نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صيد الطيور في مطروح.. بين "هواية الملوك" ومصدر عيش للأسر البسيطة, اليوم الثلاثاء 26 أغسطس 2025 11:55 صباحاً
إنها "هواية الملوك" كما يطلق عليها الصيادون، لكنها في مطروح ليست مجرد هواية، بل مصدر رزق وغذاء، وأحيانًا تجارة موسمية تُدر أرباحًا على كثير من الأسر.
رحلة تبدأ مع الفجر
في جناين الزيتون الممتدة على أطراف مدينة مرسى مطروح، نصب عبدربه مؤمن عبدالعليم، أحد الصيادين القدامى، شباكه منذ الفجر. بابتسامة واثقة يقول:
"الموسم ده إحنا بنستناه من السنة للسنة.. بيبدأ في أغسطس ويستمر حتى أكتوبر. الصبح بدري، من أول شروق الشمس، الشباب بيفرشوا الشباك أو يجهزوا البنادق، والطيور بتكون لسه في رحلتها، وساعتها الرزق واسع."
ويشرح أن الصيادين ينقسمون إلى ثلاثة أنواع: هواة ينفقون مبالغ طائلة على بنادق الصيد طلبًا للمتعة، وأسر بسيطة تكتفي بالشباك لتأمين غذائها اليومي، ثم التجار الذين يحولون الهواية إلى تجارة موسمية مربحة.
موائد عامرة بطعم الطيور
عند منتصف النهار، تبدأ الطيور التي اصطيدت في الصباح بالتحول إلى وجبات ساخنة داخل بيوت البادية. شباب يجتمعون حول الفحم للشواء، وآخرون يطهونه مع الأرز في قدور كبيرة.
يقول سالم رحومة، شاب في العشرينات من أبناء البادية" "إن أول الموسم لحد آخره، الطيور بتبقى الأكلة الرئيسية عندنا.. سمان، قمري، بط.. كل نوع له طعم مميز. ودي حاجة بتجمعنا كعيلة وصحاب حوالين السفرة."
تنوع في الطيور.. ومذاقات مختلفة
ويكشف عبدربه عن تنوع الأنواع التي تمر على مطروح: الشهبة، الأوز، البط، السمان، القمري، النغاق، أبو صفير، الشحيم، الدبسي، الدقنوش، العفري وغيرها.
ويضيف مبتسمًا: "كل نوع وله زبونه.. فيه اللي يستمتع بمذاق السمان، وفيه اللي يفضل القمري أو الأوز.. حتى التجار بيبقوا عارفين الطلب على كل نوع".
من الهواية إلى التجارة
على أطراف السوق الأسبوعي في مطروح، يُعرض جزء من الغنيمة للبيع: طيور حية في أقفاص، وأخرى مذبوحة ومجهزة. وهنا يتحول الصيد من متعة شخصية إلى تجارة تعيل أسرًا بأكملها.
يقول أحد التجار، ويدعى منصور فؤاد: "الصيد بقى تجارة لناس كتير.. اللي بيصطاد زيادة عن احتياجاته يبيعه في السوق. في زبون بيشتري الحي علشان يربيه أو يذبحه بطريقته، وفي زبون يطلب المذبوح جاهز.. والأسعار بتختلف حسب النوع والكمية."
القانون حاضر لحماية البيئة
ورغم الشعبية الكبيرة للصيد، إلا أن العملية ليست مفتوحة بلا ضوابط. وزارة البيئة بالتعاون مع محافظة مطروح تضع قواعد محددة وتصدر تصاريح رسمية لصيد أنواع معينة من الطيور، بما يحافظ على التوازن البيئي ويمنع انقراض بعض الأنواع.
يقول أحد مسؤولي البيئة بالمحافظة: "الموسم منظم منذ سنوات.. الصياد لازم يكون عنده تصريح، وفيه أنواع مسموح بصيدها وأخرى محظورة حفاظًا على التنوع البيولوجي."
موسم ينتظره الجميع
مع غروب الشمس، يعود الصيادون بأقفاص ممتلئة أو شباك نصف فارغة، لكنهم جميعًا يتفقون على شيء واحد: الموسم حدث لا يتكرر إلا مرة كل عام.
هنا في مطروح، يلتقي شغف البادية بعبور الطيور المهاجرة، لتتحول الرمال والبحر والأشجار إلى مسرح لهواية قديمة، تمزج بين المتعة والرزق والتجارة، وتظل محفورة في وجدان أبناء الصحراء كطقس سنوي عنوانه: "هواية الملوك".
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق