خفض أسعار الفائدة المرتقب يعزز أنشطة التمويل غير المصرفي

البورصة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

يترقب سوق التمويل غير المصرفي دورة إعادة تسعير واسعة مع تزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعات لجنة السياسة النقدية المتبقية من 2025 وتمدد الأثر إلى جانب كبير من 2026.

ومع كل نقطة مئوية هبوطًا، تتراجع تكلفة الاقتراض، ما ينعكس سريعًا على شهية الطلب، وقدرة العملاء على السداد، وحجم المحافظ الجديدة.

ورغم أن الفائدة تظل المحرّك الأوضح لاتجاهات الائتمان، فإن مسار الدخول الحقيقية وأسعار الأصول ووفرة السيولة يحدد درجة استفادة كل نشاط.

وكانت لجنة السياسات النقدية قررت تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماع يوليو الماضي، ليستقر سعري الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 24% و 25% و24.5%، على الترتيب، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 24.5%.

ويرى خبراء التمويل غير المصرفي أن خفض أسعار الفائدة المرتقب سيكون له انعكاس مباشر على تكلفة الأموال، ما يترجم سريعًا في صورة أقساط أقل على العملاء الجدد، وتخفيف الأعباء على العملاء القائمين. وبالتبعية تتحسن القدرة على السداد، وتنخفض فرص التعثر في المحافظ الحالية.

وتتوقع الشركات أن يؤدي تراجع الفائدة إلى إعادة تنشيط شهية الطلب على منتجات التمويل المختلفة، بداية من التمويل الاستهلاكي قصير الأجل وحتى التمويلات العقارية طويلة الأجل، مع تفاوت في سرعة الاستجابة بين كل نشاط بحسب طبيعته.

اقرأ أيضا: الرقابة المالية تُقر لـ5 شركات مزاولة أنشطة التمويل غير المصرفي

في المقابل، يشير التنفيذيون إلى أن أثر خفض الفائدة لا يقتصر على جانب الطلب فقط، وإنما يمتد إلى سلوك العرض، إذ يمنح الشركات قدرة أكبر على طرح منتجات أطول أجلًا وتسعير أكثر مرونة، خاصة في القطاعات التي كانت تتسم بالحذر في منح التمويل خلال فترات ارتفاع الفائدة.

ورغم أن البنوك ستظل قادرة على تقديم أسعار أقل بحكم انخفاض تكلفة أموالها، فإن شركات التمويل غير المصرفي تتمتع بميزة نسبية في سرعة الإجراءات وتبسيطها، وهو ما يعزز فرصها في اقتناص شرائح جديدة من العملاء.

كما ينعكس اتجاه الفائدة على سوق التوريق وأدوات الدين الخاصة، حيث يؤدي انخفاض العوائد المطلوبة من المستثمرين إلى خفض تكلفة الإصدار وإتاحة بدائل أسرع للشركات في إعادة تدوير محافظها التمويلية.

قيود المركزي تضع سقفاً لاستفادة شركات التأجير التمويلي من التيسير النقدي

تقف شركات التأجير التمويلي والتخصيم على أعتاب مرحلة جديدة من النمو، مدفوعة بآمال خفض تكلفة التمويل، لكن قيود سقف الـ5% الذي فرضه المركزي على تمويلات البنوك لهذا النشاط قد تمثل حائط صد أمام الاستفادة الكاملة من التيسير النقدي.

قال طارق عفت، العضو المنتدب لشركة كاتليست للتأجير التمويلي والتخصيم التابعة لـ«كاتاليست بارتنرز هولدينج»، إن خفض أسعار الفائدة يمثل «شريان حياة جديد» للسوق، موضحاً أن كل تراجع بمقدار 100 نقطة في أسعار الفائدة يترجم عادة إلى زيادة في تمويلات التأجير التمويلي تتراوح بين 4 و8%، باعتبار أن تكلفة التمويل تمثل العائق الأكبر أمام توسع النشاط.

وأضاف أن تراجع الفائدة يشجع الشركات على إعادة تحريك مشروعات مؤجلة والدخول في توسعات جديدة، الأمر الذي يرفع الطلب على خدمات التأجير التمويلي، لا سيما في القطاعات الصناعية التي تتطلب زيادة في خطوطها الإنتاجية والمعدات.

لكن تنتظر شركات التأجير التمويلي قرار المركزي برفع نسبة تخصيص الاقتراض من البنوك عن 5%، خاصةً وأن تلك المحافظ قد بلغت اقصاها في بعض البنوك.

يذكر أن المركزي أصدر كتاباً دورياً في فبراير 2024، ألزم فيه البنوك بألا يتجاوز إجمالي التسهيلات الائتمانية والاستثمارات الموجهة لشركات التأجير التمويلي عن 5% من محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية، على ألا يتعدى حجم التعرض لشركة واحدة عن 1% من إجمالي المحفظة.

اقرأ أيضا: الرقمنة تُعيد رسم خريطة التمويل غير المصرفي

من جانبه، اعتبر المدير التنفيذي للاتحاد المصري للتأجير التمويلي، أشرف حنفي، أن تراجع معدلات العائد يمثل دعماً مباشراً للنمو الاقتصادي، مع منح الشركات حرية أكبر في التوسع.

وأضاف أن تراجع تكلفة الاقتراض سيحفز المستثمرين على زيادة تعاملاتهم مع القطاع، بما ينعكس إيجاباً على حجم النشاط واستثمارات الشركات خلال الفترة المقبلة.

في المقابل، يواصل نشاط التخصيم تسجيل أداء استثنائي، مدفوعًا بتراجع الفائدة وتوسع الشركات في البحث عن حلول تمويل أكثر مرونة، وسط تباطؤ أدوات التمويل التقليدية.

سجّل نشاط التخصيم أداءً استثنائياً خلال النصف الأول من العام الجاري، ليحافظ على مكانته كأحد أسرع القطاعات نمواً داخل الأنشطة المالية غير المصرفية، مدفوعاً بتراجع أسعار الفائدة وزيادة اعتماد الشركات على حلول تمويل أكثر مرونة وسرعة في مواجهة تباطؤ أدوات التمويل التقليدية.

ويُنتظر أن يكتسب القطاع زخماً إضافياً مع أي خفض مرتقب للفائدة خلال اجتماعات لجنة السياسة النقدية المتبقية من العام، بما يعزز جاذبيته كأداة تمويل رئيسية للشركات بمختلف أحجامها.

قال حسين صدقي، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة توسع للتخصيم، إن أي خفض في أسعار الفائدة سينعكس إيجابياً على نشاط التخصيم، خاصة في ظل النمو غير المسبوق الذي شهده القطاع خلال الفترة الماضية.

وأوضح أن تأثير كل خفض بنسبة 1% في أسعار الفائدة على عمليات التخصيم لا يمكن قياسه بشكل مباشر حالياً، إذ يرتبط النمو بشكل أكبر بتوجهات الدولة وزيادة عدد الرخص الممنوحة لشركات التخصيم، أكثر من ارتباطه بمستويات الفائدة فقط.

وأضاف صدقي، أن انخفاض أسعار الفائدة يشجع الشركات الصغيرة والمتوسطة على التوسع في اللجوء إلى التخصيم، باعتباره بديلاً عملياً عن القروض البنكية التي تواجه هذه الشركات صعوبات في الحصول عليها، لافتاً إلى أن شركات التخصيم تتيح لهذه الفئة التعامل حتى مع ضعف ملاءتها المالية، خاصة مع ارتفاع تكلفة التمويل في الفترات الماضية.

وأشار إلى أن قطاع الإنشاءات والعقارات من أبرز القطاعات المتوقع أن تشهد طلباً متزايداً على التخصيم مع تراجع تكلفة التمويل، نظراً لكون تكلفة التمويل تمثل عبئاً كبيراً على المطورين العقاريين، وبالتالي فإن أي خفض في الفائدة ينعكس على إنعاش القطاع.

اقرأ أيضا: تكلفة التمويل و«الفائدة» يحددان أداء شركات التمويل غير المصرفي بنهاية 2025

وحول نشاط التخصيم الدولي، أوضح صدقي أن الإقبال عليه يعتمد بشكل أساسي على التمويل الدولاري المرتبط بمؤشر “SOFR”، مبيناً أن أسعار التمويل الدولاري في مصر حالياً تعد معقولة، ما قد يسهم في دعم عمليات التخصيم الدولي، وإن كان الارتباط المباشر بينه وبين أسعار الفائدة المحلية محدوداً.

قال خالد سرحان، العضو المنتدب للشركة الدولية للتأجير التمويلي «إنكوليس»، إن قرارات البنك المركزي المتعلقة بوضع حدود قصوى لتمويل البنوك لشركات التأجير التمويلي – بحد أقصى 5% من محفظة القروض، وبما لا يتجاوز 1% لكل شركة – دفعت كثيرًا من الشركات إلى اللجوء إلى أدوات تمويل بديلة، أبرزها التخصيم.

وأشار إلى أن نشاط التخصيم العكسي، الذي يُركز على تمويل سلاسل الإمداد الخاصة بالشركات، أصبح يحظى بإقبال واسع، لا سيما في ظل التوسع المستمر في مشروعات التطوير العقاري والتمويل الاستهلاكي.

بينما أشار عفت إلى أن نشاط التخصيم المحلي يُعد من أبرز المستفيدين من خفض أسعار الفائدة، إذ يسهم تراجع تكلفة الخصم في زيادة حجم التعاملات، فيما يظل تأثير القرار على التخصيم الدولي محدوداً نسبياً لارتباطه بمؤشرات الفائدة العالمية وسعر الدولار، لكنه يستفيد بدوره من تحسن سيولة الشركات المحلية.

وتضاعف حجم النشاط بنهاية النصف الأول من العام الجاري ليسجل نموًا بنسبة 99.4%، ويصل إلى 43.7 مليار جنيه، مقابل 21.9 مليار جنيه بنهاية يونيو 2025.

وارتفع عدد العملاء بنحو 26.5% بنهاية النصف الماضي، ليصل إلى 764 شركة، مقابل 604 شركة بنهاية النصف الأول 2024.

كما شهد النصف الأول من العام الجاري نموًا في إجمالي الأوراق المخصمة بنسبة 113.7% لتصل إلى 59 مليار جنيه، مقابل 27.6 مليار جنيه خلال الستة أشهر الأولى من العام السابق.

عروض “صفر فائدة” تنتظر عملاء “التقسيط”

شهد نشاط التمويل الاستهلاكي نمواً لافتاً خلال الفترة الماضية، مدعوماً بزيادة الإقبال على أنظمة التقسيط وارتفاع عدد العملاء المستفيدين من الخدمات، حيث قفز عدد المتعاملين “بالتقسيط” بنسبة 172% على أساس سنوي خلال النصف الأول من 2025، في حين ارتفعت قيمة التمويلات الممنوحة بنحو 57% فقط، ما يعكس اتساع قاعدة العملاء بوتيرة أسرع من حجم التمويلات نفسها.

ويُتوقع أن يمنح خفض أسعار الفائدة دفعة إضافية لهذا النشاط، عبر تخفيض تكلفة الأموال على الشركات وتوسيع قدرتها على تقديم برامج تقسيط أكثر مرونة.

قال محمد الفقي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “سيمبل” لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقاً، إن خفض أسعار الفائدة سيترك أثراً مباشراً على هوامش أرباح شركات التمويل الاستهلاكي، موضحاً أن هذه الشركات ستتمكن من استغلال القرار في العودة لطرح عروض بدون فائدة على فترات سداد أطول.

وأشار إلى أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعزز قدرة الشركات على توسيع قاعدة العملاء وزيادة عدد المعاملات، بجانب الاستحواذ على شرائح جديدة من المستهلكين الذين يبحثون عن حلول مرنة للدفع.

وتوقع الفقي، أن تستهدف العروض الجديدة في المقام الأول مبيعات الأجهزة الإلكترونية والأجهزة المنزلية والهواتف المحمولة، باعتبارها من أكثر السلع جذباً للعملاء عند إتاحة نظم تقسيط ميسرة، لافتاً إلى أن ذلك سيخلق منافسة قوية بين شركات التمويل الاستهلاكي لعقد شراكات أوسع مع كبار التجار في هذه القطاعات.

وأضاف أن التطورات المرتقبة من شأنها أن تدعم زيادة واضحة في حجم التمويلات الممنوحة وعدد العملاء خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن موسم “البلاك فرايدي” المقبل قد يشهد نمواً يتجاوز 50% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وهو ما يعكس الأثر المباشر لخفض الفائدة على نشاط القطاع.

ومع عودة شركات التمويل الاستهلاكي لطرح عروض أكثر مرونة على خلفية تراجع الفائدة، تبدو المنافسة مرشحة للتصاعد بشكل أكبر، خاصة مع دخول شرائح جديدة من المستهلكين الباحثين عن حلول تقسيط ميسرة تُخفف من الأعباء الشهرية وتمنحهم قدرة أكبر على تنويع مشترياتهم.

وفي الوقت نفسه، تتجه أنظار العاملين بالقطاع إلى قدرة خفض الفائدة على توسيع قاعدة العملاء وتعزيز خطط التقسيط طويلة الأجل، الأمر الذي يسهم في زيادة حجم المعاملات ويمنح الشركات فرصة لتقليل معدلات التعثر وتحسين جودة محافظها التمويلية.

قال أحمد الشنواني، الرئيس التنفيذي لشركة سهولة للتمويل الاستهلاكي، إن خفض أسعار الفائدة ينعكس دائماً بشكل إيجابي على نشاط التمويل الاستهلاكي، موضحاً أن تراجع تكلفة الأموال يتيح تخفيض الفائدة التي يتحملها العميل عند تقسيط المشتريات.

وأضاف أن انخفاض الفائدة يمنح المستهلك فرصة للتوسع في خطط السداد على فترات أطول من دون أن يشكل ذلك عبئاً على دخله الشهري، الأمر الذي يشجع على شراء كميات أكبر من المنتجات والاستفادة من فترات تقسيط أكثر مرونة.

وأوضح الشنواني أن تراجع الفائدة يسهم كذلك في زيادة عدد العملاء المتعاملين مع القطاع، فضلاً عن تمكين الشركات من طرح عروض أكثر تنوعاً مثل برامج “0% فوائد” أو أنظمة تقسيط ميسرة، وذلك في ظل تراجع حجم الخسائر التي تتحملها شركات التمويل الاستهلاكي.

وأشار إلى أن الطلب على خدمات التمويل الاستهلاكي يتركز بشكل أساسي في الإلكترونيات، يليها الأثاث، ثم الخدمات مثل الصيانة والتعليم، وهي القطاعات التي يتوقع أن تستفيد بصورة أكبر من تراجع أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.

وارتفع حجم التمويل الاستهلاكي الممنوح للعملاء خلال النصف الأول 2025 بنحو 57.5% ليصل إلى 38.1 مليار جنيه، مقابل 24.2 مليار جنيه خلال النصف الأول 2024.

وقفز حجم العملاء خلال النصف الماضي بنسبة 172.3% ليسجل 4.8 مليون عميل، مقابل 1.8 مليون عميل خلال النصف الأول من العام السابق.

هل يعود الزخم إلى التمويل متناهي الصغر؟

في ظل التوقعات بخفض جديد لأسعار الفائدة، تتجه الأنظار نحو قطاعي التمويل متناهي الصغر وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارهما من أكثر القطاعات التصاقاً بالأنشطة الإنتاجية والخدمية في السوق المصرية، والأكثر تأثيراً في حياة المواطنين.

الخبراء يرون أن أي خفض للفائدة، حتى ولو بنسبة 1%، كفيل بإحداث نقلة نوعية في القطاعين، عبر تقليص تكلفة الاقتراض، وتحفيز دخول شرائح جديدة من العملاء، خاصة من أصحاب الدخول المحدودة والمشروعات الناشئة.

أشرف صبري، الرئيس التنفيذي لشركة “فوري”، أكد أن تراجع الفائدة يفتح الباب أمام توسع الشركات والأفراد في الحصول على التمويلات، لكنه رجّح أن يكون الأثر الأكبر من نصيب الشركات، كونها المحرك الرئيسي للإنتاج، بينما يعاني الأفراد من ضغوط معيشية لا تحتمل مزيداً من الأعباء.

وأشار إلى أن القطاعات التجارية والزراعية والصناعية ستكون الأكثر استفادة، نظراً لاعتمادها على التمويلات قصيرة ومتوسطة الأجل، متوقعاً عودة المنشآت الصغيرة إلى السوق، ما يعزز عدد العملاء وقيم التمويل.

من جانبها، قالت هناء الهلالي، العضو المنتدب لشركة “الخير للتمويل متناهي الصغر”، إن خفض الفائدة سيحفز الطلب على التمويلات، خاصة من الأفراد والجمعيات الأهلية، مشيرة إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ستشهد تحسناً ملحوظاً، يدعم توجه الدولة نحو التصنيع المحلي وتقليص الاعتماد على العملة الأجنبية.

وأضافت أن مشروعات التمويل متناهي الصغر، التي تقودها السيدات غالباً، لا تزال تواجه فجوة كبيرة في تلبية الطلب، مؤكدة أن خفض الفائدة سيمنحها دفعة قوية رغم التحديات التضخمية.

أما عمرو أبوالعزم، الرئيس التنفيذي لشركة “إرادة”، فرأى أن خفض الفائدة خطوة إيجابية، لكنها غير كافية وحدها لاستعادة الزخم، مشدداً على ضرورة تحسن الظروف الاقتصادية وتراجع التضخم.

وأوضح أن القطاع التجاري سيظل الأكثر استفادة من التمويلات قصيرة الأجل، بينما يحتاج القطاع الصناعي إلى تمويلات أطول لدعم دورات الإنتاج، متوقعاً تحسناً في معدلات النمو الصناعي خلال الفترة المقبلة.

بحسب البيانات الرسمية، قفز حجم التمويلات الموجهة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 130.7% بنهاية يونيو 2025، لتصل إلى 20.7 مليار جنيه، مقابل نحو 9 مليارات جنيه في يونيو 2024، كما ارتفع عدد العملاء بنسبة 81.25% ليصل إلى 14.5 ألف عميل.

أما التمويل متناهي الصغر، فشهد نمواً بنسبة 14.1% ليصل إلى 64 مليار جنيه، رغم تراجع عدد العملاء إلى 3.5 مليون مقابل 3.8 مليون في الفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة تشدد معايير التصنيف الائتماني وارتفاع نسب التعثر.

هل تشهد شركات التمويل العقاري زخما في تمويلات الأفراد مرة أخرى؟

تترقب شركات التمويل العقاري قرارات لجنة السياسة النقدية في اجتماعاتها المتبقية من 2025، وسط توقعات قوية باتجاه البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة بعد دورة تشديد استمرت لعدة سنوات.

ويجمع خبراء القطاع على أن أي تراجع في الفائدة سيعيد رسم خريطة الطلب بالسوق العقاري، معززاً فرص الأفراد في الحصول على التمويلات وتقليص معدلات التعثر، في وقت يظل فيه ارتفاع الأسعار وتآكل الدخول عقبتين أساسيتين أمام التوسع.

وفيما تراهن الشركات على طفرة في الإقبال حال خفض الفائدة بين 2 و3% حتى نهاية العام، يظل التساؤل حول هل تكفي أسعار العائد المنخفضة وحدها لتحريك السوق، أم أن القدرة الشرائية للعملاء ستظل هي التحدي الأكبر؟.

وتوقع محمد الكحكي، العضو المنتدب لشركة تمويل للتمويل العقاري ورئيس اتحاد التمويل العقاري، أن ينعكس خفض أسعار الفائدة بشكل إيجابي على النشاط خلال الفترة المقبلة، بما يسهم في تعزيز رغبة العملاء في الحصول على التمويلات ويخفف الأعباء عن العملاء الحاليين، ويقلل من فرص التعثر في محافظ الشركات.

وأشار إلى أن كل خفض بمعدل 2 إلى 3% في أسعار الفائدة حتى نهاية العام قد يترجم إلى زيادة تتراوح بين 15% و20% سنوياً في حجم التمويلات الممنوحة.

وأوضح الكحكي أن تراجع الفائدة سيكون محفزاً أساسياً لعودة الأفراد للشراء، حتى في ظل تباطؤ التوسع في محافظ شركات التطوير العقاري، لافتاً إلى أن شريحة إعادة البيع سيكون لها التأثير الأكبر على حركة السوق باعتبارها تمثل قاعدة واسعة من المتعاملين.

