نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مصر تضع خارطة الطريق نحو صدارة السياحة العالمية, اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 04:03 مساءً
وفي لقاء مع "سكاي نيوز عربية"، وضع وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، ملامح تلك الرؤية التي لا تقتصر فقط على زيادة عدد السائحين، بل تتخطاها إلى إعادة صياغة مفهوم السياحة المصرية برؤية استراتيجية تستند إلى التنوع، والشراكة المجتمعية، والتنمية المستدامة.
من خلال تصريحات الوزير، يتضح أن الرؤية لم تعد مجرد وعود دعائية، بل خطة ممنهجة ذات أبعاد اقتصادية، اجتماعية، ولوجستية، تستهدف إعادة تعريف المنتج السياحي المصري وتقديمه بأسلوب جديد يلبي تطلعات السوق العالمية.
رؤية طموحة: التنوع أولاً... ثم الصدارة
شدد شريف فتحي في حديثه على أن الهدف الأساسي يتمثل في جعل مصر الدولة الرائدة عالميًا في مجال السياحة المتنوعة.
من خلال هذه الكلمات الواضحة والمباشرة، استعرض الوزير جوهر خطة الوزارة، مشيرًا إلى أن مصر تهدف ليس فقط لجذب السائحين التقليديين، بل لتصبح مركزًا عالميًا يقدم أشكالًا متنوعة من السياحة تشمل الثقافية والترفيهية والبيئية والعلاجية والدينية.
كما أشار فتحي إلى أن هذا التنوع لا يأتي بمحض الصدفة، وإنما هو هدية من الجغرافيا والتاريخ.
ومن هنا تنبثق المهمة الكبيرة التي تتركز حول تحويل هذه الهبة إلى منتجات سياحية ملموسة.
ويستلزم ذلك استراتيجية محكمة لتحويل الموارد إلى برامج يمكن تسويقها ترتبط بالواقع الحالي للسياحة العالمية.
شراكة مع المجتمع المحلي: أمن اقتصادي واستدامة اجتماعية
في طرحه الجذاب، ذكر فتحي جانبًا آخر نادرًا ما يُعطى العناية في الخطاب الرسمي: "ما يسمى بالأمن الاقتصادي السياحي". من خلال هذه العبارة، أظهر الوزير رؤية استراتيجية جديدة تجعل المجتمعات القريبة من المواقع السياحية شريكًا فعليًا في عملية الاستفادة والتطور.
هذا التصور يتجاوز مفهوم السياحة كموضوع منفصل عن المجتمع ليجمعها ضمن التنمية المحلية، مما يعزز الاستقرار ويخلق فرص عمل مستدامة ويساهم في تخفيف الضغط عن المدن الكبرى.
التدريب والتأهيل: منصة رقمية لتجهيز الكفاءات
من بين التصريحات البارزة، جاء إعلان فتحي عن قرب إطلاق "الأكاديمية الإلكترونية" التي ستتخصص في التدريب السياحي، وذلك بالاعتماد على شراكات مع القطاع الخاص.
هذا التحول الرقمي يدل على توجه حكومي نحو تطوير كوادر مهنية مؤهلة تتماشى مع المعايير العالمية للجودة، بينما تشتد المنافسة لجذب السائحين الدوليين الذين أصبحوا أكثر وعياً وطلباً.
وقد أكد الوزير أن تصميم البرامج التدريبية لا يتم بشكل عشوائي، بل يستند إلى "الاحتياجات الحقيقية" التي تحددها الشركات في القطاع الخاص نفسها، مما يعزز من فاعلية الاستثمار في العنصر البشري.
التخطيط الديناميكي: التنبؤ المستمر واستيعاب المفاجآت
في قراءة ذكية للتقلبات التي تحكم صناعة السياحة عالميًا، أقر الوزير بأن "الافتراضات تتغير مع مرور الوقت... لذا من الضروري إجراء عملية إعادة تنبؤ أو re-forecasting".
