نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السنيورة يحذر من سقوط لبنان في فخ الحرب الأهلية, اليوم السبت 16 أغسطس 2025 04:36 صباحاً
آخر فصول هذا المشهد جاء على لسان الأمين العام المساعد لحزب الله،نعيم قاسم، الذي لوّح في خطاب علني بإمكانية اندلاع حرب أهلية إذا مضت الحكومة اللبنانية في خيار نزع سلاح الحزب. هذا التصعيد الكلامي لم يمر مرور الكرام، إذ تزامن مع زيارة شخصية إيرانية بارزة إلى بيروت، لتفتح أبواب التأويل حول الترابط بين الرسائل الميدانية والرسائل السياسية.
في برنامج "التاسعة" على قناة "سكاي نيوز عربية"، قدّم رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، فؤاد السنيورة، قراءة تحليلية متعمقة لهذا التصعيد، رابطًا بشكل مباشر بين تهديدات حزب الله وزيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني السابق، علي لاريجاني، معتبراً أن ما يحدث هو جزء من صراع أكبر على هوية لبنان ودوره في المنطقة.
يرى السنيورة أن قراءة المشهد لا تكتمل من دون التوقف عند توقيت الزيارة الإيرانية. فبحسب روايته، جاءت زيارة لاريجاني في أعقاب مرحلة وصفها بـ"الانكفاء الإيراني" عن دعم الحزب، خاصة بعد تعرضه لقصف إسرائيلي في سبتمبر الماضي، الأمر الذي ولّد شعوراً بالخذلان داخل بيئته الحاضنة.
ويضيف أن هذه الزيارة هدفت إلى "طمأنة" جمهور الحزب، وإعادة شد العصب الداخلي، إضافة إلى حث قياداته على رفع سقف مواقفها، في رسالة سياسية للداخل والخارج بأن ملف السلاح خط أحمر، وأن المساس به سيقابل بمواجهة حادة.
هذا الربط بين الزيارة والتصعيد يعكس، وفق السنيورة، أن المسألة أبعد من سجال داخلي، بل هي جزء من استراتيجية إيرانية تسعى لتثبيت نفوذها في لبنان، من خلال السيطرة على قرار السلاح، وبالتالي التأثير على القرار الوطني.
موقف الحكومة اللبنانية
رد رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، كان حازماً، إذ وصف تصريحات نعيم قاسم بأنها "تشجع على الفتنة" وتحمل تهديدًا مبطنًا بالحرب الأهلية. وأكد سلام أن الحكومة اللبنانية "تأخذ قراراتها بنفسها ولا يملي عليها أحد"، مشدداً على أن بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها هو أحد أعمدة اتفاق الطائف، وأن السلاح الشرعي الوحيد هو سلاح الجيش اللبناني.
لم يكن موقف سلام معزولاً؛ فقد اجتمع عدد من رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات السابقين، وأصدروا موقفاً موحداً اعتبروا فيه أن تصريحات قاسم تزيد من تعقيد مهمة استعادة الدولة لسيادتها، وتعرقل مسار إعادة الاستقرار.
أشار السنيورة خلال مداخلته إلى أن الحرب الأهلية تحتاج إلى طرفين، لكن "الغالبية الساحقة من اللبنانيين، بما فيهم بيئة حزب الله، لا تريد حربًا أهلية". هذا الموقف الشعبي يعكس وعياً متنامياً بأن أي مواجهة داخلية لن تخدم أحداً، بل ستفاقم أزمات لبنان الاقتصادية والسياسية.
ويستند السنيورة في حديثه إلى أن بيئة الحزب ما زالت تعاني من تبعات المواجهات مع إسرائيل منذ أكتوبر 2023، ما يجعل أي تهديد بحرب داخلية أكثر خطورة على هذه الفئة تحديداً.
