في إنجاز علمي وتكنولوجي يرسّخ مكانة دولة الإمارات كمركز رائد للابتكار، أعلن معهد الابتكار التكنولوجي، الذراع البحثية التطبيقية التابعة لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، تطوير تقنية متقدمة في مجال الطائرات المسيّرة (Drones)، تتيح للسرب الواحد منها العمل معًا بسلاسة وتنظيم المهام ذاتيًا دون الحاجة إلى مركز تحكم مركزي.
ويعتمد هذا الإنجاز على خوارزميات الذكاء الاصطناعي اللامركزي التي تتيح للأسراب اتخاذ قرارات فورية وتنفيذ المهام بكفاءة عالية، مما يفتح آفاقًا واسعة لتطبيقات متعددة في القطاعات المدنية والتجارية.
الطائرات المسيّرة.. استقلالية جماعية بذكاء لامركزي:
تُعدّ هذه التقنية قفزة نوعية في مفهوم استقلالية الطائرات المسيّرة، إذ تستفيد من خوارزميات الذكاء الاصطناعي اللامركزي، التي طوّرها معهد الابتكار التكنولوجي، والتي تسمح لأسراب الطائرات المسيّرة بتغيير تشكيلها، وسلوكها، وقراراتها تلقائيًا بالاعتماد على الأهداف المشتركة، وتنفيذ المهام بالتوازي.
ويعزز هذا النهج قابلية التوسع وكفاءة الأداء بنحو غير مسبوق، مما يجعلها تتفوق على الأنظمة التقليدية التي تعتمد على مسارات مبرمجة سابقًا أو تحكم مركزي.
وفي هذا الصدد، أوضحت الدكتورة نجوى الأعرج، الرئيس التنفيذي لمعهد الابتكار التكنولوجي، أن المعهد يعمل على تطوير مفهوم الاستقلالية الجماعية، إذ تعمل الطائرات المسيّرة بالذكاء الاصطناعي ضمن أسراب ذكية ولامركزية مصممة لتنفيذ مهام دقيقة عالية التأثير.
وأضافت أن الذكاء اللامركزي لهذه الأسراب يتيح لها التنقل في بيئات معقدة بسلاسة، مما يجعلها مثالية للمهام الحيوية التي تتطلب مرونة واستجابة آنية.
التطبيقات المحتملة لأسراب الطائرات المسيّرة الذاتية التحكم:
تتعدد الاستخدامات المحتملة لتقنية أسراب الطائرات المسيّرة الذاتية التحكم، لتشمل مجالات حيوية تتطلب استجابة فورية واتخاذ قرارات لحظية، ومن أبرز هذه الاستخدامات:
- الاستجابة لحالات الطوارئ: يمكن استخدام هذه الأسراب في إدارة الكوارث الطبيعية أو الحوادث الصناعية، فهي قادرة على تحديد الأولويات وتقسيم المهام فيما بينها وتنفيذها بطريقة منسقة ذاتيًا، مما يسرّع عمليات التقييم والاستجابة في الظروف الحرجة.
- مراقبة البنى التحتية: يمكن استخدامها في المراقبة الفعالة والذكية للمنشآت والمرافق الحيوية.
- المحافظة على البيئة: تُعدّ هذه الأسراب مثالية لمراقبة المحاصيل في المساحات الزراعية الواسعة أو المساهمة في جهود ترميم النظم البيئية، وذلك بفضل قدرتها على التغطية الشاملة وجمع البيانات الدقيقة.
- تطبيقات تجارية ومدنية متنوعة: تفتح هذه الأسراب آفاقًا جديدة للاستخدامات المدنية التي تتطلب مرونة وموثوقية عالية.
وتُظهر هذه التكنولوجيا مرونة فائقة، إذ يمكنها مواصلة المهام حتى في حال تعطل بعض الطائرات أو فقدان الاتصال، لا سيما خلال الظروف القاسية مثل الفيضانات أو الزلازل، مما يعزز من موثوقيتها بنحو كبير مقارنة بالأنظمة التقليدية.
وقد أشار البروفيسور إنريكو ناتاليزيو، كبير الباحثين في مجال الروبوتات الذاتية في المعهد، إلى أهمية هذه التكنولوجيا في مواجهة التحديات المتزايدة مثل الكوارث المناخية وتعقيد البنى التحتية الحضرية، مؤكدًا أن أسراب الطائرات المسيّرة، بفضل هذا التطور، ستنتقل من أدوات مراقبة إلى حلول حيوية لحماية المجتمعات”.
ويُبرز هذا التصريح الدور المتنامي للتقنيات المتقدمة في مواجهة التحديات العالمية المتزايدة، ويؤكد الإمكانات التحويلية لأسراب الطائرات المسيّرة في مجالات الأمن والسلامة العامة.
قيادة وتحكم متطور ودعم مستمر:
لدعم التشغيل الواقعي لهذه الأسراب، طوّر المعهد منصة قيادة وتحكم آمنة وقابلة للتوسع، وتسمح هذه المنصة للمشغل بإدارة أسراب كاملة من خلال أوامر عالية المستوى، وتعمل على إدارة التنفيذ بذكاء، وتخفيف العبء عن المشغل، وضمان استمرار العمليات حتى في البيئات غير المتصلة بالإنترنت، مما يجعلها مثالية للمهام الحرجة.
ويعمل معهد الابتكار التكنولوجي حاليًا على اختبار هذه التكنولوجيا وتوسيع نطاق استخدامها من خلال شراكات مع قادة القطاع عالميًا، ويحدث ذلك في ظل منظومة ذكاء اصطناعي حكومية مدعومة، تضمن الامتثال الأخلاقي والتنظيمي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ويجري حاليًا تسويق هذه التكنولوجيا من خلال (فينتشر ون) Venture One، الذراع التجارية التابعة لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، بهدف نشرها في قطاعات إستراتيجية مثل الأمن العام، والطاقة، والبنية التحتية، والجهات المعنية بسلامة المجتمع.
ختامًا؛ يمثل تطوير تقنية أسراب الطائرات المسيّرة الذكية اللامركزية إنجازًا رائدًا يعزز مكانة أبوظبي كمركز عالمي للابتكار التكنولوجي، فمن خلال الجمع بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات الذاتية، تقدم هذه التكنولوجيا حلولًا مبتكرة للتحديات العالمية، مع ضمان المرونة والموثوقية في الظروف الحرجة.
ومع استمرار الاختبارات والشراكات العالمية، من المتوقع أن تُحدث هذه التكنولوجيا تأثيرًا عميقًا في القطاعات الإستراتيجية، مما يعزز الاستدامة والأمان المجتمعي.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق