مع الشروق : الأقصى يستباح...والعالم يتفرّج

تورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : الأقصى يستباح...والعالم يتفرّج, اليوم الخميس 29 مايو 2025 01:15 صباحاً

مع الشروق : الأقصى يستباح...والعالم يتفرّج

نشر في الشروق يوم 28 - 05 - 2025

2355031
لم يعد المشهد في المسجد الأقصى المبارك مجرد استفزاز عابر من متطرفين صهاينة معزولين، بل تحول إلى تجسيد صارخ لانخراط المؤسسة الرسمية الصهيونية بأكملها في حرب معلنة على القدس ومقدساتها وهويتها، إذ أن اقتحام وزير الأمن القومي المتطرف ايتمار بن غفير على رأس أكثر من ألفي مستوطن صهيوني ومسؤولين صهاينة وأعضاء كنيست وحاخامات لباحات الأقصى ليس مجرد انتهاك، بل هو إعلان نوايا سافر لفرض السيادة الإسرائيلية المزعومة وتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم، مستغلا الانشغال بالعدوان الوحشي على غزة والصمت العربي الرسمي.
إن دلالات هذا الاقتحام السافر، الذي وصفه المقدسيون بأنه من "أشد وأقسى وأعتى الأيام" التي تمرّ على مدينتهم، تتجاوز البعد الرمزي لتلامس جوهر الصراع، فمشاركة بن غفير ومن معه من مسؤولين صهاينة بالتوازي مع عقد جلسة للحكومة الصهيونية الفاشية في بلدة سلوان الملاصقة للأقصى، يؤكد أننا أمام مخطط ممنهج لتهويد القدس وتكريس صورة السيادة والهيمنة عبر عسكرة المدينة ونصب الحواجز ومحاصرتها اقتصاديا بمنع الوصول حتى للبلدة القديمة ومنع أهلها من الحركة والوصول إلى مقدساتهم في سياسة تطهير عرقي واضحة المعالم.
ولعل الأخطر من ذلك، هو هذا الدفع المتعمد نحو تحويل الصراع إلى حرب دينية شاملة، وهو ما يسعى إليه بن غفير وتيّاره الصهيوني الديني المتطرف، الذي يرى في الأقصى "جبل الهيكل" المزعوم، وهو الخطاب المدعوم بممارسات على الميدان تهدد بإشعال فتيل لا يمكن التنبؤ بعواقبه في منطقة ملتهبة أصلا، كما أن توقيت الاقتحام في ذكرى الاحتلال المشؤومة وفي ظل العدوان الغاشم المتواصل على غزة، يحمل رسالة انتقام من طوفان الأقصى ومحاولة يائسة موهومة لإفراغ التسمية من مفهومها النضالي وإعادة الاعتبار لليمين المتطرف الذي يقود الكيان الصهيوني نحو مزيد من التطرف والعزلة الدولية.
وأمام هذا التصعيد الخطير والممنهج، لم تتجاوز ردود الفعل الدولية منها والعربية رغم صدور بيانات الإدانة من عواصم عدة ومنظمات إقليمية مربّع الديبلوماسية التقليدية التي لا تجدي نفعا في غياب إجراءات رادعة أو خطوات عملية تتناسب وحجم الانتهاكات الصهيونية السافرة وخطورتها، وهو ما يفسّره الكيان الغاصب كضوء أخضر للمضي في مخططاته.
فالصمت الدولي أو الاكتفاء بالشجب الذي لا يتبعه فعل، يمنح المعتدي شعورا زائفا بالإفلات من العقاب ويشجّعه على التمادي في جرائمه، لذا فإن التصدي لممارسات الاحتلال في القدس والأقصى ليس مجرد خيار، بل ضرورة وجودية واستراتيجية لا تحتمل التأجيل، ودفاع عن الهوية والمقدسات، ووسيلة حتمية لوقف فرض الأمر الواقع، وكسر حلقة الإفلات من العقاب، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية في ضمير العالم.
إن ترك الأقصى وحيدا في مواجهة مخططات التهويد هو خيانة للتاريخ والمستقبل، وتفريط في أمانة ثقيلة، والدفاع عنه لا بدّ أن يتجاوز الخطب الرنانة والبيانات، ليترجم إلى تحرك سياسي وديبلوماسي عربي وإسلامي موحد وجاد يضغط على المجتمع الدولي وخاصة الدول الغربية التي توفر الغطاء للاحتلال، لتفعيل آليات المساءلة الدولية وتقديم الدعم القانوني اللازم لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل، وتفعيل أدوات المقاطعة الشاملة وتوفير الدعم المادي والمعنوي لتعزيز صمود أهل القدس في وجه سياسات التهجير والتطهير العرقي.
هاشم بوعزيز

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق