نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جعجع: أتمنى تجاوب "حزب الله" مع قرار حصر السلاح وألا تُضطر الدولة لاستخدام القوة, اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 09:09 مساءً
أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أنّ "القرار الذي اتخذته الحكومة لجهة نزع السلاح في جلستها الأخيرة، هو في الحقيقة إقرارٌ كبير وجديد، باعتبار أن سلطة الدولة في لبنان كانت منذ أربعين عامًا، مخطوفة ومقزّمة. ففي مرحلة أولى، طغت هيمنة نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد على الدولة اللبنانية، فيما المرحلة الثانية تمثلت بسيطرة حزب الله على الدولة اللبنانية".
وأشار في حديث لقناة "العربية"، إلى أنّ "لبنان في السنوات الأربعين الأخيرة، تحوّلت دولته إلى شكل من أشكال البلدية، أي مؤسسة تهتم بالشؤون المحلية، وبجمع النفايات والماء والكهرباء فحسب، موقفها مسلوب منها، وبالتالي هذه الدولة ليست بدولة".
ونوّه جعجع بـ"أهمية القرار الذي اتُّخذ أخيراً"، واصفًا إياه بـ"محطة تاريخية يُفترض على كل لبناني أن يعتز بها، ولاسيما أنها تمثل عودة لبنان ودولته إليه، بعد غياب استمر نحو أربعين عاما، وهنا تكمن أهمية هذا القرار الذي هو بمثابة البداية، إلّا أن أمام الدولة طريقاً قد يكون طويلًا، لكن في النهاية الدولة ستعود بكامل قوامها إلى كنف الوطن".
وركّز على أنّ "اليوم هناك تخويف لطائفة تُعتبر مكوّنًا أساسيًا من مكوّنات الحياة السياسية والديمقراطية والاجتماعية، وهنا أعني الطائفة الشيعية، وهذا خطأ كبير يقع فيه البعض، كما أنه كذبة كبرى تروّجها جماعة "حزب الله"، وبالتالي لم يستهدف أحدٌ يومًا الطائفة الشيعية التي هي مكوّن أساسي من مكوّنات لبنان، ونحن نعيش مع الطائفة الشيعية منذ مئات السنين، وعلاقتنا جيدة معها؛ فنحن أبناء شعب واحد".
كما ذكر أنّ "اليوم هناك من يقارن بين ما مرّت به هذه الطائفة، وما شهده المكون المسيحي بين الأعوام 1990 حتى الـ2005"، معتبراً أن "هذه المقارنة لا تجوز، لأن ما حصل مع المسيحيين في تلك الفترة مغاير للمرحلة الحالية، فاتفاق الطائف لم ينفذ منه سوى البنود التي كانت تخدم نظام الأسد آنذاك، بعدما تحوّل إلى اتفاق سوري- لبناني- عربي بغطاء دولي. وفي تلك المرحلة، تمّ ضرب القوى السياسية اللبنانية، ومنعت قوى أساسية من العمل السياسي، والبعض هُجّر بينما البعض الآخر مُنح خيار الطاعة، وفي حينه كانت الدولة اللبنانية عمليًا دولة سورية، أما اليوم، فالدولة اللبنانية هي لجميع اللبنانيين بمن فيهم الطائفة الشيعية".
وبيّن جعجع أنّ "هدف النظام السوري حينها كان ضرب جميع المعارضين في لبنان، أما اليوم فالشيعة المعارضون هم من أركان الدولة اللبنانية، التي بدأت تستعيدهم بعدما خطفهم الآخرون طوال السنوات الأخيرة. إذًا الطائفة الشيعية كانت مخطوفة من قبل الحزب، وهو أداة بيد الحرس الثوري الإيراني".
وأعرب عن تفاؤله بـ"الموقف الدولي بدءاً بموقف رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام وسواهما، على خلفية موقفهما الواضح جدًا. فخلال زيارة الأمين العام للمجلس القومي الإيراني علي لاريجاني بيروت، سمع من المسؤولين اللبنانيين، موقفًا واضحًا وصريحًا، يتعلق بوجوب التعامل مع لبنان في حال أرادت إيران مساعدة لبنان، من دولة لدولة، من خلال الأطر الشرعية ومؤسسات الدولة، لا عبر خطف مجموعة من اللبنانيين والاستثمار بهم".
وردًا على سؤال بشأن الورقة الأميركية، لفت إلى أنّ "هذه الورقة هي بالفعل ورقة أميركية، وأريد هنا أن أضيف نقطة وردت ردًّا على لسان لاريجاني. إن لبنان، رغم ضعفه، لا يمكن لأحد أن يفرض عليه شيئًا. الأميركيون قالوا منذ اللحظة الأولى -وليس كما يدّعي الإيرانيون- إنهم لا يربطون مصيرهم ومصير استراتيجيتهم واقتصادهم كله بموافقة لبنان على هذه الورقة، وهم يحاولون ترتيب شرق أوسط جديد، وإطفاء الحروب والتوترات القائمة".
وأوضح جعجع أنّ "المطلب الأساس ليس نزع سلاح "حزب الله" فورًا فقط، بل إعادة القرار الاستراتيجي العسكري والأمني إلى الدولة. وهذا مطلب لبناني بالدرجة الأولى"، متمنّيًا أن "نعود إلى أدبياتنا السياسية كلها وأدبيات القوى السيادية في لبنان منذ أكثر من عشرين سنة حتى اليوم، حيث كان خطابنا الرئيسي هو: إعادة القرار الاستراتيجي العسكري والأمني إلى الدولة. هذا المطلب بحد ذاته لا علاقة له بأي عنصر خارجي".
وأضاف: "إذا افترضنا على سبيل المثال لا الحصر، أن إسرائيل أعلنت غدًا أنها ستبقى في الجنوب، أو أن سوريا قالت إنها لا تريد ترسيم الحدود، فنحن يجب أن نستمر في إعادة بناء دولتنا. لأنه من دون حصر كل السلاح بيد الدولة اللبنانية، ومن دون إعادة القرار الاستراتيجي إليها، لا يمكن أن تقوم دولة لبنانية حقيقية". ورأى أنّ "من يعترض على ذلك، كأنه غير موجود في الواقع".
وشدّد على "أنّنا بأمسّ الحاجة إلى جميع أصدقائنا شرقًا وغربًا، عربًا وأعاجم، من أجل إعادة بناء وضعنا. فلبنان الآن دولة فاشلة، وليس مجتمعًا فاشلًا، ولإعادته إلى وضعه الطبيعي كدولة، نحتاج إلى جهود كبيرة وعمل ضخم. من هذا المنطلق، مسألة السلاح هي مسألة داخلية لبنانية، ومطلب لبناني أولًا وأخيرًا". وتمنى أيضًا أن "تقوم أي وكالة استطلاع جدي -لا الاستطلاعات التي يجريها محور الممانعة- بسؤال الشعب اللبناني عن رأيه في السلاح. أعتقد أن النتيجة ستُظهر أن نحو 70% من اللبنانيين لا يريدون السلاح خارج الدولة. إذًا هذا مطلب لبناني داخلي".
وأشار رئيس "القوات" إلى أنّ "الورقة الأميركية لا تربط البنود كلها ببعضها، بل تتضمن نحو 11 بندًا، أولها إعلان الحكومة اللبنانية بالإجماع قرار نزع السلاح. لكن للأسف، هذا الإعلان لم يتم بالإجماع فـ"حزب الله" لم يوافق عليه، لذا نحن ما زلنا في بداية المسار. أما الإيجابي في هذا السياق، أن بقية مؤسسات الدولة وافقت، لكن "حزب الله" لم يوافق، وبالتالي لا يمكن تنفيذ أي بند آخر قبل أن يوافق".
وركّز على أنّ "الجميع الآن ينتظر كيف ستعالج الدولة اللبنانية مسألة "حزب الله"، ثم يُصار إلى الانتقال إلى البنود التكميلية. مثلًا: البند الثاني وقف العمليات العسكرية، والبند الثالث كذا، وهكذا دواليك... لكن ليس بالضرورة أن يتوقف تنفيذ بند على الآخر، فافترض أن إسرائيل بقيت - لا سمح الله - في خمس نقاط في الجنوب، فهذا لا يمنع أن نبدأ بترسيم الحدود. أو إذا بقيت في ثلاث نقاط، فهذا لا يمنع عقد مؤتمر اقتصادي لدعم لبنان. إنها مجموعة عناوين وُضعت للتنفيذ، لكن شرطها الأساسي أن يوافق حزب الله على مشروع الحكومة".
وتابع: "أما وهو فيرفض اليوم، ويعتبر أن القرار غير موجود، وبرأيي لا أحد يستطيع أن يواجه دولة بكاملها. مثلاً يكفي أن تتوقف الدولة اللبنانية عن تقديم أي خدمات لحزب الله حتى يتقلص حجمه بشكل كبير. نحن بدأنا من هنا، ونعلم أن الأمور ستأخذ وقتها".
إلى ذلك، وجد جعجع أنّ "الحزب اليوم أمام حتميات جديدة لم يشهدها منذ تأسيسه في الثمانينيات. الجغرافيا التي كانت تمثل له امتدادًا - أي سوريا - لم تعد متاحة كما كانت. القوة العسكرية ما زالت موجودة رغم الضربات الإسرائيلية، لكن الحلفاء الذين كان يعتمد عليهم في السابق تفرّقوا".
وردًّا على سؤال "على ماذا يتكل حزب الله إذًا؟"، أجاب: "بصراحة، القرار ليس بيد "حزب الله"، بل بيد إيران التي تحاول الآن إعادة تجميع أوراقها من اليمن، مرورًا بالحشد الشعبي في العراق، وصولًا إلى لبنان. ولحسن الحظ لم تعد قادرة على فعل ذلك في سوريا، لأن الأخيرة أصبحت في مكان مختلف تمامًا. "حزب الله" يعتمد كليًا على إيران، فإذا قالت له "سلّم، يسلّم، وإذا قالت لا، لا يفعل".
وذكر أنّ "بعد وقف إطلاق النار في 27/7/2024، ولعدّة أسابيع، لاحظنا أن خطاب الحزب أصبح لينًا ومقبولًا نسبيًا، ثم فجأة تصاعدت لهجته، لأن إيران كانت حينها تحت تأثير الضربة والعقدة، إلى أن استعادت أوراقها وأرادت التصعيد. حتى في الملف النووي، المسؤولون الإيرانيون اليوم يقولون: “من يطلب وقف التخصيب على الأراضي الإيرانية فهو يحلم”. وهذا يؤكد أن إيران تعود لتصعيد مواقفها بانتظار مفاوضات ما، مع الولايات المتحدة لترى مدى قدرتها على الإحتفاظ بهذه الأوراق".
وعما إذا كان جعجع سيحدد موعداً للاريجاني في حاله طلبه، أجاب: "هذا سؤال افتراضي، ولكن عندها نرى في ساعتها ووفق زمانها… طبعًا لا أستطيع أن أجيبك الآن".
وعن إمكان التراجع عن قرار نزع السلاح، أكّد أنّ "لبنان مع كل ضعفه لا أحد يملي عليه أي شيء، والموفد الأميركي أعلن منذ اللحظة الأولى عن محاولة واشنطن بناء شرق أوسط جديد، ولنا حرية الخيار والموافقة، فالولايات المتحدة لن يتأثر اقتصادها أو أمنها في حال لم ينفذ هذا القرار الذي هو مطلب لبناني لا أميركي".
وتمنّى "العودة الى الخطابات السياسية للجهات السيادية كلها في الجمهورية اللبنانية أقله منذ 20 سنة الى الآن، فهي تدعو الى إعادة القرار الاستراتيجي الى لبنان من أجل بناء دولة فعلية، ومن دون هذا القرار لا يمكننا تحقيق ذلك كله، ومن هنا يجب تكثيف الجهود في سبيل تحويل دولة فاشلة الى دولة فعالة".
ودعا إلى "إجراء استطلاع رأي للشعب اللبناني من قبل جهة مستقلة وغير تابعة للمحور الإيرانيّ حول قضية سلاح "الحزب"، لتبيان حقيقة أن 70% من اللبنانيين يريدون نزح سلاح حزب الله، بالتالي هذا مطلب لبناني 100%"، مشدّدًا على أن "مطلب إعادة القرار الاستراتيجي العسكري والأمني إلى الدولة هو مطلب لبناني بحت، بغية تحقيق مطلب اللبنانيين".
كما اعتبر جعجع ان "المسؤولية تقع على عاتقنا ووفق خياراتنا بعيدًا من خيارات أي دولة أخرى، ونحن نريد العودة الى دولتنا، لأنه من دون ضبط مقومات الدولة كلها، وإعادة القرار الاستراتيجي إليها لن نشهد قيام دولة لبنانيّة فعليّة، إذ لا أحد يعترف بك من دون دولة، لبنان يعيش في حالة دولة فاشلة، وليس مجتمعًا فاشلًا، والعودة الى لبنان الستينيات حيث كان الازدهار يتطلب جهدًا كبيرًا".
وعن المطلوب اليوم من الدول الصديقة للبنان، لفت إلى أنّ "هذه الدول لم تقصّر أبداً وتحاول ان تهتم، وخصوصا السعودية، منذ العام 2020 وحتى العام 2024. وفي أغلب الأحيان تتطابق سياسات الدول الغربية مع ما تريده غالبية الشعب اللبناني. لكن السعودية ساعدت لبنان مرارًا، ولم يحدث أن أضرت به. على عكس سوريا في عهد الأسد الأب والابن، التي خربت لبنان، واستنزفت إمكاناته الاقتصادية، وسيطرت على قراره العسكري، وسهلت دخول النفوذ الإيراني إليه".
وأوضح أنّ "تنفيذ قرار نزع السلاح لا يحتاج بالضرورة إلى القوة. سأضرب مثالًا: في لبنان، التهريب ممنوع، لكن المهرّبين يلتزمون طالما هناك دولة تُطبق القانون. قبل أسبوع، وتحديدًا يوم الجمعة الماضي، ذهبت الدولة إلى أحد أبرز أوكار التهريب في حي الشراونة - بعلبك، حيث واجه المهربون الجيش اللبناني، وحدث اشتباك، هكذا يجب أن يكون الأمر: من يريد الاحتفاظ بالسلاح يعلم أنه لحظة ضبط الدولة لأي مخالفة، ستذهب إليه".
وأردف: "البعض يقول إنني كنت من أشد المتشددين في موضوع السلاح، وما زلت، وكنت أدعو إلى نزعه "اليوم قبل غد"، لكن أخيرًا تحدثت عن أن الموضوع يحتاج إلى خطوات متراكمة، لأن الواقع القائم يفرض ذلك. فالعمل يجب أن يتم بأقل الأثمان الممكنة، لتجنيب لبنان أي اقتتال داخلي. وأرفض توصيف هذه العملية بأنها اقتتال داخلي، لأن ما يحصل هو تطبيق الدولة للقانون، ومن يقف بوجهها فهو ضد القانون ويجب أن يُحاسب".
وأكّد "أنّني مع ترتيب الأمور بالطرق السلمية حيث يمكن، ولكن إذا لم تنجح هذه الطرق، على الدولة أن تتصرف كما تتصرف أي دولة في العالم"، مذكّرًا بأنّه "قبل أسبوعين أو ثلاثة، شاهدنا جميعًا عبر وسائل الإعلام أن مجرد وجود مهاجرين غير شرعيين في الولايات المتحدة أكبر دولة ديمقراطية في العالم أدى إلى أن تتحول لوس أنجلوس إلى ساحة مواجهات استمرت نحو عشرة أيام. إذًا، أحيانًا تُضطر الدولة إلى استخدام القوة، وأتمنى ألا نصل إلى هذه المرحلة، وأتمنى أن يتجاوب حزب الله كما يجب".
0 تعليق