لذلك، لم يكن ممكنًا أن يبقى الجسد الّذي صار هيكلًا لله، أسير الفساد، بل كان لائقًا أن يكرّمها ابنها بنقلها إلى الحياة الأبديّة".
وأكّد، خلال ترؤّسه خدمة قدّاس عيد رقاد السيّدة العذراء، في كنيسة نياح السيّدة في رأس بيروت، أنّ "الرّقاد الّذي نحتفل به اليوم ليس موتًا يبتلع الحياة، بل انتقالًا نحو الحياة الّتي لا تزول. العذراء لم تعرف الموت كقصاص للخطيئة، لأنّها وإن كانت إنسانة مثلنا، إلّا أنّها تنقّت بكليّتها بفعل النّعمة، فعرفت الموت كعبور، كما عبر ابنها قبلًا؛ لتدخل معه في المجد".
ولفت المطران عودة إلى "أنّنا نجد في هذا العيد دعوةً واضحةً للعيش في انتظار رقادنا، لا كأمر نخافه، بل كموعد لقاء مع الرّبّ. يقول القديس أثناسيوس الكبير: "المسيحي لا يموت، بل ينام في الرّبّ وينتقل إليه". فكما عبرت والدة الإله، مثال النّقاوة والطّاعة، من هذا العالم، نحن أيضًا مدعوّون لنتهيّأ لذلك العبور بتوبة صادقة وإيمان عامل بالمحبّة"، مشدّدًا على "أنّنا كلّما اقتربنا منها بالصّلاة، اقتربنا من ابنها، لأنّها لا تحتفظ بشيء لنفسها، بل تقود كلّ ملتجئ إليها نحو المسيح".
وركّز على أنّها "لا تنسى أولادها المجاهدين على الأرض، بل تظلّ حاضرةً في حياتهم. ولعلّ أبهى ما نراه في أيقونة الرّقاد هو صورة المسيح حاملًا بين يديه نفس أمه على شكل طفلة صغيرة، كأنّها تولد من جديد إلى الحياة الأبديّة"، مشيرًا إلى أنّ "هذا يذكّرنا بأنّ الموت ليس النّهاية، بل بداية الميلاد الثّاني في السّماء، وهو أيضًا علامة رجاء لنا بأنّنا سنقف أمام المسيح في ذلك اليوم، إذا ثبتنا في الإيمان، ليحملنا إلى ملكوته كما حمل أمه".
وختم عودة: "إذًا، في رقاد العذراء لا نحزن كمن لا رجاء لهم، بل نفرح لأنّنا نرى في مصيرها مصيرنا نحن، إن سرنا في طريق الرّبّ. بهذا الرّجاء نحيا، إلى أن نبلغ ذاك الفرح الأبدي حيث لا موت ولا حزن ولا تنهد، بل حياة لا تزول".
0 تعليق