اللاجئات بألمانيا.. صعوبات مضاعفة رغم وجود فرص مساعدة وافرة!

أخبارنا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

قبل 10 فتحت ألمانيا أبوابها بشكل واسع أمام اللاجئين من سوريا وأفغانستان، ومن أوكرانيا فيما بعد. وإضافة إلى الصعوبات أمام اللاجئين تعاني اللاجئات من صعوبات مضاعفة، لكن هناك كثيرات تغلبن على التحديات بفضل برامج مساعدة.

تنفسّت دنيا الصعداء بعد وصولها إلى ألمانيا عام 2016 مع ابنها البالغ من العمر 19 عاماً هاربة من أفغانستان بعد اختفاء زوجها وتلقيها تهديدات بالقتل.

وصفت دنيا وهي قابلة مُدربة في أفغانستان ليلتها الأولى في ألمانيا لـ DW قائلة: "نمتُ نوماً هانئاً لم أنعم به منذ سنوات، لن أنسى تلك الليلة"، معبرة عن مدى الإحساس بالأمان الذي شعرت به في ألمانيا.

هذا الشعور بالأمان صاحبه أيضا شعور بالقلق والخوف بشأن مستقبل حياتها وحياة ابنها، وخاصة وأنه من الصعب التغلب على الصدمة التي عاشتها بسرعة، والبدء من جديد وهو شرط أساسي للحصول على وظيفة في ألمانيا على حدّ تعبيرها.

ومع ذلك تغلّبت دنيا على مخاوفها والتحقت بعمل، وهي تعمل الآن منذ عامين في دار لرعاية المسنين، بعد إكمال برنامج تدريبي لمدة ثمانية أشهر والتحاقها بدورات في اللغة الألمانية.

تقول دنيا البالغة من العمر 53 عاماً إنها تشعر بفقدان التحدي والحافز في عملها الحالي، ولكنها لن تستطيع التأقلم مجدداً مع تغيير مسارها المهني مرة أخرى.

استفادت دنيا من مشروع "العمل من أجل اللاجئين" الذي تديره الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) وشركاء آخرون، ويموله مجلس شيوخ برلين، ويهدف إلى مساعدة اللاجئين وتذليل عقبات التوظيف أمامهم.

ألمانيا | دنيا (اسم مستعار) وإينا جيسين في "مكتب العمل من أجل اللاجئين". جاءت دنيا من أفغانستان عام 2016. (7.8.2025) ألمانيا | دنيا (اسم مستعار) وإينا جيسين في "مكتب العمل من أجل اللاجئين". جاءت دنيا من أفغانستان عام 2016. (7.8.2025) 

توجد جمعيات وبرامج كثيرة لمساعدة اللاجئين واللاجئات على الحصول على عمل والاندماج في ألمانياصورة من: Afsaneh Afraze

صعوبات أكبر أمام توظيف اللاجئات

وفقاً لمسح دوري أُطلق عام 2016، فإن حوالي 68 بالمئة من الأشخاص الهاربين من الصراعات في دولهم وجدوا عملاً بعد ثماني سنوات من قدومهم إلى ألمانيا. لكن دراسة أخرى صادرة عن معهد أبحاث التوظيف (IAB) والمكتب الاتحادي الألماني لشؤون اللاجئين (BAMF) واللجنة الاجتماعية والاقتصادية (SOEP) أظهرت أن مستويات توظيف الإناث أقل بكثير من مستويات توظيف الرجال.

وتبقى حوالي ثلثي اللاجئات عاطلات عن العمل بعد ثماني سنوات من قدومهن، بالمقارنة مع 15 بالمئة من الذكور. ويمكن إرجاع ذلك إلى أن كثير من الرجال الذين يفرّون إلى ألمانيا عازبون، بينما تأتي العديد من النساء مع أطفالهن.

تقول مي إيهاب باحثة في معهد أبحاث التوظيف (IAB) لـ DW: "هذا يضعهن في وضع غير مؤاتٍ فيما يتعلق بقدرتهن على الالتحاق بدورات اللغة الألمانية أو الاستفادة من الخدمات المختلفة التي تقدمها الحكومة".

كما أن نقص العاملين في مجال رعاية الأطفال حرمهنّ القدرة على التعلم والعمل، وهو ما حصل مع كثير من اللاجئات الأوكرانيات الهاربات من أوكرانيا بعد الغزو الروسي.

على عكس ما حصل في عامي 2015 و2016، حيث جاء معظم طالبي اللجوء البالغ عددهم 1.2 مليون شخص من العراق وسوريا وأفغانستان، وكان معظمهم من الذكور.

