نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ننشر ..كلمة سفير قطر بالقاهرة فى منتدى السياسات الإقليمية العربي الأول حول إعلان الدوحة: "الأسرة والتغيرات الكبرى المعاصرة", اليوم الخميس 8 مايو 2025 12:42 مساءً
القى طارق علي فرج الانصاري – سفير دولة قطر بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية كلمة في الجلسة الافتتاحية لأعمال منتدى السياسات الإقليمية العربي الأول حول إعلان الدوحة: "الأسرة والتغيرات الكبرى المعاصرة"، والذي تنظمه دولة قطر ممثلةً في معهد الدوحة الدولي للأسرة، بالتنسيق مع مندوبية دولة قطر في القاهرة، وبالتعاون مع جامعة الدول العربية.
وجاء نص الكلمة :
يسعدني ويشرفني أن أفتتح معكم اليوم أعمال منتدى السياسات الإقليمية العربي الأول حول إعلان الدوحة: "الأسرة والتغيرات الكبرى المعاصرة"، والذي تنظمه دولة قطر ممثلةً في معهد الدوحة الدولي للأسرة، بالتنسيق مع مندوبية دولة قطر في القاهرة، وبالتعاون مع جامعة الدول العربية.
إن هذا المنتدى يشكل امتدادًا لجهود قطر في دعم قضايا الأسرة إقليميًا ودوليًا، وكان آخرها مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة الذي عُقد في الدوحة في أكتوبر 2023، بمناسبة مرور ثلاثة عقود على إعلان الأمم المتحدة لعام 1994. ناقش المؤتمر تحديات معاصرة مثل التغيرات الديموغرافية والتكنولوجية والهجرة والتغير المناخي، وأصدر "إعلان الدوحة" متضمنًا أكثر من 30 توصية لدعم الأسر وتعزيز السياسات الاجتماعية. ويُعد هذا الإعلان مكمّلًا لنداء الدوحة لعام 2014 الذي دعا لتمكين الأسر وتحقيق التوازن بين العمل والحياة والتنمية الشاملة.
وفي هذا الصدد، فإن اجتماعنا اليوم يأتي ليحمل مشعل المتابعة والتفعيل لما ورد في إعلان الدوحة، متجاوزًا حدود التوصيات النظرية إلى بحث الآليات الواقعية لتطبيقها، في ضوء ما تشهده الأسرة العربية من تحولات عميقة. فهو منصة حوارية رفيعة تُعزز التكامل بين صناع السياسات والباحثين والممارسين، وتهيئ الأرضية اللازمة لبناء سياسات أسرية مدروسة، تستند إلى المعرفة الدقيقة، والتجارب الميدانية الناجحة، والتعاون المؤسسي الفعّال.
السيدات والسادة،
تواجه الأسرة العربية اليوم تحديات معقدة ومتعددة الأبعاد، تتجاوز التحولات العالمية كالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، لتتداخل مع خصوصيات ثقافية واجتماعية واقتصادية تميز المنطقة. فبينما تعصف النزاعات والصراعات ببعض الأسر، تعاني أخرى من ضغوط اقتصادية متزايدة، وتحديات الهجرة والفجوة الرقمية. ولا ينفصل ذلك عن التغيرات الثقافية والاجتماعية التي تهديد الهويات الأسرية التقليدية وتؤثر بشكل كبير على دور الأسرة وقدرتها على توفير الاستقرار النفسي والاجتماعي لأفرادها.
ولا يمكن الحديث عن التحديات التي تواجه الأسرة العربية دون التوقف عند الأثر المدمّر للاحتلال الإسرائيلي على كيان الأسرة واستقرارها، إذ تمثل الأسر الواقعة تحت الاحتلال – وعلى رأسها الأسر الفلسطينية، وتلك في الجولان السوري المحتل، ولبنان – نموذجًا صارخًا لتفكك البُنى الاجتماعية بفعل القهر المنهجي. فالاحتلال لم يكتفِ بتجريد الأرض من أهلها، بل استهدف بشكل مباشر الأسر عبر سياسات الاعتقال وهدم المنازل، والفصل القسري بين أفراد العائلة، وفرض الحصار، ما أدى إلى تفكيك الروابط الأسرية وتشويه الأدوار داخل العائلة. كما أن هذا الاستهداف البنيوي للأسرة بوصفها نواة المجتمع العربي، يتجاوز الأبعاد الإنسانية ليمس جوهر الهوية والانتماء، ويهدد بتوارث المعاناة وعدم الاستقرار عبر الأجيال. لذا فإن أي رؤية استراتيجية لتمكين الأسرة العربية لا تكتمل دون إدراج الاحتلال باعتباره عاملًا بنيويًا يقوّض كيان الأسرة.
وفي ظل هذا الواقع المعقد، فإن الاستجابة الفاعلة لتلك التحديات لا يمكن أن تكون آنية أو جزئية، بل ينبغي أن تكون استجابات حكيمة وشاملة تستند إلى رؤية استراتيجية واعية تضع الأسرة في قلب السياسات العامة. فتمكين الأسرة اليوم لم يعد ترفًا اجتماعيًا، بل هو استثمار في استقرار المجتمعات، وبناء لمستقبل أكثر تماسكًا وعدلاً وقدرة على التكيف مع عالم سريع التغير.
السيدات والسادة،،
إن الاهتمام باستقرار الأسرة وأفرادها وتعزيز التماسك الأسري يعد من الغايات الجوهرية التي ترتكز عليها رؤية قطر الوطنية 2030، إذ تنطلق هذه الرؤية من إيمان راسخ بأن الأسرة المتماسكة هي الأساس في بناء مجتمع مزدهر ومستقر. ومن هذا المنطلق، أولت دولة قطر قضايا الأسرة اهتمامًا محوريًا في رؤيتها التنموية، إدراكًا منها بأن التماسك الأسري يشكل ركيزة الاستقرار الاجتماعي وأساس بناء الإنسان. وفي ظل التحديات المتنامية التي تواجه الأسر في منطقتنا، من تحولات اجتماعية واقتصادية متسارعة إلى الأزمات الإنسانية والنزاعات، حرصت قطر على أن تكون في طليعة الدول التي تبادر بفهم هذه التحولات والتعامل معها بمنظور شامل، يوازن بين الحفاظ على القيم الأسرية والانفتاح على مقتضيات العصر. وقد تجسد هذا الالتزام في دعمها المستمر للبحوث والسياسات التي تعزز من صمود الأسرة، وترسّخ مكانتها كمحور للتنمية المستدامة والنهضة المجتمعية.
الحضور الكريم،
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أعرب عن تقديري العميق لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، وجامعة الدول العربية، وكل الشركاء الذين أسهموا بجهد مخلص في إطلاق هذا المنتدى.
كما أؤكد، باسم دولة قطر، دعمنا الراسخ لكل المبادرات الإقليمية والدولية التي تسعى إلى تمكين الأسرة، وصون كرامتها، وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه التغيرات المتسارعة.
نأمل أن يكون هذا المنتدى خطوة جادة نحو صياغة رؤية عربية مشتركة، تُترجم التنسيق إلى سياسات، وتُحوّل التوصيات إلى أثر ملموس في حياة أسرنا ومجتمعاتنا.
0 تعليق