انتقد السنيورة ما وصفه بتحول وجهة سلاح حزب الله من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي إلى الداخل اللبناني، بل وإلى ساحات عربية أخرى كسوريا. ويرى أن هذا التحول أفقد الحزب جزءاً كبيراً من شرعيته الوطنية، وفتح باب المواجهة مع شركاء الوطن.
ودعا حزب الله إلى "التقاط اليد الممدودة" من الدولة اللبنانية والانضواء تحت لوائها باعتبارها الحامي الشرعي لجميع اللبنانيين، مؤكداً أنه "ليس هناك من فريق يمكن أن يحتج بأنه يريد سلاحًا ليحمي نفسه"، لأن الحماية تأتي من الدولة ومؤسساتها.
اتفاق الطائف
يستند السنيورة إلى اتفاق الطائف الذي نص على حصرية السلاح بيد الدولة، ويرى أن اتهام اللبنانيين بالخضوع للإرادة الأميركية لمجرد تمسكهم بهذا النص هو "عيب" وينافي المنطق الوطني.
ويذكّر بأن هذا المبدأ ليس خياراً سياسياً، بل من بديهيات وجود الدولة، وأن أي تجاوز له يفتح الباب أمام فوضى السلاح وتفكك المؤسسات.
برأي السنيورة، أظهرت حرب 2006 أن إسرائيل، على الرغم من الخسائر التي تكبدتها، طورت قدراتها العسكرية والاستخباراتية بشكل جعل من المستحيل على أي فصيل لبناني مجاراتها في حرب تقليدية.
ويشير إلى أن حزب الله قبل في نوفمبر 2024 باتفاقيات لتطبيق القرار 1701، متسائلاً: "ألم يكن الأجدر أن يطبّق هذا القرار منذ 2006 لتجنيب لبنان كل هذه المآسي والكوارث؟".
يحذر السنيورة من أن لبنان يعيش بين "حجري رحى": ضغوط إسرائيلية مستمرة من جهة، وإملاءات إيرانية تحاول فرض مسار سياسي وأمني على الدولة من جهة أخرى. ويرى أن مواجهة هذا الوضع تتطلب الجمع بين الحزم والحكمة، مع انخراط فاعل من الدول العربية والأطراف الدولية المؤثرة، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية ووقف التصعيد.
مد اليد ضمن موقف صارم
رغم انتقاداته، يدعو السنيورة إلى مد اليد لحزب الله، لكن ضمن موقف صارم يتمسك بحصرية السلاح بيد الدولة، محذر من أي ضمانات لفريق لبناني على حساب آخر، مؤكداً أن "الجميع سواسية أمام القانون" وأن الدولة وحدها هي الحامي للجميع.
في قراءة أعمق، يعتبر السنيورة أن استمرار التلويح بالقوة المسلحة لم يعد في مصلحة حزب الله، بل أصبح يشكل عبئاً سياسياً وشعبياً عليه. ويضيف أن إسرائيل باتت قادرة على "اصطياد" عناصر الحزب واحداً تلو الآخر، ما ينسف فكرة أن السلاح يحمي لبنان أو الحزب.
يلخص السنيورة موقفه بأن الخروج من الأزمة اللبنانية يتطلب عودة جميع الأطراف، وفي مقدمتها حزب الله، إلى حضن الدولة اللبنانية والقبول بشروطها، وعلى رأسها حصرية السلاح.
ويرى أن المكابرة لن تؤدي إلا إلى مزيد من العزلة والضعف، وأن اللحظة الراهنة تحتاج إلى شجاعة سياسية لإعادة الاعتبار لمفهوم الدولة كحامي وحيد لجميع اللبنانيين.
وبينما يتأرجح الخطاب السياسي بين التهديد والدعوة للحوار، يبقى السؤال: هل ستترجم هذه الدعوات إلى خطوات عملية تمنع الانزلاق نحو الفوضى، وتعيد للبنان دوره الطبيعي كدولة ذات سيادة، أم سيظل رهينة صراعات الآخرين على أرضه؟
0 تعليق