عقبة أخرى تقف أمام اللاجئات في ألمانيا هي عدم عملهنّ أصلاً في بلدانهن الأصلية، أو أنهم قد عملنَ في قطاعات تتطلب في ألمانيا لمهارات لغوية عالية وتخضع لقيود صارمة مثل الطب والتعليم.

وبهذا الصدد تقول إيهاب: "يمكن للرجال العمل في وظائف لا تتطلب مهارات ألمانية جيدة، مثل قطاع البناء أو قطاع الخدمات. وهذا يُسهّل عليهم تجاوز هذه العقبة"، ولكن يبقى ذلك أصعب بالنسبة للنساء.

تحديات عديدة.. تعلم اللغة والعمل هو الحل

إجراءات الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية في ألمانيا أمر معقد للغاية، فمثلاً لم يكن لدى دنيا أي أوراق تثبت دراستها الأساسية أو التدريب الطبي الذي حصلت عليه، بالإضافة إلى ذلك فإن الخبرة العملية يصعب الاعتراف بها في ألمانيا ما لم ترافقها مؤهلات موثقة بشهادات، ما يُجبر الكثير من اللاجئين على البدء من الصفر.

أما فيما يخص دورات الاندماج في ألمانيا فتشمل عادة 600 ساعة من دروس اللغة الألمانية بغض النظر عن مؤهلات المستفيدين، وهذا النهج الموحد تراه أفسانة أفريز غير مجدٍ.

تعمل أفسانة في  جمعية التعايش بين الثقافات  في برلين، وهي أخصائية نفسية مُدربة، هربت برفقة زوجها - سجين سياسي سابق - من إيران إلى ألمانيا عام 2014.

قالت أفسانة عن تجربتها الشخصية: "حصلتُ على 600 ساعة لتعلم اللغة الألمانية، لكني كنت قبل ذلك قد درستُ وأجيد  التحدث باللغة الإنجليزية. في الفصل، جلستُ بجانبي امرأة تبلغ من العمر 55 عاماً لم يسبق لها أن أمسكت قلماً".

تقدّم أفسانة الدعم النفسي لدنيا منذ سنوات عدة، وتقول إنها استثناء عن القاعدة، وأضافت في حديثها مع DW: "ليس من السهل على امرأة أن تصل إلى ما وصلت إليه في أفغانستان".

وعن أفضل طريقة للاندماج في ألمانيا، قالت إينا جيسا، مستشارة التوظيف في مشروع " العمل من أجل اللاجئين" إن العمل أفضل وأسرع طريقة لتعلم اللغة وتكوين علاقات اجتماعية وفقاً لتجربتها.

إينا هي لاجئة أوكرانية، حصلت على أول وظيفة لها في ألمانيا في مطعم فندق، وقالت لـ DW إنها في ذلك الوقت لم تكن تجيد سوى العد إلى خمسة باللغة الألمانية وأن تُعرّف باسمها، وأوضحت أن إتقانها للغة الألمانية كان مفتاح دخولها سوق العمل والاندماج.

كيف تتدبر لاجئات أميات حياتهن في ألمانيا؟

مشاريع ومنظمات داعمة للاجئين

مشروع "العمل من أجل اللاجئين" الذي يتخذ من برلين مقراً له يقدم استشارات فردية مجانية، وورش عمل لكتابة السيرة الذاتية، ويساعد في العثور على وظائف مناسبة، وينظم أيضاً معارض توظيف عديدة.

ومع ذلك ليس المشروع الوحيد الذي يُعنى بأمور اللاجئين، فتنظم مؤسسة "خيمة ألمانيا" غير الحكومية معارض توظيف لمساعدة اللاجئين في العثور على عمل من خلال شبكتها المكونة من 80 شركة، وتوفر برامج خاصة للاجئات.

وتقدّم مدرسة ريدي للتكامل الرقمي التي تأسست عام 2015 وانطلقت من برلين عام 2016 برامج إرشادية، وتدريبات على المهارات الرقمية للمهتمين بالتكنولوجيا من السكان المحليين والمهاجرين.

هالة يونس إحدى المستفيدات من هذه البرامج والمؤسسات. تبلغ هالة من العمر 30 عاماً، أتت إلى ألمانيا من سوريا بتأشيرة إنسانية عام 2022، وتمكنت من بدء مسيرتها المهنية هنا.

كانت هالة معلمة في سوريا، وتعمل اليوم كمديرة علاقات عملاء لدى منصة الأزياء الإلكترونية زالاندو، ويعود الفضل في ذلك جزئياً إلى تجاربها في مدرسة ريدي.

وعن تجربتها قالت هالة لـ DW: "كان الأمر بمثابة مجتمع يضم جميع القادمين من الخارج، اللاجئين، من يعانون من نفس المعاناة. هذا ما يجلب المزيد من التعاطف والدعم فلا تشعر بالوحدة في خضمّ كل هذه التحديات".

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق