أعلن وزير الداخلية ألكسندر دوبرندت الأربعاء (السابع من مايو / أيار 2025) أن الحكومة الجديدة برئاسة المستشار فريدريش ميرتس أمرت شرطة الحدود بإبعاد المهاجرين غير النظاميين بما في ذلك طالبي اللجوء. وقال دوبريندت إنه أصدر أمرا "لضمان قدرة الشرطة على القيام بعمليات الإبعاد" مضيفا أنه سيتم إجراء استثناءات.
1. فبماذا أمر وزير الداخلية دوبريندت بالضبط؟
أمر وزير الداخلية الاتحادي الجديد ألكسندر دوبريندت (من الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) بتشديد الرقابة على حدود ألمانيا. وكذلك إعادة طالبي اللجوء عند الحدود في حال عدم تمكنهم من تقديم وثائق دخول سارية أو إذا كانوا قد قدّموا طلب لجوء في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي. وقال دوبريندت إنَّ الشرطة الاتحادية لديها الآن إمكانية اإبعاد، ولكنها ليست ملزمة بذلك. أي أنَّ بإمكانها أن تقرّر بحسب كل حالة على حدة.
2. هل توجد استثناءات من الإبعاد؟
يستثنى من احتمال الإبعاد كل من النساء الحوامل والمرضى والقاصرين المسافرين من دون ذويهم وغيرهم من أفراد الفئات الضعيفة.
3. كيف يبرر دوبريندت هذه الإجراءات؟
هذا الإجراء يتعلق بوعد رئيسي قطعه المستشار فريدريش ميرتس خلال حملته الانتخابية؛ فقد وعد بتطبيق إجراءات الرفض والإبعاد عند الحدود الألمانية منذ اليوم الأول لحكومته. وفي هذا الصدد قال وزير مكتب المستشار تورستن فراي للقناة الأولى الألمانية (ARD): يجب خفض الهجرة إلى "مستوى مقبول". وذلك لأنَّ الكثير من المدن والبلديات الألمانية تشكو منذ سنين من اكتظاظ المدارس وارتفاع تكاليف السكن ونظام الرعاية الصحية المرهق.
ويبدو أنَّ وزير الداخلية يأمل من هذا الإجراء عدم محاولة المهاجرين الوصول إلى ألمانيا. وكذلك يجب تشجيع الدول المجاورة لألمانيا أعضاء الاتحاد الأوروبي على وقف عبور المهاجرين إلى ألمانيا. وهذه الإجراءات - بحسب تورستن فراي - ضرورية بسبب عدم التمكّن حتى الآن من حماية حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية بشكل فعّال.
4. كيف يبدو الأساس القانوني؟
عمليات الرفض والإبعاد هذه مثيرة للجدل قانونيًا. وذلك لأنَّ المادة 18 من قانون اللجوء الألماني تنص على: "رفض دخول الأجنبي إلى ألمانيا إذا جاء من دولة ثالثة آمنة". وهذا ينطبق على جميع الدول الواقعة على حدود ألمانيا، كونها دولًا آمنة.
ولكن يجب أولًا بموجب القواعد الأوروبية تحديد الدولة المسؤولة عن طلب لجوء المهاجر؛ وهي في العادة أول دولة دخلها المهاجر في الاتحاد الأوروبي. وفي الواقع جاء الكثير من المهاجرين عبر دول مجاورة إلى ألمانيا ومع ذلك غالبًا ما يبقون فيها أيضًا بسبب الإجراءات المعقدة.
ومن الممكن أن يكون البديل تطبيق ما يعرف باسم المادة 72 "لحالات الطوارئ" في معاهدة الاتحاد الأوروبي. وبموجب هذه المادة يمكن بشكل مؤقت مخالفة قانون الاتحاد الأوروبي من أجل "الحفاظ على النظام العام وحماية الأمن الداخلي". ولكن العقبات التي تحول دون ذلك عالية. وقال المستشار فريدريش ميرتس في بروكسل: "لم يقم أي أحد في الحكومة الاتحادية، ولم أقم أنا شخصيًا، بإعلان حالة الطوارئ".
ويرى الرئيس السابق للمحكمة الدستورية الاتحادية، هانس يورغن بابير، أنَّ إجراءات رفض طالبي اللجوء قانونية. وحول ذلك قال لصحيفة "نويه أوزنابروكر تسايتونغ": "أرى أنَّ من حق الدولة السيادي عدم السماح بدخول كل شخص ينطق بكلمة 'لجوء‘. وهذا ممكن وصحيح بموجب القانون الألماني - وبموجب القانون الأوروبي أيضًا".
5. ما هي ردود فعل السياسيين الألمان؟
وكما هو متوقع فقد جاءت عمليات تشديد الرقابة على الحدود ورفض اللاجئين وإبعادهم أبعد مما يجب بالنسبة للبعض، ولكنها بالنسبة للآخرين غير كافية بما فيه الكفاية.
فقد وصفت مثلًا كاترينا دروغه، الرئيسة المشاركة لكتلة حزب الخضر النيابية، إجراءات الرفض والإبعاد في صحيفة "راينيشه بوست" بأنَّها "مخالفة بشكل واضح للقانون الأوروبي". وقالت إنَّ "من حق الأشخاص الذين يطلبون اللجوء على الأراضي الألمانية أن يتم فحص طلباتهم".
هذا وقد أعرب زعيم الكتلة البرلمانية لحزب اليسار، زورين بيلمان، عن انتقادات حادة في مؤتمر حزبه. وقال إنَّ "مَنْ يتّبع سياسة يمينية خوفًا من اليمينيين لا يمكنه إلا أن يخسر". وأضاف أنَّ حزب اليسار سيقاوم ذلك.
وأما الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المشارك في الحكومة، فيطالب في المقام الأول بتنسيق وثيق مع الدول المجاورة، غير المتحمسة لهذا الإجراء على الإطلاق.
وفي المقابل، يريد حزب البديل من أجل ألمانيا، المُصنَّف يمينيًا متطرفًا في بعض أجنحته، المزيد من العزلة. وحول ذلك قالت زعيمة الحزب أليس فايدلإنَّ ميرتس وعد بتغيير في سياسة الهجرة من خلال فرض "إجراءات واضحة ضد الهجرة الجماعية غير الشرعية". ولكنه الآن - بحسب تعبيرها - يُخيّب آمال الناخبين ويستسلم للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
6. ما هي ردود الفعل خارج ألمانيا؟
العديد من الدول المجاورة لألمانيا، مثل بولندا وسويسرا، أعربت عن قلقها مما تفعله ألمانيا. وتخشى هذه الدول الآن من الاضطرار إلى استعادة أعداد كبيرة من المهاجرين المرفوضين. فقد أكد المستشار فريدريش ميرتس على مشاركة دول الجوار. وقال في بروكسل يوم الجمعة: "لا يوجد هنا أي عمل ألماني منفرد. نحن نعمل بالتنسيق مع جيراننا الأوروبيين".
ولكن يبدو أنَّ الحكومة الألمانية تعتبر إجراءات الرقابة أيضًا كحافز للاتحاد الأوروبي ليحذو حذوها: فقد قال وزير مكتب المستشار تورستن فراي في القناة الأولى الألمانية إنَّ الحكومة الألمانية تريد بذلك تحقيق نتائج سريعة لكي يتسنى بعد ذلك استخدام إجراءات أخرى "يفضّل أن تكون أوروبية" في سياسة الهجرة.
7. ماذا سيحدث بعد ذلك؟
بعد أن كان الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة مؤيدًا للهجرة، أصبح يتجه الآن بوضوح نحو الانغلاق. ومن الواضح أنَّ هذا يحدث أيضًا في ظل صعود الأحزاب والحكومات المعارضة للجوء في المزيد من الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي.
لقد أصدر الاتحاد الأوروبي قانون لجوء جديد مشدد، ولكنه لم يقم بعد بتنفيذ القواعد. ومشروع إصلاح قانون اللجوء المخطط له في الاتحاد الأوروبي، ينص على أمور من بينها أنَّ طلبات اللجوء المقدمة من أشخاص لا يوجد لديهم احتمال كبير للبقاء في البلاد سيتم البت فيها في المستقبل عند حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية.
وانتقد وزير مكتب المستشار تورستن فراي إصلاح قانون اللجوء الأوروبي المتفق عليه بوصفه لم يأتِ متأخرًا جدًا فحسب، بل يعتبر غير كافٍ أيضًا. ولهذا السبب فقد دعت 16 حكومة من حكومات الاتحاد الأوروبي مفوضية الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة قواعد القانون.
8. كيف كان الوضع في عام 2015؟
في عام 2015، في ذروة موجة اللجوء من سوريا المنكوبة بحرب أهلية، قررت المستشارة السابقة أنغيلا ميركل ووزير داخليتها توماس دي ميزير (كلاهما من الحزب المسيحي الديمقراطي، وكذلك المستشار الجديد فريدريش ميرتس) عدم رفض طالبي لجوء عند الحدود. وقد سحب الآن وزير الداخلية دوبريندت هذا التوجيه الصادر في عام 2015 إلى الشرطة الاتحادية.
9. كيف يبدو التقييم الحالي؟
بعد مرسوم الحدود الجديد، يوجد تقييم أولي ليومي الخميس والجمعة الماضيين، أي مباشرة بعد الأمر الصادر عن الوزير دوبريندت، وقد نقلته صحيفة "بيلد أم زونتاغ". وبحسب هذا التقييم فقد سجلت الشرطة الاتحادية 365 حالة دخول غير مشروعة خلال هذين اليومين. وقد تم إبعاد 286 مهاجرًا - من بينهم 19 مهاجرًا تقدموا بطلبات لجوء. وأسباب الإبعاد الرئيسية: عدم وجود تأشيرة دخول صالحة، واستخدام وثائق مزورة وكذلك حظر دخول ألمانيا. في حين تم تصنيف أربعة مهاجرين على أنَّهم "ضعفاء" وتم السماح لهم بدخول ألمانيا.
وبحسب الصحيفة فقد تم بالإضافة إلى ذلك سجن 14 مهربًا بشكل مؤقت خلال اليومين، وتنفيذ 48 مذكرة توقيف وكذلك إلقاء القبض على تسعة أشخاص من الطيف المتطرف والإسلاموي خلال محاولتهم دخول ألمانيا.
0 تعليق