كيف سقطت ورقة " معاداة السامية "

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف سقطت ورقة " معاداة السامية ", اليوم الأحد 17 أغسطس 2025 03:02 صباحاً

كيف سقطت ورقة " معاداة السامية "

نشر بوساطة فاطمة المزيني في الوطن يوم 17 - 08 - 2025

1168648
تكشف تصريحات، بنيامين نتنياهو، الأخيرة حول «إسرائيل الكبرى» عن رؤية استعمارية توسعية تتجاوز حدود السياسة والعقلانية لتتحول إلى خطاب أيديولوجي يبرر التوسع باسم التاريخ والدين، لم يعد الأمر يتعلق بدولة تبحث عن أمن أو سلام، بل بمشروع إمبراطوري قديم يُعاد إحياؤه في عالم يقوم اليوم على القانون الدولي.
هذا الخطاب ينسف فكرة «معاداة السامية» التي طالما استُخدمت كدرع سياسي، لأن إسرائيل لم تعد تقدم نفسها كضحية محاصرة، بل كمعتدٍ يسعى لفرض سيطرته على شعوب وأراضٍ لا علاقة له بها.
على مدى عقود، جرى تصوير أي انتقاد لإسرائيل بوصفه عداءً لليهود، لكن نتنياهو نفسه هو من أسقط هذا القناع، فحديثه عن «إسرائيل الكبرى» يفضح أن المشروع الصهيوني في حقيقته لا يهدف لإيجاد ملاذ آمن لليهود، بل هو أداة توسعية تهدد استقرار المنطقة، والأدهى أنه يستند إلى مزاعم «حق تاريخي» لا وجود له؛ فالتاريخ لا يمنح شرعية سياسية في عالم اليوم، وإلا لادَّعت كل إمبراطورية قديمة بعودة أراضيها، كما أن اليهود لم يكن لهم حكم تاريخي في دول عربية، هددها نتنياهو ضمنًا بخطابه، ما يكشف زيف هذه المزاعم وابتعادها عن أي أساس.
تصريحات نتنياهو تجعل المشكلة واضحة: ليست في عداءٍ متوارث ضد اليهود كجماعة دينية، بل في سياسات استعمارية تستفز الشعوب وتفتح أبواب صراع جديد.
بحديثه عن مهمة روحية للتوسع، يزرع نتنياهو بذور عزلة جديدة لليهود ويعمّق فجوة الكراهية، وهو ما يتناقض مع الذريعة المركزية التي تقوم عليها فكرة «معاداة السامية»، فالنقد لم يعد موجهًا لهوية دينية، بل لمشروع توسعي يضرب عرض الحائط بالشرعية الدولية.
تصريحات «إسرائيل الكبرى» لا تكشف فقط عن سذاجة سياسية ويأس داخلي لدى نتنياهو، بل تمثل تحديًا مباشرًا للقانون الدولي، قرارات مجلس الأمن واضحة: 242 (1967)، الذي يرفض الاستيلاء على الأراضي بالقوة، و338 (1973) الذي يلزم بتنفيذه، و2334 (2016) الذي يدين الاستيطان، إضافة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية (2004) بشأن عدم شرعية الجدار العازل، كلها تقرر أن الاحتلال باطل، وأن حق تقرير المصير ثابت للشعوب.
إن تجاهل هذه المرجعيات يضع إسرائيل في مواجهة مع النظام الدولي بأسره، كما يشكل انقلابًا على الخطاب الغربي التقليدي الذي اعتاد التماهي مع فكرة معاداة السامية، والذي كان يصور اليهود دائمًا كضحايا محاطين بعداء تاريخي من الشعوب الأخرى.
تبني رئيس وزراء إسرائيل علنًا لأسطورة «إسرائيل الكبرى» ذات الجذور الدينية التوسعية يقوض سردية «معاداة السامية» من داخلها؛ فهو ينزع صفة الضحية عن اليهود، ويكشف الطابع الأيديولوجي للصهيونية، كما أنه يتحدى القانون الدولي باسم الدين.
من جهة أخرى، هذه التصريحات تعني دفع الأجيال اليهودية للعيش في صدام دائم بدلاً من الاندماج في عالم حديث يسوده القانون والسلام العادل للجميع.
وأخيرًا تضعنا هذه التصريحات أمام سؤال كببر: هل نشهد اليوم تحول إسرائيل من مشروع وطن قومي إلى مشروع إمبراطورية استعمارية؟.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق