غزة بين الحرب والمساومات.. حسابات نتنياهو وضوء ترامب

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
غزة بين الحرب والمساومات.. حسابات نتنياهو وضوء ترامب, اليوم الأربعاء 27 أغسطس 2025 02:16 مساءً

لم تحجب أصداء الحرب في غزة أنظار اليمين الإسرائيلي عن الضفة الغربية المحتلة، حيث تتواصل الاقتحامات وخطط التوسع الاستيطاني، في الوقت نفسه، تبدو غزة على أبواب "ساعة صفر" عسكرية طالما لوّحت بها حكومة بنيامين نتنياهو، رغم الجدل الإسرائيلي الداخلي بشأن خطط الاحتلال الشامل للمدينة.

وبينما يدعو وزير الشؤون الاستراتيجية رون درمر إلى مفاوضات شاملة، تطرح التساؤلات حول عزم إسرائيل اختيار مسار الصفقة أم طريق الحرب المفتوحة، وهو جدل تتشابك فيه الخيوط الأميركية والإقليمية وسط مخاوف من تحول غزة إلى مسرح كارثة إنسانية غير مسبوقة.

إسرائيل بين التفاوض والتصعيد

يؤكد الخبير في الشؤون السياسية والإستراتيجية منصور معدي خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، أن الجلسات الحكومية التي عقدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم تفض إلى أي تقدم ملموس، سوى تثبيت قرارات مسبقة، أولها عدم الرد على مقترح حماس الذي طرحه الوسطاء؛ ثانيها المضي في خطة السيطرة على غزة ودير البلح ومخيماتها؛ وثالثها تكليف رون درمر بقيادة وفد تفاوضي حول "صفقة شاملة"، لا جزئية.

هذا التوجه يعكس، وفق معدي، رفض نتنياهو لمبدأ الحلول الجزئية، رغم وجود نقاشات حول صفقة تدريجية بضمانات أميركية، فالمشهد التفاوضي لم يعد سوى ورقة ضغط بيد نتنياهو، سواء تجاه الوسطاء أو الدول العربية، أو حتى واشنطن نفسها، والغاية الأساسية هي إبقاء "خيار التهجير" مطروحا، أو الدفع نحو إدارة أميركية مباشرة لقطاع غزة، وهي فكرة سبق أن لمح إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويشير إلى أن الرسالة الإسرائيلية هنا واضحة، لا حلول صغيرة أو مؤقتة، بل تسوية كبرى تفضي إلى إخراج حماس من المعادلة العسكرية والسياسية والإدارية داخل القطاع.

نتنياهو بين الجيش واليمين المتطرف

المأزق الإسرائيلي يتجاوز معادلة "صفقة أو حرب"، فداخل المؤسسة الحاكمة، هناك توتر متصاعد بين نتنياهو ورئيس الأركان، حيث يحذر العسكريون من أن أي عملية عسكرية واسعة قد تؤدي إلى إعدام الرهائن الإسرائيليين على يد حماس، كما حدث سابقا عند اقتراب القوات من الأنفاق.

في المقابل، يواجه نتنياهو ضغوطا هائلة من حلفائه في اليمين المتطرف، فوزراء مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هددوا علنا بالانسحاب من الحكومة إذا وافقت على صفقة جزئية مع حماس.

 وبذلك، يجد نتنياهو نفسه بين معادلتين متناقضتين، إما الاستجابة لضغوط الوسطاء والدخول في تهدئة تدريجية، ما قد يفجر حكومته من الداخل؛ أو المضي في الحرب الشاملة، مع المخاطرة بمصير الرهائن وتداعيات إنسانية غير مسبوقة.

الأكثر حساسية أن نتنياهو على أبواب انتخابات مبكرة، وسط لجنة تحقيق محتملة في إدارة الحرب، لذلك يسعى، كما يوضح  معدي، إلى صياغة "مشهد انتصاري" يضمن بقاءه السياسي، حتى لو كان الثمن حربا مدمرة على غزة.

الموقف الأميركي

هنا يبرز البعد الأميركي كعامل حاسم، فبحسب معدي، لا يكترث نتنياهو بأي موقف دولي ما دام يضمن الدعم الأميركي، وهو يرى في تصريحات ترامب الأخيرة ما يكفي من الغطاء للمضي في خططه، حيث قال ترامب: "هذا شأن إسرائيلي"، مشيرا إلى أنه لن يتدخل إذا قررت إسرائيل إعادة احتلال غزة ودير البلح.

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة، فيقرأ هذه التصريحات باعتبارها إشارة إلى موافقة ضمنية من واشنطن على السيطرة الكاملة على مدينة غزة، بل وربما على القطاع بأكمله، لا سيما وأن ترامب سبق أن طرح فكرة تحويل غزة إلى "منطقة ريفيرا" وإعادة هندسة ديمغرافيتها عبر التهجير القسري.

بكلمات أخرى، الضوء الأخضر الأميركي لا يقتصر على العمليات العسكرية، بل يمتد إلى السيناريو الأكثر خطورة، وهو تهجير الفلسطينيين جماعيًا، تحت ستار "الهجرة الطوعية".

مأساة إنسانية

الخطط العسكرية الإسرائيلية لا تتوقف عند حدود العمليات، فوفق معدي، هناك حديث عن إخلاء مليون ومئتي ألف فلسطيني من مدينة غزة، وإقامة مراكز إيواء ومستشفيات ميدانية، وهي عملية ضخمة تتطلب استدعاء أكثر من ستين ألف جندي.

بدوره يحذر أبو سعدة، من أن دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة يعني "تسوية المدينة بالأرض"، على غرار ما حدث في بيت حانون ورفح، وبهذا، فإن مئات الأبراج السكنية قد تتحول إلى ركام، ما يجعل البقاء في غزة شبه مستحيل، ويمهّد فعليا لعملية تهجير واسعة النطاق.

مأزق حماس

على الطرف الآخر، تواجه حماس وضعا معقدا، فقد وافقت قبل أسبوع على مقترح تهدئة مصري، تحت ضغط مصري–قطري–فلسطيني داخلي، لكن نتنياهو تجاهل الرد، مدفوعا برفض وزراء اليمين.

يرى أبو سعدة أن شروط نتنياهو الخمسة وعلى رأسها نزع سلاح حماس وإخراجها من القطاع ،هي شروط يعرف مسبقا أن حماس لن تقبل بها، وهكذا تصبح الصفقة مجرد ذريعة للتوجه نحو الحرب.

ومع استنزاف قدراتها العسكرية على مدار 22 شهرا، يجد مقاتلو حماس أنفسهم أمام خيار وحيد: "المعركة الانتحارية"، أو "الفناء الجماعي" كما يسميها أبو سعدة، أي مواجهة مفتوحة، حتى لو كانت كلفتها مدمرة.

المفاوضات و"إطالة الحرب"

وأشار معدي إلى أن المفاوضات الجزئية باتت "آلية لاستمرار الحرب"، تخدم مصلحة نتنياهو وحماس معا، فكل طرف يوظفها لهندسة "مشهد انتصاري"، نتنياهو عبر نزع سلاح حماس وإخراجها من غزة؛ وحماس عبر الصمود ورفض التنازلات.

لكن في هذه المرة، تغير سلم الأولويات، فبعد أن تصدرت قضية الرهائن المشهد، حلت مكانها الآن أهداف أكبر، مثل نزع سلاح حماس، والسيطرة الكاملة على القطاع، ما جعل المفاوضات أداة لإطالة أمد الحرب وتعقيدها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق