الشيخة جواهر عززت قيم العدالة والإنسانية داخل الدولة وخارجها

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

ملخص بالذكاء الاصطناعي

في «يوم المرأة الإماراتية»، حيث تحتفي الدولة هذا العام بشعار «يداً بيد نحو الخمسين»، يقتضي المسار التراكمي الطويل لإنجازات المرأة الإماراتية

في «يوم المرأة الإماراتية»، حيث تحتفي الدولة هذا العام بشعار «يداً بيد نحو الخمسين»، يقتضي المسار التراكمي الطويل لإنجازات المرأة الإماراتية، وقفة تأمل عميقة أمام النماذج التي أعادت صياغة مفهوم القيادة والتوجيه والرعاية، وفي مقدمتها قرينة صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، التي تجسد واحداً من أكثر هذه النماذج نقاءً وصدقاً واستدامة.

وتعتبر سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي صاحبة فكر تأسيسي يصوغ المفاهيم والبنى الأولى للمسارات على أسس من الرؤى الحكيمة بعيدة المدى، فكرٌ جسّد مع الزمن مشاريع ومبادرات وبرامج ومؤسسات تركت آثارها العميقة ولا تزال على عمليات التنمية والتقدم وبناء الثروة البشرية وتعزيز قيم العدالة والإنسانية داخل الدولة وخارجها.

وفي عام 1982عندما كان حضور المرأة متواضعاً في القطاعـــات الحديثـــة بادرت سموّها بتأسيس نادي سيدات الشارقة، ليكون الحاضنة الأولى للنساء، مكاناً يحترم خصوصيتهن ويتيح لهن التعبير عن ذواتهن وتطوير مهاراتهن، ويجمع بين الرياضة والفن والثقافة والعمل الاجتماعي.

الألفية الجديدة

ومع بداية الألفية الجديدة، بدا واضحاً أن المرأة لا تزدهر منفردة، وأن الثقافة وحدها لا تكفي، بل يجب أن يكون هناك إطاراً شاملاً يربط بين كل عناصر المجتمع. فجاء تأسيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة عام 2000 ليجعل من الأسرة نواة المشروع التنموي.

وفي عام 2025، «عام المجتمع» في دولة الإمارات، جاء إنشاء مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع ليؤكد استمرارية هذه الرؤية.

وتحت مظلة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع، توالدت مؤسسات متخصصة تعمل بتكامل، لتلبية احتياجات المجتمع الأسري: مؤسسة الشارقة للتنمية الأسرية التي درست التحديات الاجتماعية والنفسية، ونظمت برامج توعية وأسهمت في إعداد استراتيجية للأسرة وقدّمت توصيات بتأسيس محكمة الأسرة، المكتب الثقافي الذي دعم الأديبات وأصدر مجلة «مرامي» واستخدم الإنتاج الفني والدرامي وسيلة للتثقيف، ومؤسسة سلامة الطفل التي عززت الوعي المجتمعي بأهمية حماية الأطفال، وأطلقت مبادرة رائدة تمثلت في مركز كنف، الذي جمع تحت سقف واحد مختلف الجهات المعنية بمتابعة قضايا الأطفال ضحايا الإساءة ضمن بيئة تصون كرامتهم.

وتركيزاً على قطاع الضيافة والاحتفاء بالمناسبات المجتمعية في الإمارة، كان لتأسيس مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات دوراً محورياً يترك بصمة في منزل كل أسرة من أسر الشارقة، ليصبح اليوم إحدى المؤسسات الرائدة في القطاع ذاته.

ومن منطلق اهتمام سموّها بالإعلام الهادف، أُنشئَ المكتب الإعلامي لمجلس الشارقة للأسرة والمجتمع ليقوم بنشر رؤية ورسالة المؤسسات التابعة للمجلس، وتسليط الضوء على إنجازاتها ودورها في تعزيز تمكين الطفل والمرأة والأسرة والمجتمع.

ولأن الأسرة المتماسكة تحتاج إلى جسد سليم ووعي صحي، أطلقت سموّ الشيخة جواهر القاسمي جمعية أصدقاء مرضى السرطان، التي كرّست جهودها لدعم المرضى مادياً ومعنوياً، ونشرت الوعي بأهمية الكشف المبكر والعلاج المتكامل.

رؤية عالمية

وبعد أن ترسخت أركان الأسرة والصحة والثقافة، ارتقت الرؤية إلى مستوى عالمي يركز على تمكين المرأة وذلك مع إطلاق مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة عام 2015. حيث لم يعد التمكين مجرد مساواة تقليدية، بل أصبح مشروعاً شاملاً يربط بين المهارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة ومن يساندها.

كما أرادت سموّها أن تكون المرأة الإماراتية فاعلاً أساسياً في الاقتصاد والعمل العام وريادة الأعمال والإبداع الثقافي، فأنشأت مؤسسات نوعية مثل مجلس سيدات أعمال الشارقة، بهدف توفير بيئة مستدامة لتمكين سيدات ورائدات الأعمال، وتغيير الاتجاهات والثقافة العامة للسيدات نحو قطاعات الأعمال المختلفة.

إلى جانب إطلاق مجلس إرثي للحرف المعاصرة، الذي دمج التراث بالحاضر وحوّل الموهبة إلى مورد والحرفة إلى مشروع والمرأة إلى ركيزة في الاقتصاد الوطني.

ولأن الرياضة ركيزة أساسية في حياة الأفراد، ينبع اهتمام سموّها بتعزيز دور المرأة في الفعاليات الرياضية وأنشطة اللياقة البدنية من خلال مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، حيث تستهدف إبراز دور المرأة الرياضية الإماراتية في المحافل المحلية والعالمية.

ومن أجل ضمان استمرارية التنمية، أدركت سموّها أن الاستثمار الحقيقي يبدأ من الطفولة. فجاء إطلاق مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين عام 2016 ليكون إعلاناً بأن التمكين لا يقتصر على الحاضر بل يصنع المستقبل.

وتحت مظلة مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، انطلقت جائزة الشيخ سلطان لطاقات الشباب أيضاً، الأولى من نوعها في العالم العربي، والتي تهدف إلى صقل مواهب ومهارات اليافعين والشباب في دولة الإمارات.

وظلت الثقافة محوراً ثابتاً في مشروع سموّها، منذ تأسيس رابطة أديبات الإمارات، الذي جسد إيمان سموّها بأن تمكين المرأة لا يكتمل من دون صوت ثقافي وأدبي يرسخ مكانتها في الوعي الجمعي. حيث أصبحت الرابطة منصة للأديبات والكاتبات والشاعرات، تتيح لهن أن يعبّرن عن تجاربهن، وأن يرفعن الوعي بالمجتمع.

وترسخت الثقافة كذلك بإنشاء مؤسسة فن؛ المنصة الرائدة في اكتشاف ورعاية المواهب الشابة في المنطقة والتي تهدف إلى إبراز قوة الفن الإعلامي، من التصوير إلى صناعة الأفلام والوسائط المتعددة والرسوم المتحركة، إلى جانب تمكين الفنانين الشباب في الشارقة ودولة الإمارات من خلال تعزيز ثقافة الفن الإعلامي.

ولم تقتصر جهودها على الداخل، بل رافقت صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في رحلات ثقافية وعلمية حول العالم: في فرنسا، لتعزيز التعاون الأكاديمي والتعريف بالتراث الإماراتي؛ في إسبانيا، لدعم مبادرات ثقافية موجهة للأطفال؛ وفي المملكة المتحدة، للمشاركة في إطلاق مشروعات تعليمية وإنسانية مع مؤسسات مرموقة.

العمل الإنساني جوهر الفكر

ومع كل هذه الأبعاد، ظل العمل الإنساني جوهر فكر سموّها. ففي عام 2013، منحتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لقب المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين، لتتوج مسيرة بدأت منذ سنوات. وبعد ذلك بعامين، أطلقت مؤسسة القلب الكبير (2015).

ثم جاء إطلاق جائزة الشارقة الدولية لمناصرة ودعم اللاجئين (2017) لتكون منصة دولية تكرم المبادرات المتميزة وتطور آليات العمل الإنساني.

وفي عام 2024، اكتسب العمل الإنساني بعداً وجدانياً خاصاً مع تأسيس مؤسسة خالد بن سلطان القاسمي الإنسانية، التي جسدت حلم المغفور له الشيخ خالد بن سلطان القاسمي، وسعت إلى حماية الأطفال ضحايا الاستغلال والاتجار بالبشر.

لم تكن هذه المسيرة الطويلة أن تمضى من دون تقدير وعرفان لمنجزات سموّ الشيخة جواهر القاسمي. فقد مُنحت سموّها أوسمة وجوائز عديدة: وسام رائدات العمل في الوطن العربي (2002) من سموّ«أم الإمارات» الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية ولقب «رائدة العمل التطوعي في الشارقة»، و«السيدة العربية الأولى في دعم قضايا المرأة والأسرة»، و«سفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان».

وفي المجال الثقافي، نالت جائزة البازلاء الذهبية من المركز الثقافي الألماني لقصص الأطفال، وجائزة الملك عبدالله الثاني للإبداع، وتم تكريمها في قمة «بيروت انستيتيوت». أما في التعليم، فقد حصلت على جائزة الشخصية التربوية الداعمة للتعليم (2019)، ونالت التقدير الأكاديمي الأرفع عبر الدكتوراه الفخرية من جامعة الشارقة.

حين ننظر إلى تجربة سموّ الشيخة جواهر بنت محمد، نرى أكثر من سجلات حافلة بالمبادرات والمنجزات، ونلمس نموذجاً لقيادة تجمع بين الإلهام والتنفيذ، بين الإنسان والفكرة، بين المجتمع والهوية. إنها قيادة تستمد رسالتها من أثرها في حياة الأفراد وقيمتها من قدرتها على تحويل المبادئ إلى مؤسسات ترافق المجتمع في كل تفاصيله. (وام)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق