نشر في الرأي يوم 09 - 03 - 2025

بقلم/ عبدالله غانم القحطاني
كثرة مصاريف الأمير عبدالله الفيصل!
وعتاب الملك فيصل.. فكيف رد الأمير؟
((الجود مابه ياسنَادِي خطيَّا ** ترى الخطا يابوي ترك المواجيب))
الكريم الصادق لا يتبين أثره في الرخاء بل في وقت العُسر وضيق الحياة..
والذين يوصفون اليوم ب "المهايطية" المبذرين أساؤا لتاريخ الكرم العربي ولرجاله عطران الشوارب. والله إنك لتخجل من بعض المقاطع المصورة للبذخ المتعمد وصاحبه وهو يلقي خطبة الترحيب المخجلة ويشرح ما يقدمه من تبذير فاجر باللحوم والشحوم وأكياس الأرز والإستعراض بكلام وتعابير سيئة ليست من شيم العرب، ولو رآه أجداده الكرماء لحثوا بالتراب في وجهه.!.
حسناً.. هل المقصود بهذا الكلام الرجال النشاما المحترمين الذين أنعم الله عليهم بالخيرات والأموال فيقيمون المناسبات المتوافقة مع العُرف والدين، أو يكرمون من يستحق بمظهر جميل وفاخر، أو الذين يتنعمون فيما رزقهم الله بكل غالي ونادر؟، كلا.. أبداً.. هؤلاء في الغالب عقلاء ومنضبطين في تصرفاتهم ومدركين لكافة الأبعاد ويخشون الله، ويحترمون أنفسهم ومجتمعهم، ومتواضعين بمنطق الغني العاقل، وعكسهم هُم هؤلاء الذين يفعلون جرائم الإسراف لغرض الدعاية والتصوير والخيلاء.
ملوكنا وأمراؤنا في السعودية مدرسة عربية في الشهامة والكرم والتواضع والعطاء بوقته لمن يستحقه أو يسأله.. ولا يمكن أن يكون إبن الملك فقير، وهو ليس مضطراً مهما كان غنياً أن يبذر لأجل السمعة. والكريم الصادق لا يمسك، لكن المشكلة فيمن يصور الكرم الحقيقي على أنه تبذير.. وهنا قصة فيها عبرة ودرس، فقد قيل لأبو عبدالله، الملك فيصل بن عبدالعزيز "رحمهم الله" أن إبنه الأمير الأديب عبدالله الفيصل مُبذر، ويبدو أن الملك تضايق وعاتبه. وعتاب الملوك موجع..
ومن يعرف سمو تربية أبناء ملوكنا وأمراؤنا، وتأدبهم مع والديهم ومن يكبرهم عمراً من العائلة، فسيدرك أن الأمير عبدالله حينها لم يرد بكلمة واحدة على أبيه الملك، بل سينصت مابين المعتذر، والوجِل..
أنتهى الموقف، لكن الأمير يعلم ما يدور في رأس الملك..فهو الأمير الشاعر ومن مثقفي العالم العربي، وضمن قصائدة الشهيرة "ثورة الشك" التي غنتها أم كلثوم.. المهُم، كتب الأمير لوالده الملك شارحاً بذكاء موقفه من وشاية التبذير:
الجود مابه ياسنَادِي خطيّا ** ترى الخطا يابوي ترك المواجيب
أَعْدَتْ يمينك من كرمها يديَّا ** واعديتني بالطيب ياحايش الطيب
ومن جود جودك صرت مشهور طيَّا ** ولولاك ما وَقْفَتْ عليّ المراكيب
ليقِيل أبوه اللي على الطيب عيَّا ** قالوا يجي مثله ولو مثلك صعيب!
ما للردَى يابوي درب عليَّا ** ليصار جدي مشبع الطير والذيب
من نسل قوم مجدهم بالثريّا ** وماقول قول مايقال إنه مصيب.
العبرة إذا كان لك في الطيب والكرم إرث فلا تخشى مايقال عنك.. لكن التبذير المصور يعيب الرجل..
أَعْدَتْ يمينك من كرمها يديَّا ** واعديتني بالطيب ياحايش الطيب.
وإلى لقاء في حديث سَحَرٍ جديد..
الأمير عبدالله الفيصل

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.