وأكد أن خفض الفائدة رغم أهميته لا يكفي وحده لتحريك السوق، إذ تظل مستويات الدخل وارتفاع أسعار الوحدات عوامل رئيسية مؤثرة في قرارات العملاء، حيث يؤدي انخفاض الدخول إلى تراجع قيمة التمويل المسموح به للعملاء، بينما يرفع ارتفاع أسعار العقارات من قيمة الدفعة المقدمة المطلوبة، ما يدفع العملاء للتوجه نحو وحدات أصغر حجماً، ويؤثر سلباً على مبيعات الوحدات الكبيرة أو مرتفعة الثمن.

وفيما يتعلق بالتنافسية مع البنوك، أوضح الكحكي أن خفض الفائدة ينعكس على الجانبين معاً، ومع ذلك تبقى للبنوك أفضلية في تقديم تمويلات بفائدة أقل، بينما تميز شركات التمويل العقاري نفسها من خلال السرعة وتيسير الإجراءات مقارنة بالبنوك.

ومن المتوقع أن يفتح خفض الفائدة الباب أمام عودة الأفراد بقوة إلى سوق التمويل العقاري، بعد أن هيمنت محافظ شركات التطوير العقاري خلال الفترة الماضية على الحصة الأكبر من السوق، سواء عبر البيع المباشر أو من خلال محافظ مديونيات العملاء.

ويُنتظر أن يسهم تراجع تكلفة التمويل في تعزيز قدرة الأفراد على الاقتراض، بما ينعكس على زيادة معدلات الطلب المباشر على الوحدات السكنية، ويعيد التوازن بين معاملات الأفراد وحجم النشاط المرتبط بمحافظ الشركات، خاصة أن الشريحة الأكبر من المجتمع ما زالت تبحث عن حلول تمويلية تتناسب مع مستويات دخولها.

قال أيمن عبدالحميد، العضو المنتدب لشركة الأولى للتمويل العقاري، إن تراجع أسعار الفائدة ينعكس بشكل مباشر وواضح على حجم التمويلات العقارية، خاصة بالنسبة للأفراد، موضحاً أن كل خفض بمقدار 1% في أسعار الفائدة يؤدي إلى تراجع تكلفة التمويل بما يتراوح بين 6 و10%.

وأضاف أن شركته لاحظت زيادة ملحوظة في إقبال الأفراد على التمويل العقاري خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث ارتفع عدد العملاء الممولين بنحو 70% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مرجعاً ذلك إلى تزايد الطلب على شراء العقارات مدفوعاً بتراجع أسعار الفائدة.

وأكد عبدالحميد أن انخفاض الفائدة يسهم في توسيع قاعدة المستفيدين من التمويل العقاري، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن هذا العامل ليس الوحيد المحرك للسوق، بل توجد متغيرات أخرى أكثر تأثيراً، مثل الارتفاع الكبير في أسعار العقارات ودخول الأفراد.

وأوضح أنه الفائدة ليست العامل الوحيد الذي أثر على النشاط، حيث في عام 2022 كان يكفي دخلاً شهرياً يبلغ 30 ألف جنيه للحصول على تمويل بقيمة مليون جنيه، بينما حالياً يتطلب نفس التمويل دخلاً يتجاوز 55 ألف جنيه، ما يقلص شريحة العملاء المؤهلين للاقتراض.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات بشكل مضاعف خلال السنوات الأخيرة يدفع عدداً أكبر من الأفراد للجوء إلى التمويل العقاري لتغطية فجوة القدرة الشرائية، مؤكداً أن هذا الاتجاه مرشح للتزايد مع استمرار تراجع الفائدة.

ولفت عبدالحميد، إلى أن المنافسة بين شركات التمويل العقاري والبنوك ليست مباشرة بالشكل الظاهر، إذ تقدم الشركات منتجات متخصصة لا تعمل بها البنوك مثل التمويل بنظام الإجارة والمرابحة وتمويل حق الانتفاع وشراء المحافظ، بينما تتمتع البنوك بتكلفة أموال أقل وهوامش ربح أعلى.

ويذكر أن حجم التمويلات العقارية الممنوحة بنهاية النصف الأول من العام الجاري ارتفعت بنحو 89.1% لتسجل 22.1 مليار جنيه، مقارنة بحوالي 11.7 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام السابق.

كما ارتفعت عدد عقود التمويل إلى 8.7 ألف عقد خلال النصف الأول مقابل 5.3 ألف عقد، محققة نموًا بنحو 63.7%.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق