في خضم الحروب والنزاعات التي يشهدها العالم، أظهرت الدبلوماسية العربية مدى فعاليتها في حلحلة الأزمات الدولية، فعلى رغم ما تشهده المنطقة العربية من سلسلة من التحديات سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، إلا أن هذه التحديات والأزمات التي تؤرق شعوب الشرق الأوسط وتنعكس بشكل كبير على المواطن العربي، لم تؤثر من جهة أخرى على دور الدبلوماسية العربية للعمل على إيجاد حلول عادلة ومستدامة للقضايا العالقة على (الطاولة الدولية).

القاهرة أرض السلام وصوت فلسطين 

فمن القاهرة صوت العروبة وأرض السلام، إلى عاصمتي الرياض ومسقط، نرى دبلوماسية مستمرة متواصلة و دؤوبة لإيجاد حلول وتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع. 

ففي مصر، تواصل الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة والعمل على إنهاء المعاناة التي يدفع الفلسطينيين فاتورتها، منذ الاحتلال و زادت وطأتها خلال الحرب المستعرة في غزة وتحولت المدينة إلى منطقة منكوبة. 

و منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وقضم يوماً بعد يوماً حلم الدولة الفلسطينية من خلال الزحف الاستيطاني الذي أصبح بمثابة جسم سرطاني في قلب فلسطين، وتعمل القاهرة من جهة أخرى التي احتضنت الصوت الفلسطيني على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، ولعل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة إلى مصر خير دليل على مدى نجاح الجهود التي تقودها الدبلوماسية المصرية حيث أعلن الرئيس ماكرون عن اعتزام بلاده الاعتراف بدولة فلسطين. 

وعلى المستوى التفاوضي بشأن حرب غزة، تبذل الوساطة التي تقودها القاهرة جهوداً مضنية وتقريب وجهات النظر بين حركة حماس وإسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وعمل على حشد دولي من أجل إعادة إعمار غزة. 

الرياض جهود دؤوبة لوقف الحرب الروسية الأوكرانية 

ومن القاهرة نتوقف في المملكة العربية السعودية، حيث احتضنت الرياض في مارس الماضي سلسلة من المفاوضات تجمع ممثلين عن الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا وذلك للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير 2022، وتبذل الرياض جهوداً من أجل وقف هذا الصراع الذي كلف العالم أجمع فاتورة باهظة.

ومن الرياض نصل إلى سلطنة عمان، حيث تواصل الدبلوماسية العربية في إيجاد حل لأحد أهم القضايا الشائكة في ملف الأزمات الدولية، واستضافت مسقط وفد من واشنطن وطهران، برئاسة وزير خارجية إيران عباس عراقجي، ومبعوث الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف حيث أجريا محادثات غير مباشرة من أجل التوصل إلى نقطة اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني. 

عمان تكسر جليد الخلافات بين واشنطن وطهران 

واتسمت مفاوضات مسقط، بالايجابية وحملت رسالة تكشف انفتاح كل من واشنطن و طهران للحوار الدبلوماسي رغم عمق الخلافات والتي ترسبت على مدى عقود، إلا أن الجلوس على طاولة واحدة هو بمثابة بداية لكسر جليد الخلافات بين البلدين، ورغم الهجوم اللاذع الذي يصرح به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا أنه ترك باب المفاوضات مفتوح مع الجانب الإيراني. 

وقراءة عامة في المشهد السياسي الدولي، فرغم هذ النزاعات المحتدمة، إلا أن طاولة المفاوضات العربية اثبتت فعاليتها في حلحلة الأزمات وأنها أصبحت وسيلة لتقريب المسافات وفي الغالب تكون أرضية محايدة لجمع أطراف النزاع على طاولة واحدة.