«التنمر» على شارع الأعشى والشميسي

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«التنمر» على شارع الأعشى والشميسي, اليوم الاثنين 10 مارس 2025 08:45 مساءً

«التنمر» على شارع الأعشى والشميسي

نشر بوساطة محمد الرشيدي في الرياض يوم 10 - 03 - 2025

2122545
قبل أيام زرت محلا لبيع التراثيات، ولاحظت صفحة من جريدة (متهالكة) داخل برواز، فسألت عن قيمتها، وتفاجأت أنها وصلت أكثر من «25» ألف ريال، دون أي مبررات مقنعة في وصولها لهذا المبلغ المبالغ فيه، فلم يستطع التاجر بيعها ولم يتم الاستفادة من قيمتها الزمنية بسبب المبالغة المالية بقيمتها.
ما دعاني لهذه المقدمة هو ملاحظتي لظاهرة المبالغة في التفاصيل القديمة والتلاعب باللهجات والديكور في بعض الأعمال الدرامية السعودية لرمضان 2025، التي اعتمدت على الإبهار البصري وبالمقابل ضعف الحبكة الدرامية، فهذه الظاهرة لا تؤثر فقط على تماسك العمل، بل قد تؤدي إلى تنفير الجمهور، الذي أصبح أكثر وعيًا وقدرة على كشف الأخطاء وعدم التجانس في تفاصيل الإنتاج.
صحيح أن الاهتمام بالحقب الزمنية القديمة في الدراما السعودية ليس جديدًا، لكنه هذا العام وخصوصا في ثلاثة مسلسلات سعودية هي «شارع الأعشى، وليالي الشميسي، والزافر» كان الأبرز، حيث ركزت هذه المسلسلات على إبراز مراحل زمنية تاريخيّة، ولكن بعضها ظهر بشكل مبالغ فيه، وأثر على التسلسل الدرامي، فرغم أن الدقة في إعادة تشكيل البيئات القديمة تضفي طابعًا واقعيًا، لكن عندما يتحول العمل إلى مجرد استعراض بصري، يفقد المشاهد ارتباطه العاطفي بالشخصيات والأحداث، فتصبح بعض الأخطاء واضحة جدًا للمشاهد الذكي، مثل استخدام مفردات أو أثاث غير متناسب مع الحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، ما يشعر الجمهور أن العمل غير دقيق أو مصطنع، ما يفقده مصداقيته.
خصوصا أنه في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، لا تمر مثل هذه الأخطاء مرور الكرام، إذ يتحول الخطأ البسيط إلى موجة من «التنمر النقدي» على الممثلين، حيث يقوم الجمهور بتفكيك المشاهد، واستخراج الأخطاء اللغوية، وحتى مقارنة الأداء بالأعمال السابقة، وهذا قد يضر بالممثلين أنفسهم، خاصة إذا تم تسليط الضوء على ضعف التمثيل أكثر من جودة العمل ككل، لان التفاصيل البصرية المبالغ فيها تؤثر على القصة والسيناريو، حيث يصبح العمل مجرد إطار زمني لاستعراض الماضي دون حبكة قوية أو شخصيات متطورة، بدلاً من أن تكون القصة ذات قيمة درامية عميقة، حيث وجدنا أن بعض المشاهد تُكتب فقط لخدمة الديكور أو اللهجة، مما يؤدي إلى ضعف الحوارات، وتكرار المشاهد، وغياب عنصر التشويق.
فالمشاهد اليوم أصبح يُحلل، ويُناقش، وينتقد بصوت عالي عبر حسابات التواصل الاجتماعي، الأخطاء في اللهجة، أو استخدام ديكورات غير دقيقة تاريخيًا، أو حتى تقديم أحداث غير منطقية قد يجعل العمل يفقد مصداقيته، بل ويصبح مادة للتندر والسخرية، ويتحول العمل إلى (ترند سلبي) بسبب الأخطاء، مما يُضعف فرص نجاحه رغم ضخامة الإنتاج.
لذلك يجب على القائمين على الدراما السعودية أن يتجاوزوا فخ الاستعراض البصري المجرد، وتقديم أعمالًا متماسكة سرديًا، تحترم عقل المشاهد، وتتفادى الأخطاء التي قد تُفقدها مصداقيتها أمام جمهور ناقد وذكي، لا يتردد في كشف العيوب.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار ذات صلة

0 تعليق