يستعد السوق المغربي لاستقبال أول شحنة من العجول القادمة من باراغواي، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تعزيز الإمدادات الوطنية من الماشية، خاصة في ظل التراجع الحاد الذي شهدته الثروة الحيوانية في السنوات الأخيرة، وهو القرار الذي يأتي في سياق توجه المغرب نحو تنويع مصادر استيراد المواشي لمواجهة تداعيات الجفاف وشح الموارد، ما دفع الحكومة إلى البحث عن بدائل جديدة تضمن استقرار السوق المحلي وتخفيف الضغط على الأسعار.
وتشير المعطيات الأولية إلى أن الشحنة المرتقبة ستضم نحو 2500 رأس من العجول، تم اختيارها بعناية وفقا لمعايير الجودة والسلامة الصحية، حيث سيتم تخصيصها بشكل أساسي للتسمين وإنتاج اللحوم، خاصة وأن الباراغواي تعد من بين الدول التي تحظى بسمعة جيدة في قطاع تربية الماشية، بفضل نظامها الفلاحي المعتمد على المراعي الطبيعية الشاسعة، ما يمنح ماشيتها جودة غذائية عالية، ما دفع عددا من الفاعلين في القطاع الفلاحي إلى التعبير عن تفاؤلهم بهذه الخطوة، معتبرين أنها قد تفتح المجال أمام شراكات جديدة بين البلدين في المجال الفلاحي واللحوم الحمراء.
ويأتي هذا الاستيراد في سياق أزمة خانقة يعيشها قطاع تربية المواشي في المغرب، حيث كشف وزير الفلاحة، أحمد بواري، أن القطيع الوطني تقلص بنسبة 38% منذ سنة 2016، نتيجة توالي سنوات الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، ورغم الجهود الحكومية لدعم الكسابين، فإن العجز في السوق المحلي دفع المغرب إلى تسريع وتيرة الاستيراد، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، الذي سيشهد هذه السنة ارتفاعا في الطلب على اللحوم الحمراء، بعد إلغاء شعيرة الذبح.
ويرى بعض الخبراء أن هذه الخطوة، رغم أهميتها، لن تكون كافية لتغطية الاحتياجات المتزايدة للسوق المغربي، ما يستدعي اعتماد استراتيجية متكاملة تهدف إلى إعادة التوازن إلى القطاع، حيث يشددون على ضرورة تعزيز الدعم الموجه للفلاحين والكسابين، وتحفيز الاستثمار في مشاريع الأمن الغذائي، إضافة إلى تحسين سلاسل الإنتاج والتوزيع لضمان أسعار معقولة للمستهلكين.
وكما جرتوالعادة، يطرح هذا المستجد تساؤلات حول جودة اللحوم المستوردة وتأثيرها على السوق المحلي، حيث ورغم التأكيد على أن العجول القادمة من باراغواي تخضع لمراقبة صارمة وفقا للمعايير الصحية المعتمدة دوليا، إلا أن بعض المهنيين يبدون تخوفهم من تأثير هذه الواردات على صغار الفلاحين والمربين الذين يعانون من منافسة غير متكافئة.
ويظل الرهان الأكبر من هذه الإجراءات هو ضمان توازن بين تلبية احتياجات السوق وضمان استدامة القطاع الفلاحي المحلي، خاصة في ظل تحديات التغير المناخي وارتفاع أسعار الأعلاف، ما يجعل التساؤلات حول نجاح هذه الخطوة في تحقيق أهدافها قائمة، وسط تخوفات من أن تكون مجرد حل مؤقت لا يعالج جوهر الأزمة.
أخبار متعلقة :