«ص.ج» شاب موهوب حلم بلعب كرة القدم في أوروبا، إلا أن حلمه تبدّد بعد أن سقط في قبضة عصابة اتجار بالبشر أرغمته على العمل لديها سُخرةً في مجال يستغل النساء، وتعرّض لمختلف أشكال الضرب والتهديد بالقتل قبل أن يتمكّن من الهرب بشق الأنفس.
هذا الشاب، الذي كان ضحية تجربة إنسانية صعبة، حضر إلى دبي بعد تشجيع أحد أصدقائه له ليبدأ حياة جديدة، ويلتحق بالعمل في مجال الأمن الخاص ضمن شركة تعمل في أحد المنافذ الجوية.
رشّحته الشركة للالتحاق بدبلوم «اختصاصي مكافحة الاتجار بالبشر»، الذي أطلقته اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر والقيادة العامة لشرطة دبي بالتعاون مع معهد دبي القضائي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والهادف إلى إعداد نخبة مؤهلة للتعامل بكفاءة ومهنية عالية مع جريمة الاتجار بالبشر ورعاية ضحاياها.
أنجز الدبلوم وأعدّ بحثاً عملياً
الشاب، الذي عانى الأمرّين من التجربة القاسية، تمكّن من إنجاز كافة متطلبات الدبلوم، وأعدّ بحثاً علمياً مُتكاملاً حول «إجراءات ضبط الحدود لمنع جرائم الاتجار بالبشر»، ختمه بخمس توصيات لمكافحة هذه الجريمة، تمثّلت في «ضرورة وضع وتنفيذ برنامج تدريبي شامل لمسؤولي إنفاذ القانون وحرس الحدود، ويجب أن يتضمّن هذا البرنامج معلومات عن مؤشرات الاتجار بالبشر وحقوق الضحايا وإجراءات الإبلاغ عن حالات الاتجار والاستجابة لها».
وأوصى في بحثه بـ «ضرورة إنشاء آليات لتسهيل التعاون وتبادل المعلومات بين الوكالات والمنظمات، بما في ذلك وكالات إنفاذ القانون ووكالات مراقبة الحدود والمنظمات غير الحكومية، وإطلاق حملات توعية عامة وتثقيفية للجمهور حول مؤشرات الاتجار بالبشر وحقوق الضحايا وإجراءات الإبلاغ عن حالات الاتجار والاستجابة لها».
كما أوصى في بحثه العلمي على ضرورة إنشاء آليات لتوفير الدعم والحماية لضحايا الاتجار بالبشر، بما في ذلك الوصول إلى الرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية والمساعدة القانونية، إلى جانب تطوير وتنفيذ تدابير الرقابة الحدودية الفعّالة، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا البيومترية وتقييم المخاطر وتحديد الملفات الشخصية والتعاون بين الوكالات والمنظمات.
المعرفة مهمة لمنع الاتجار بالبشر
يقول الشاب عن إنجازه الدبلوم بنجاح: «التحقت بالدبلوم بعد أن رشّحني مديري في العمل له، وطلب مني أن أشارك فيه من أجل زيادة معرفتي بجريمة الاتجار بالبشر ومؤشراتها وأركانها. ولم أكن قد تحدّثت له مُسبقاً عمّا حدث معي من تجربة قاسية، لكن أفصحت عن تجربتي أمام الزملاء في الدبلوم، وكانوا في حالة صدمة من تفاصيل ما رويته لهم، وشجّعوني على المواصلة والاستمرار والاجتهاد».
وأضاف: «كان الدبلوم بمثابة فرصة لتعزيز معرفتي بهذه الجريمة غير الإنسانية، وأن أنقل المعرفة حولها إلى زملائي في العمل، خاصة وأننا نعمل في مجال الحراسة والأمن الخاص، وهذه الخبرة قد تساعدنا في إنقاذ حياة إنسان عبر التعرف إلى المؤشرات والمظاهر التي تبدو على ضحية هذا النوع من الجرائم العابرة للحدود».
وأشار إلى أن المعرفة وتعزيز الوعي من أهم الوسائل الوقائية التي قد تُنقذ أي شخص من استغلال العصابات أو من الوقوع ضحية للاستغلال.
قصته مع السمسار المُخادع
تعود قصة الشاب إلى أنه كان لاعب كرة موهوباً في موطنه، وكان يطمح لأن يلعب كرة القدم في أوروبا. وفي أحد الأيام شاهده رجل، وادّعى أنه سمسار لاعبي كرة قدم، وأبلغه أن بإمكانه مساعدته على الاحتراف في نادٍ رياضي في إحدى الدول الإفريقية، ثم سينقله مباشرة إلى أوروبا للعب في أحد الفرق.
يقول الشاب: «بالفعل جمعت مبلغاً من المال، وسافرت طويلاً براً وسط الصحراء إلى الدولة الإفريقية، تمهيداً لتحقيق حلمي في اللعب في هذا البلد ثم التوجه للاحتراف في أوروبا لكن عند وصولي إلى هناك فوجئت بأنه لا يوجد نادٍ لكرة القدم، وإنما وقعت في قبضة عصابة اتجار بالبشر، وكان السمسار أحد أعضائها».
ضرب وتهديد بالقتل
وتابع: «أرغموني تحت التهديد والضرب على العمل لديهم، وكانوا يعملون في مجال استغلال النساء، وطلبوا مني حراستهن ونقلهن من مكان إلى آخر. حاولت في المرة الأولى الهرب، لكنهم تمكّنوا من إلقاء القبض عليّ، واعتدوا عليّ بالضرب المبرّح وهدّدوني بالقتل في حال تكرار المحاولة».
الهرب والاستقرار
وأشار إلى أن محاولة الهرب الثانية نجحت بفضل مساعدة أحد الأشخاص الذي تعاطف معه، وتنقّل عبر عدة دول إلى أن وصل إلى موطنه بأمان، مُبيناً أن صديقًا له يقيم في الإمارات عرض عليه بعد ذلك الحضور والبحث عن عمل، فجاء بتأشيرة زيارة ونجح في الحصول على عمل في شركة الأمن الخاص، وتغيّرت حياته نحو الأفضل وحصل على الاستقرار النفسي والذهني والاجتماعي.
0 تعليق