في زفاف مي مهران، لم يكن الحاضر رئيس الدولة فحسب، بل كان وجه مصر النقي، وضميرها الحي، وروحها الوفية تمشي على قدمين، لم تكن مجرد مشاركة عابرة، بل موقف يُحفر في ذاكرة أمة، ويُكتب بالنور لا بالحبر، حين يتحوّل الوعد إلى حضور، والسلطة إلى إنسان، والدولة إلى أب، في تلك اللحظة، لم تُزف مي فقط، بل زُفّت مصر إلى مقام الوفاء، وارتفع اسم الشهداء فوق كل حسابات السياسة والبروتوكول.
رئيس دولة أن يلبي دعوة ابنة شهيد
فعندما تتجلى القيادة في أسمى معانيها، لا تبقى حبيسة المكاتب ولا أسيرة الشكليات، بل تنبض إنسانية وتفيض وفاءا، هكذا هو المشهد عندما يقرر رئيس دولة أن يلبي دعوة ابنة شهيد لحضور حفل زفافها، لا بصفته رئيسًا، بل أبًا، ووفاءً لوعد قطعه ذات يوم، إنها لحظة فارقة، امتزجت فيها الدموع بالابتسامة، والغياب بالحضور، لتكتب صفحة جديدة في كتاب الإنسانية السياسية عنوانها: “الزعيم الإنسان".
لحظة وفاء
وحقا ليست القصص العظيمة تلك التي تُكتب في كتب التاريخ فقط، بل تلك التي تُروى في لحظة وفاء، التقى فيها القائد بابنة شهيد لتعيش يوم فرحها محاطة بحضور والدها الغائب في شخص رئيس مصر الأب الإنسان عبدالفتاح السيسي الذي خرج من إطار الصورة النمطية للحاكم، ليكتب بفعله لا بكلماته، مشهدًا وطنيًا وإنسانيًا خالصًا، لحظة لم تُنسج بخيوط السياسة، بل بخيوط الوفاء. لحظة قال فيها الوطن لأبناء الشهداء: “نحن معكم قلبا وقالبا، في أفراحكم وأحزانكم، لن نترككم وحدكم أبدا".
ابنة رجل استشهد على تراب هذا البلد ليبقى الوطن
مي ليست ابنة شهيد فحسب، بل ابنة رجل استشهد على تراب هذا البلد ليبقى الوطن واقفًا شامخا عزيزا هو العميد “مالك مهران” الذي ارتقى أثناء أداء واجبه في بني سويف عام 2013، ولم تكن ابنته مي فتاة عادية، بل ابنة بطل، ففي عام 2018، وأثناء حفل تخرج شقيقها من كلية الشرطة، نظر إليها الرئيس وقال جملة اختصرت مفهوم الدولة التي لا تنسى أبناءها: “لو يكفيكي إننا نحضر فرحك… هنحضر”.
لم تكن كلمات عابرة، كانت وعدًا، والوعد عند الرجال دين لا يسقط بالتقادم، واليوم، وبعد خمس سنوات، أوفى الرئيس بوعده، لم يرسل من يمثله، لم يكتفِ برسالة تهنئة، بل حضر بنفسه، ليكون في مكان الأب، وفي مقام الشهيد، وليمنح ابنته شعورًا بأن مصر لا تنسى شهداءها، ولا أولادهم.
لم يكن الحضور بروتوكوليًا، بل مليئًا بالحنان الأبوي والرمزية الوطنية، السيسي وقف وسط العائلة، واحتضن الحفل بمشاعر صادقة، راسمًا لوحة إنسانية نادرة، تؤكد أن القيادة ليست سلطة فقط، بل التزام أخلاقي تجاه من حملوا راية الوطن ورحلوا.
مي عبّرت عن مشاعرها بصدق نادر وقالت: شعرت وكأن والدي ما زال حيًا.. الرئيس جعل يومي الأجمل بحضوره وأبوته الحانية.
لم يكن حفل زفاف ابنة شهيد، بل كان حفلًا للوطن بكامله، حيث حضرت الدولة في أسمى صورها، ووقف القائد شاهدًا على لحظة وفاء تتجاوز الزمان والمكان.
لم يكن الحضور مجرد تأكيد على الوعد… بل إعلانٌ أن مصر لا تنسى رجالها، ولا تترك أبناءهم في مهبّ النسيان
ختامًا، هذا المشهد النادر كتب بلحظة واحدة ما قد تعجز مئات الخطب السياسية عن قوله، كتب أن مصر تعرف كيف ترد الجميل، كيف تكرم رجالها، وتحتضن أبناءهم، كتب أن زفاف مي مهران لم يكن مجرد ليلة فرح، بل كان رسالة. كان موقفًا، كان مشهدًا يُدرّس في معنى الدولة حين تتحول من مؤسسات جامدة إلى كيان حي يشعر، يفي، ويحضن.
في ذلك اليوم، لم تتزوج مي فقط، بل كانت مصر كلها تعقد قرانها الأبدي مع الشرف، وتضع بصمتها على جبين كل من ظن أن الوفاء مات.
0 تعليق