نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عشيّة انعقاد الجلسة العامّة لجامعة الغوص: نحو مأسسة الحوكمة الرشيدة, اليوم الاثنين 26 مايو 2025 10:13 مساءً
نشر في باب نات يوم 26 - 05 - 2025
تستعدّ الجامعة التونسية لأنشطة الغوص والإنقاذ لعقد جلستها العامة العادية للموسم 2023-2024، كمحطّة تقييميّة أخرى، تمثّل فرصة للوقوف، لا فقط على المنجز الذي حقّقه الأستاذ الحبيب الشريف، رئيس الجامعة، وانّما أيضا، لحظة لاستشراف التحدّيات التي لا تزال مطروحة على المكتب الجامعي، والتي بقيت البعض منها عالقة منذ بداية العهدة.
للتذكير فانّ هذه الجامعة العريقة التي تأسّست في 1989 والتي تعود جذورها الى بداية الاستقلال تحت مسمّى الجامعة التونسية للأنشطة البحرية، استطاعت أن تفتكّ مكانها في المشهد الرياضي الوطني من خلال اشرافها على ثلاث اختصاصات مائيّة: الغوص، السباحة بالزعانف والإنقاذ.
السباحة بالزعانف
في هذا المجال، استطاع المكتب الحالي تحقيق انجازات فريدة من نوعها على المستوى الدولي. فبالتوازي مع الارتفاع المتزايد لعدد المشاركات الدولية، لا تكاد أي مشاركة، بقيادة المدرّب الوطني سيف الدين بالي، لا تكاد أن تخلو من التّتويجات والعودة بالميداليات الذهبية، وذلك في جميع الأصناف دون استثناء.
أمّا من ناحية شعبية هذه الرياضة واقبال الرياضيين عليها، فالملاحظ هو ارتفاع عدد الأندية المنخرطة وعدد المجازين. ولعلّ المجهود الجبّار للإدارة الفنية، بقيادة عبد المجيد المبروك، جعل من المسابقات المحليّة حاضنة لنشأة أبطال يغذّون النخبة الوطنية في المسابقات الدوليّة.
الإنقاذ البحري
رغم المحاولات الجديّة في بداية عهدتها لإعادة احياء هذا الاختصاص، الاّ أنّ المكتب الجامعي لم يستطع تحقيق الديناميكية المرجوّة. فبالرغم من الطلب الداخلي المتزايد في التكوين، وأمام الأبعاد الجديدة التي أخذها هذا الاختصاص عالميّا، فانّ أسبابا عديدة، الكثير منها للأسف ذاتيّ، حالت دون تحقيق انطلاقة حقيقية للجامعة في تطوير هذا القطاع الحامل لكمّ كبير من الإمكانات على المستوى القدرة التشغيلية أو في إطار المنافسات الدولية.
الغوص
يعتبر نشاط الغوص حجر الأساس في الجامعة لما يحمله من عمق تاريخي وأهمية وطنية، وقد قطع المكتب الجامعي الحالي أشواطا كبيرة في النهوض بهذا القطاع مقارنة بما عرفه من تكلّس خلال الحقبة الجامعية السابقة. فالمنجز واضح وجليّ، من خلال المراهنة على التكوين وتحقيق الاندماج في المنظومة الدوليّة مع السعي الى عصرنة الحوكمة الفيديرالية للقطاع، عبر الرقمنة ومراجعة المعايير المنظّمة للنشاط. غير أنّ هذه الديناميكيّة الايجابيّة، لا يمكن أن تحجب بعض النقائص، خاصّة منها المتعلّقة بانسيابيّة النفاذ للمعلومة، والتقصير في الدفاع عن مصالح المنظورين لدى السلط العمومية، إضافة الى عدم التفاعل الجدّي مع الدعوة الى ضرورة مزيد العمل على تنقية الأجواء الداخليّة من كلّ ما من شأنه أن يعطّل هذا الحراك الإيجابي.
نجاح دولي
استطاع الأستاذ الحبيب الشريف أن يجسّد بامتياز الدور الذي يمكن أن تلعبه مثل هذه الهياكل الوطنيّة في دفع الديبلوماسية الرياضية، حيث تمكّن أن يحقّق في فترة وجيزة اشعاعا قارّيّا ودوليّا لا نظير له. فبترأسه الكنفيدرالية الافريقية للأنشطة التحت مائية، نجح في اقتلاع مقعد في الهيئة التنفيذية للكنفيدرالية العالمية. ضامنا بذلك عضويّة تونس في عدد من اللجان القارية والدوليّة بالإضافة للاتحاد العربي. كما صارت الجامعة تحظى بتقدير واسع من لدن مجمل الجامعات الرياضيّة الأجنبية ومسؤوليها، ممّا يعزّز مكانة تونس واشعاعها دوليّا. تجسيما لذلك، ورغم ضعف تجربتها ومحدودية امكانياتها، فقد تمكّنت الجامعة التونسية لأنشطة الغوص والإنقاذ، من تنظيم عدد من التظاهرات الدولية التي كلّلت بنجاح نسبي، على أن تتحسّن قدراتها التنظيمية بتراكم التجربة وتبنّي العقليّة الاحترافيّة في تنظيم الفعاليات الدولية.
الحوكمة
في 2022، تقلّد المكتب الجامعي الحالي المسؤولية متحمّلا عجزا ماليّا يناهز 40 بالمائة من الميزانية، وقد استطاع في ثلاث سنوات أن يتجاوز هذا العجز وأن يحقّق التوازن المالي المنشود، ممّا يجعل الجامعة تنفّذ أنشطتها بدون ضغوطات تعرقلها أو تحدّ منها أو تحول دون انجازها. غير أن هذا النجاح لا يحجب بعض التحدّيات التي لا تزال مطروحة وأساسا المتعلّقة بحوكمة الجامعة. اذ يرى عدد هام من المعنيّين بأنشطتها غياب عمل اللجان، باستثناء واحدة أو اثنان. كما أنّه لوحظ غياب للمقاربة التشاركيّة الموسّعة في صياغة القرار، التي يجب أن تشمل لا فقط أعضاء المكتب الجامعي، وانّما كلّ من له الرغبة في المساهمة الفاعلة والجدّية، وذلك بمقتضى المقوّمات العصريّة والحوكمة الرشيدة في تسيير الهياكل الرياضية.
كما أنّه، وبعد ثلاثة سنوات من تولّي الأستاذ الحبيب الشريف المسؤولية، وانكبابه على ترتيب الأوضاع الداخلية للجامعة، الماليّة منها خاصّة، دون الإعلان عن مخطّط عمل واضح المعالم، حان الوقت للشروع في انجاز المخطط الاستراتيجي للجامعة 2026-2030. وهي الفترة التي ستعرف احتفال الجامعة بالذكرى 40 لتأسيسها. ويمكن في هذا الإطار، أن تقوم الجامعة بتشكيل لجنة لصياغة هذا المخطّط، تعمل لمدّة سنة، على أن تقدّم نتائج أعمالها خلال الجلسة العامّة للسنة القادمة، وأن يكون هذا المخطّط وثيقة عمل تحظى بالإجماع الواسع، ونبراسا يضع لبنات مأسسة الحوكمة الرشيدة داخل الجامعة.
مهدي الطباخ
مدرّب ومختصّ في شؤون الغوص
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق