أصدر معهد R.O.C.K المتخصص في الدراسات الجيوسياسية والأمنية تقريراً تحليلياً من إعداد الدكتور رشيد الهُدَيِّقي، الخبير في العلاقات الدولية، تحت عنوان "الاستخبارات في المغرب: التطور القانوني والتحولات الاستراتيجية ورهانات السيادة في عصر التهديدات الهجينة".
التقرير يسلط الضوء على تطور المنظومة الاستخباراتية المغربية، مع التركيز على دور المؤسستين الرئيسيتين: المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) والمديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED)، اللتين تشكلان جناحين متكاملين ضمن النظام الأمني الوطني.
وتتجسد قوة الاستخبارات المغربية في التكامل بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) والمديرية العامة للدراسات والمستندات (DGED). بينما تركز الأولى على حماية الجبهة الداخلية، تعتبر الثانية مسؤولة عن حماية المصالح المغربية في الخارج. هذا التعاون الوثيق بين الجهازين يساهم في تعزيز الأمن الوطني ومواجهة التهديدات المتعددة.
وتتميز (DGST) بقيادة عبد اللطيف الحموشي، بدورها الفعال في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. من خلال عمليات نوعية، تمكنت من إفشال العديد من المخططات الإرهابية التي كانت تنفذها تنظيمات متطرفة مثل “داعش” و"القاعدة". كما أسهمت في توقيف مطلوبين دوليين وتوفير معلومات استخباراتية مهمة لأجهزة الأمن الأوروبية، مما ساعد في إنقاذ العديد من الأرواح.
أما (DGED)، التي أسسها عام 1973 ويقودها محمد ياسين المنصوري منذ 2005، فهي مسؤولة عن جمع المعلومات الإستراتيجية في الخارج ومكافحة التجسس. علاوة على دورها في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، تعمل على حماية المصالح الوطنية من محاولات استهداف قطاعات حيوية مثل الموانئ والطاقة المتجددة. كما تلعب المديرية دورًا دبلوماسيًا غير معلن في الوساطة الإفريقية وقضايا الصحراء المغربية.
من بين العوامل التي ساهمت في تطور قوة الاستخبارات المغربية، تأتي الإصلاحات القانونية التي أجريت على مر السنين. هذه الإصلاحات منحت الأجهزة الاستخباراتية صلاحيات فعّالة في إطار قانوني منظم، مما سمح لها بمواكبة التطورات الأمنية المعقدة. كما استفادت الأجهزة من تحديثات تقنية مستمرة، خاصة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي وأمن الفضاء السيبراني.
لقد استطاعت هذه الأجهزة أن تحافظ على قدرة استباقية في مواجهة التهديدات المتزايدة والمتنوعة، من خلال الموازنة بين الحزم والمرونة في التعامل مع التحديات. يضاف إلى ذلك انفتاحها على الشراكات الأمنية الدولية، ما يضمن دعمًا متبادلًا مع مختلف الدول دون المساس بسيادة المغرب.
وأشار التقرير إلى ثلاث ركائز أساسية تميز الاستخبارات المغربية:
الإصلاحات القانونية: قامت الأجهزة الاستخباراتية بتطوير صلاحياتها ضمن إطار قانوني محكم، مما عزز من قدرتها على مواجهة التهديدات المتزايدة.
التحديث التقني: حرصت الأجهزة على مواكبة التقدم التكنولوجي، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي وأمن الفضاء السيبراني، لتظل قادرة على مواكبة التهديدات المتجددة.
الشراكات الدولية: حافظت الأجهزة على علاقات تعاون دولي قوية، وهو ما أتاح لها جمع معلومات حيوية وأسهم في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي.
تعتمد الاستخبارات المغربية بشكل كبير على التعاون الدولي في مواجهة التهديدات العابرة للحدود. من خلال التنسيق مع الأجهزة الأمنية في أوروبا ودول الجوار، تمكنت من تعزيز موقعها كقوة استخباراتية إقليمية. هذا التعاون يتجاوز مجرد تبادل المعلومات ليشمل العمل المشترك في مكافحة الإرهاب، الهجرة غير النظامية، والجريمة المنظمة.
وتظل المنظومة الاستخباراتية المغربية نموذجًا يقتدى به في مجالات الأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. مع الحفاظ على سيادتها الوطنية، استطاع المغرب الجمع بين الفعالية الأمنية، التطور التكنولوجي، والانفتاح على التعاون الدولي لتظل في طليعة القوى الاستخباراتية في المنطقة.
أخبار متعلقة :