لبنان ومَريَمَهُ

هي الطاهِرَةُ التي أتاها مَلاكُ الرَبِّ بالبُشرى الأعظَمَ في تاريخِ البَشَرِيَّةِ أنَّها سَتَحمِلُ إبنَهُ وَتَدعوهُ بالفينيقِيَّةِ-الُ​لبنان​ِيَّةِ "عَمّانوئيلَ" وَتَفسيرُهُ "إلَهُنا مَعنَا" (مَتَّى 1/23)، في تِلكَ الضَيعَةِ الفينيقِيَّةِ-الُلبنانِيَّةِ Ναζαρά (Nazará) أيّ "البُرجُ" وَ"النِذرُ" والَتي سَتُدعى وَإبنُها بِإسمِها،

هي المَنذورَةُ لِـ"النِعمَةِ المُمتَلِئَةِ" بِها (لوقا 1/28)، وَسَتَحيا حَياتَها الأرضِيَّةَ والسَماوِيَةَ في كُلِيَّةِ إختِبارِ هذا المَلءِ بِرِفقَةِ إبنَها، إبنَ اللهِ،

هي الواقِفَةُ عَندَ أقدامِ صَليبِ إبنِها، (يوحَنَّا 19/25) بالقُدرَةِ المُجيبَةِ حُبَّاً الى المُنتَهى لِلحُبِّ الى المُنتَهى، بُرجاً-مِنعَةً لِلبَشَرِيَّةِ المُنهارَةِ في إنتِحاباتِ الجُحودِ وَدَنَسِ الإستِعلاءِ،

ها هُنا، في ​قانا​نا، في العُرسِ الأوَّلِ، مَزَّقَت حِجابَ تَمَنُّعِ الأُلوهَةِ عَن إستِباقِ ساعَةِ التَحقيقِ فَصاحَت بِأبناءِ البَشَرِ كَلِمَتَها-البِكرَ-الوَحيدَةَ: "إفعَلوا كُلَّ ما يَأمُرُكُم بِهِ." (يوحَنَّا 2/5). كُلِيَّةُ الفِعلِ لِكُلِيَّةِ القَولِ-الطَلَبِ.

ها هُنا، في قانانا، في إستِباقِ العُرسِ الأخيرِ، هي ألْبَدءاً الكَلِمَةُ-البِكرُ-الوَحيدَةُ لِلآبِ: "أنا أمَةُ الرَبِّ، لِيَكُن لي ما تَقولُ" (لوقا 1/38)، إستَبَقَت ساعَةَ تَحقيقِ الأُلوهَةِ بِصَرخَةِ الإنتِصارِ المُريعَةِ: "لَقَد تَمَّ!" (يوحَنَّا 19/30).

​مَريَمُ​ أُمُّ يَسوعَ.

مَريَمُ الُلبنانِيَّةُ.

هَوِيَّةُ الإنتِماءِ الى أرضٍ مِن لبنانُ، وَبِهِ، وَلَهُ. وَهَوِيَّةُ الإنتِماءِ لِلأُلوهَةِ، لَها، وَبِها، وَمِنها. في هذا الكَشفِ-الحَدَثِ، يَسوعُ-كَلِمَةُ-الأَزَلِ-في-الآبِ-قَبلَ-الدُهورِ هو المَسيحُ-إبنُ-الإنسانِ.

مَريَمُ أُمُّ البَشَرِيَّةُ.

مَريَمُ الُلبنانِيَّةُ.

أزَلِيَّةُ الأرضِ في جَوهَرِ الأُلوهَةِ. المَرأةُ-الشَعبُ. وِفرَةُ الإمتِلاءِ في نِعمَةِ الإكتِمالِ. في هذا الحَدَثِ-الكَشفِ، مِن جُغرافِيا الفَرعِ (الناصِرَةُ الُلبنانِيَّةُ) الى جُغرافيا الأصلِ (قانا الُلبنانِيَّةُ)، الفَرعُ (مَريَمُ-الإنسانُ) يَكتَمِلُ في الأًصلِ (المَسيحُ-اللهُ-الإنسانُ) والأَصلُ يَكتَمِلُ في الفَرعِ.

عَهدُ جُغرافِيَّةِ الزَمَنِ

وَبَعدُ، ألِلزَمَنِ جُغرافيا؟ ألِلجُغرافيا زَمَنٌ هو بَدؤها؟

لبنانُ وَمَريَمُهُ هو هو لبنانُ وَمَسيحُهُ.

مَريَمُ الُلبنانِيَّةُ تُعلي الكُلِيَّ القُدرَةِ الى ساعَةِ لبنانَ البَشَرِيَّةِ. والمَسيحُ الُلبنانِيُّ يُعلي قُدرَتَهُ الكُلِيَّةُ الى ساعَةِ لبنانَ في الأُلوهَةِ.

بِإصرارِ مَريَمَ، في قانانا الُلبنانِيَّةِ، "آمَنَ بِهِ تَلاميذُهُ" (يوحنا 2/11). ما تَكَلَّمَت بَعدُ. كِفايَتُها-الفِعلُ تَتبَعُهُ.

بإصرار المَسيحِ، من قانانا الُلبنانِيَّةِ، سَيذهَبُ لِكفَرناحومَ-إبنةِ-صورَ، وَمِنها لِأورشَليم (ألحَوَّلَتها السُلطَةُ الدينِيَّةُ اليَهودِيَّةُ مِن "أور-شَلايِّيمَ" الفينيقِيَّةِ-الُلبنانِيَّةِ، مَدينَةُ السلامِ، الى مُعتَقَلٍ للهِ مُحكَمِ الإغلاقِ في هَيكَلٍ باتَ "مَغارَةَ لُصوصٍ" (يوحَنَّا 2/16، مَتَّى 21/13). في وَسطِها، سَيصرُخُ كَلِمَتَهُ-الحُكمَ لِسُلطَتَي الإحتِلالِ: الدينِيَّةِ-اليهودِيَّةِ والسياسِيَّةِ-الرومانِيَّةِ، إعلاءً لِهَيكَلِ حُرِيَّةِ البَشَرِيَّةِ البِكرَ: "إهدِموا هذا الهَيكَلَ، وَفي ثَلاثَةِ أيَّامَ أُقيمُهُ"... وَ"كانَ يُشيرُ إلى هَيكَلِ جَسَدِهِ." (يوحَنَّا 2/21.19).

أسؤالٌ بَعدُ، لِمَ كَلَّلَ لبنانُ مَريَمَ مَلِكَتَهُ، وَلها أعلى، على قِمَمِهِ، مَزاراتَهُ وأديارَهُ وَمَناسِكَهُ، الأبراجَ، هو الناذِرُ نَفسَهُ لِإستِثنائِيَّةِ الأُلوهَةِ المَنذورِ مِنها، مِمَّا قَبلَ المَسيحَ الى إنقِضاءِ الدُهورِ، عَهدَ جُغرافِيَّةِ الزَمَنِ، المَعلومِ والمَجهولِ، بِتُرابِهِ المَخطوطِ مَساحاتٍ لِلسَماءِ وَحُدوداً لِأرضٍ؟

في هذا الثَباتِ وقوفاً، لبنانُ-العَريسُ يَلتَقي مَريَمَهُ-العَذراءَ، "المَرأةَ" التي، بِتَعريفِ إبنِها في العُرسِ الأَوَّلِ والأخيرِ (يوحَنَّا 2/4 وَيوحَنَّا 19/26)، صارَت "أُمَّاً"-أُمَّةً (يوحَنَّا 19/27).

وَفي هذا الوقوفِ ثَباتاً، لبنانُ يَرتَقي عَريسَ العُرسِ الأوَّلِ والأخيرِ لا في مِلءِ المَوتِ مَصلوباً بَل في مِلءِ الحَياةِ المُنبَثِقَةِ مِن نَزفِ الدَمِّ على صَليبِ البَشَرِيَّةِ المُترَعَةِ بِإحتِلالاتِها السُلطَوِيَّةِ. مِنهُ، "يأتي بِثَمَرٍ كَثيرٍ" (يوحَنَّا 12/24). وَفيهِ، هو عَريسُ الأحياءِ أبَداً. فيهِ، وَبِهِ، وَمِنهُ، تَتَحَرَّرُ كُلُّ اور-شَلايِّيمَ في الأرضِ مِن مَنافيها، لِتَغدوَ الأرضُ بِأسرِها قانانا الُلبنانِيَّةِ.

لبنانُ وَمَريَمُهُ هو هو لبنانُ وَمَسيحُهُ، تَكوينُ خَلقِ الأُلوهَةِ (الفِعلُ-الكُلِيَّةُ) مِن عَدَمِيَّاتِ البَشَرِ!