يتواصل المنخفض الجوي، وتداعياته المتعددة على مختلف المحافظات اليمنية، في الوقت الذي تسببت الأمطار والسيول بخسائر بشرية ومادية وقطع لشبكة الطرقات والجسور بمختلف المحافظات، تزامنا مع فضح السيول للأداء الحكومي الهزيل للحد من آثار السيول الكارثية في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات.
وخلال الـ 48 ساعة الماضية، توفي 15 شخصا، وأصيب آخرون جراء الأمطار والسيول والصواعق الرعدية التي شهدتها محافظات لحج وحجة والحديدة وتعز وحضرموت وشبوة ومحافظات أخرى، في ظل موجة ماطرة تشهدها البلاد.
العاصمة المؤقتة عدن، التي لا تزال تعاني من تداعيات المنخفض الجوي الذي جرى منتصف الأسبوع الماضي، أفاقت صباح وقبيل ظهيرة اليوم السبت، على أمطار غزيرة أدت لسيول جارفة غمرت الشوارع والأحياء السكنية وأدت لأضرار مادية في الوقت الذي لم تعلن عن أضرار بشرية حتى اللحظة.
سيول عدن وكعادتها في كل مرة تكشف الأداء الحكومي الهزيل وغياب البنية التحتية وانسداد قنوات الصرف الصحي، فيما يبحث المسؤولون ككل مرة عن مبررات وأعذار للهروب من تساؤلات المواطنين عن إيجاد حلول مستدامة للكوارث المناخية المتكررة بين الفينة والأخرى.
وفي منطقتي بئر أحمد والحسوة بالعاصمة المؤقتة عدن، اجتاحت سيول جارفة، الشوارع والمناطق السكنية، عقب أمطار غزيرة تدفقت من المرتفعات الشمالية، حيث ذكر سكان محليون أن سيارة تقل سبعة أشخاص جرفتها السيول في منطقة الحسوة، حيث تم إنقاذ عدد منهم، فيما لم تُعرف بعد تفاصيل مصير الباقين.
وتحولت شوارع عدن إلى بحيرات جراء هطول أمطار غزيرة خلال الساعات الماضية، وسط سخرية الأهالي من أداء السلطات المحلية، واستمرار انسداد قنوات تصريف المياه وعدم رفع مخلفات الأمطار التي جرت الأسبوع الماضي، ما ساهم في زيادة معاناة المواطنين.
وقالت مؤسسة كهرباء عدن، إن طواقمها الفنية تعمل حالياً على إجراء الفحوصات النهائية للمحطات التحويلية الفرعية بعدد محدود من أحياء عدن، لإعادة تشغيل التيار الكهربائي بعد إطفائه صباح السبت، تجنباً للتعرض للأعطال الفنية جراء الأمطار الغزيرة.
خسائر بشرية
وفيما يتعلق بالخسائر البشرية الناجمة عن الأمطار والسيول، فقد شهدت عدة محافظات يمنية، خلال الساعات الماضية، خمس حالات وفاة غرقا في حوادث متفرقة جراء السيول وتجمعات المياه الناتجة عن الأمطار الغزيرة.
وذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية أن شابا في مديرية شقرة، أثناء ممارسته السباحة في البحر لعدم إلمامه بمهارات السباحة، حيث تم نقل جثته إلى ثلاجة مستشفى الرازي لاستكمال الإجراءات القانونية.
وفي محافظة لحج، لقي الطفل ذياب عبدالكريم مبارك متأش الحارثي (10 سنوات) حتفه غرقا داخل حفرة عميقة خلفتها السيول بوادي عسيلان، فيما توفي والده عبد الكريم مبارك صالح الحارثي (55 عاما) أثناء محاولته إنقاذه، وتمكن الأهالي من انتشال الجثتين.
وفي محافظة تعز، توفيت الشابة سمر عبد الله طاهر (28 عاماً) في منطقة عزاعز، بعد سقوطها في سد مياه أثناء غسل الملابس، حيث جرفتها المياه إلى قاع السد، ليتم استخراج جثتها بواسطة غواصين، فيما فارق الطفل يونس عبد المجيد أحمد قروش (9 سنوات) الحياة إثر سقوطه في حفرة مائية عميقة تابعة لمشروع للطاقة الشمسية امتلأت بمياه الأمطار، جوار مخيم الطيبلي بمديرية الخوخة وتم انتشال جثته وتسليمها لذويه.
وحذرت السلطات المحلية، من مخاطر السباحة أو الاقتراب من أماكن تجمعات المياه والسيول، داعية المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر لحماية أرواحهم وأطفالهم، خصوصاً مع استمرار موسم الأمطار.
توقف مشروع المياه
المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بعدن أعلنت عن توقف تموين المياه من حقل بئر أحمد، إثر تعرض الخط الرئيسي الناقل بقطر (24 بوصة) لأضرار جسيمة جراء السيول الجارفة.
وأوضحت المؤسسة في بيان لها، أن الأضرار طالت جزءًا من الخط الواصل بين مدينتي الشعب والحسوة، ما أدى إلى توقف إمدادات المياه عن عدد من مناطق العاصمة المؤقتة عدن.
هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية حذرت من أن هذه السيول تمثل إنذاراً مبكراً لاحتمال وقوع كوارث أكبر مستقبلاً، خصوصاً في منطقة الحسوة بمديرية البريقة غرب العاصمة المؤقتة عدن.
وأوضحت أن الكوارث ستأتي نتيجة انتشار البناء العشوائي داخل حرم الوادي الكبير، الأمر الذي يعيق مجاري السيول الطبيعية ويضاعف المخاطر على السكان وممتلكاتهم.
حجة
وفي ذات السياق المتصل بالخسائر البشرية، توفي 3 أطفال، جراء إنهيار منزل مواطن، في إحدى البلدات بمحافظة حجة شمال غرب اليمن.
وقالت مصادر محلية إن منزلا تعرض للإنهيار في منطقة "سواخ" بمديرية كعيدنة بمحافظة حجة، جراء الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة، ما أدى لوفاة 3 أطفال وإصابة آخرين.
وبحسب المصادر، فإن الأطفال هم أبناء المواطن يحيى عبدالله حجاجي، فيما أصيب الأخير وزوجته بجروح مختلفة، وسط دعوات لمساعدة المواطن وأسرته المنكوبة وبقية الأسر المتضررة من الأمطار في محافظة حجة.
ونشر نشطاء، صورا لدمار واسع طال منازل وممتلكات مئات النازحين بمنطقة عبس غربي محافظة حجة (شمال غرب اليمن)، جراء السيول المتدفقة عقب أمطار غزيرة شهدتها المنطقة والمرتفعات المطلة عليها خلال الساعات الماضية.
صواعق رعدية
الصواعق الرعدية هي الأخرى، أدت لتسجيل عدد من الوفيات بعدة محافظة يمنية، حيث توفي ثلاثة أشخاص، في أحدث ضحايا الصواعق الرعدية خلال ساعات إذ توفيت امرأة في كحلان عفار حجة وشاب في مديرية الجميمة بذات المحافظة، فيما قضت طفلة في عزلة هجرة بني العباس بمديرية ثلا عمران.
شبوة
توفي مواطن وطفله غرقاً في سيول وادي بلحارث بمديرية عسيلان شمال غرب محافظة شبوة،
وقالت مصادر محلية إن عبدالكريم بن مبارك المتاش الذي يعمل بوظيفة مساعد طبي قضى وطفله ذياب غرقاً بعدما جرفتهما سيول الوادي.
وتأتي هذه الحادثة، بعد ساعات من وفاة طفلين غرقًا في سيول الأمطار الغزيرة التي شهدتها مديرية بيحان، أثناء ممارستهما السباحة في مجمع لمياه السيول بمنطقة الجدفرة، ليرتفع ضحايا الأمطار والسيول بالمحافظة إلى 4 خلال 48 ساعة.
لحج
وفي محافظة لحج، توفي مواطنان اثنان وتضررت عدد من ممتلكات المواطنين في عدد من مديريات المحافظة، جراء سيول الامطار الغزيرة التي تشهدها البلاد.
وعثر مواطنون، في مديرية طورالباحة على مواطن جرفته سيول الامطار من وادي مروة في مديرية القبيطة ويدعى محمد منصور القباطي، كما جرفت السيول مواطن اخر في سيلة بله بمديرية الملاح بمحافظة لحج.
وفيما يتعلق بطرقات لحج، أدت السيول لقطع الطرق الرئيسية في حيفان والقبيطة وطورالباحة والحبيلين ومنعت المسافرين من العبور وسط معاناة لمئات المسافرين حتى مساء اليوم، في الوقت الذي تسببت السيول بدمار واسع في الأراضي والممتلكات الزراعية ومنازل المواطنين، بالإضافة لجرف العديد من المركبات.
وتدفقت السيول في أودية لحج وحاصرت منازل وعائلات في وادي معادن مع أنباء عن وفيات وانقطاع طريق طور الباحة.
وأدت سيول جارفة لانهيار جزئي لجسر العرائس في منطقة العند في محافظة لحج، ما أدى إلى انقطاع الطريق وتعطل حركة المرور.
وبحسب شهود عيان، فقد أنقذ سائق جرافة "شيول" مواطنين عالقين وسط سيل جارف أطاح بمركبتهم في منطقة الحبيلين وسط تحذيرات ودعوات لتجنب المغامرة بعبور ممرات السيول.
الحديدة
وفي محافظة الحديدة، غرب اليمن، قطعت سيول جارفه تطع طريق باجل الحديدة في منطقة الكوكبية مما أدى إلى تعطيل حركة المرور بشكل كامل.
وفي ذات المحافظة، أقيمت مبادرة مجتمعية لشفط مياه الأمطار وتصريف التجمعات لتخفيف الأضرار من مخيمات النازحين في الخوخة ودعوة لدعم عاجل من الجهات والمنظمات المختصة.
حضرموت
محافظة حضرموت كانت اليوم السبت تداعيات السيول الأمطار بصورة أخف من يوم أمس وأمس الأول، حيث كانت في صدارة المحافظات المتضررة، في الوقت الذي قالت قوات خفر السواحل إن الفرق التابعة لها تمكنت من انتشال جثة شاب بعد عدة ساعات من تعرضه للغرق في بركة مائية بمنطقة "السويري"، بمدينة تريم، شرقي اليمن.
وفي ذات السياق، أصدر محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، قرارًا بتشكيل لجنة لحصر أضرار السيول التي ضربت مديريات الوادي والصحراء خلال الأيام الماضية جراء المنخفض الجوي.
وقالت مصادر في السلطة المحلية إن اللجنة ستتولى عملية حصر وتقييم الأضرار في الممتلكات العامة والخاصة، ورفع تقرير شامل خلال مدة أقصاها أسبوعان.
تحذيرات
مركز التنبؤات الجوية والإنذار المبكر حذر من أمطار رعدية ورياح شديدة مصاحبة لها، في عدد من المحافظات، بحسب مخرجات النماذج العددية المختلفة وتحليل خرائط الطقس.
وتوقع المركز في نشرة تحذيرية لمدة 3 أيام، هطول أمطار رعدية، بعضها غزيرة ومصحوبة بحبات البرد، على طول المرتفعات والمنحدرات الغربية والجنوبية الغربية، من صعدة شمالاً حتى الضالع وتعز ولحج جنوباً، وامتدادها غرباً حتى سواحل البحر الأحمر وشرقاً حتى محافظتي الجوف ومأرب.
كما توقع هطول أمطار رعدية، بعضها غزيرة، على أجزاء من الصحاري والمرتفعات والهضاب والسواحل في محافظات المهرة وحضرموت وشبوة وأبين، وصولًا إلى محافظة عدن.
ودعا المركز، المواطنين إلى تجنّب التواجد في بطون الأودية ومجاري السيول، والابتعاد عن الطرق الطينية المعرضة للانزلاقات والانهيارات الصخرية في المناطق المتوقع هطول أمطار عليها. كما نبّه من الاقتراب من أعمدة الكهرباء واللوحات الإعلانية والأشجار أثناء العواصف الرعدية، ومن نشاط الرياح المصاحب لها، مشددًا على ضرورة إغلاق الهواتف النقالة خلال فترات العواصف والأمطار.
وفي ذات السياق، أجري رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي السبت، اتصالا هاتفيا برئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، للاطلاع على الاجراءات الحكومية المتخذة للحد من اثار المنخفض الجوي، وحالة الطقس غير المستقرة التي تسببت بهطول امطار غزيرة، وسيول جارفة خلفت اضرارا مادية بالغة، خصوصا في العاصمة المؤقتة عدن، ومحافظات حضرموت، ولحج، وشبوة.
وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي استمع من رئيس مجلس الوزراء، الى تقرير اولي بشأن الاضرار التي خلفتها السيول والامطار الغزيرة في الممتلكات العامة، والخاصة، والحيازات الزراعية، والطرقات والبنى التحتية، والخدمات الاساسية، والجهود المنسقة مع مختلف الجهات المعنية والمنظمات الاقليمية والدولية لتقديم العون، وعمليات الانقاذ والمساعدة للمتضررين، والعائلات المنكوبة.
واشاد الرئيس بجهود الحكومة، وقيادات السلطات المحلية، والمكاتب التنفيذية في العاصمة المؤقتة، والمحافظات المتضررة، وما تم اتخاذه من اجراءات وتدابير احترازية، للحد من اثار المنخفض الجوي، مؤكدا اهمية العمل على سياسات أكثر استدامة لرفع قدرات مراكز الانذار المبكر، والتكيف مع المتغيرات المناخية خصوصا في المحافظات الشرقية من البلاد.
0 تعليق