هذه المقاربة تمثل تطورًا نوعيًا في طريقة إدارة القطاع، فبدلاً من التمسك بتوقعات جامدة، تعتمد الوزارة الآن على "Rolling Forecast"، أو التنبؤ المتجدد، الذي يراعي المتغيرات الإقليمية والدولية.
وعلى الرغم من أن نسبة النمو المسجلة العام الماضي لم تتجاوز 6 بالمئة، إلا أن الوزير اعتبرها "نجاحاً هاماً". ومن الجدير بالذكر أن الربع الأول من هذا العام شهد زيادة بنسبة 25 بالمئة، مما يعزز التوقعات الطموحة لاستمرار النمو حتى يصل إلى 11 بالمئة بشرط توفر الغرف الفندقية والطاقة الاستيعابية المطلوبة.
المتحف الكبير: حدث استثنائي على خارطة الثقافة العالمية
يعد افتتاح المتحف المصري الكبير في 3 يوليو المقبل أبرز ملامح المرحلة المقبلة، حيث وصفه الوزير بأنه "الشغل الشاغل للعالم الآن".
الإعداد لافتتاح يجري على قدم وساق، ويتضمن إغلاقًا مؤقتًا للمتحف لإجراء التحضيرات اللازمة، ما يعكس حجم الحدث ومستوى التنظيم المرتقب.
ما يميّز المتحف، وفقًا لفتحي، ليس فقط مقتنياته الأثرية، بل أيضًا "التصميم المعماري المدهش" و"العرض المتحفي المختلف"، على أن تُفتتح لاحقًا كنوز مثل جناح توت عنخ آمون ومتحف المراكب، ما يبشر بجذب متجدد ومستدام للزائرين.
البنية التحتية والطيران: تحسينات حقيقية وخطط توسعية
في حديثه عن أهمية الربط الجوي، وصف فتحي برنامج تحفيز الطيران بأنه "مُبهر للغاية".
وأكد على أن تقييم البرنامج يعتمد على عائد الاستثمار، مع التركيز على تخصيص الرحلات حسب احتياجات كل منطقة سياحية.
وعن المطارات، أبدى الوزير إعجابه بالتعاون القائم مع وزارة الطيران المدني لتوسيع المطارات بالشراكة مع القطاع الخاص، ملاحظًا: "بعض الأفراد يعتقدون أن ما لدينا غير جيد... ولكننا نبالغ في نقد أنفسنا قليلاً"، في إشارة ضمنية إلى ضرورة إدراك الواقع الصحيح.
وفي رأيه، فإن مطارات مصر تعتبر "أفضل من بعض مطارات الدول الأكثر تطوراً".
مواجهة الصورة النمطية: التسويق بالحقائق والتجربة المباشرة
أشار فتحي خلال حديثه إلى تأثير الإعلام الغربي في تشكيل صورة سلبية عن الشرق الأوسط، مشددًا على أن "الاستقرار السياسي والأمني هو الأساس لنجاح السياحة".
ويظهر في هذا السياق أسلوب "التسويق بالحقائق"، حيث تعتمد الوزارة حاليًا على الزيارات المباشرة، وتنقل آراء السياح والمنظمين إلى العالم، وهو ما وصفه الوزير بأنه "أفضل وسيلة للترويج حاليًا".
استدامة الرؤية: التحدي الحقيقي لما بعد الوزير
اختتم فتحي رؤيته بالتشديد على ضرورة إقامة نظام يتجاوز الأفراد، موضحًا: "أنا أسعى لإنجاز شيء الآن لا يُنسب لوزير السياحة والآثار شريف فتحي"، فإن النجاح الحقيقي يظهر عندما يعبر أعضاء الفريق في المستقبل عن أن "رؤيتنا في الوزارة كانت كذا". إنها مقاربة قيادية تعتمد على إيمان قوي بالمأسسة وضرورة بناء تراث مؤسسي مرتبط بالخطط والتطلعات بدلاً من الأشخاص.رؤية تتحول إلى مشروع نهضوي
ما قدمه شريف فتحي في هذا الحديث لم يكن مجرد استعراض لإنجازات أو وعود مستقبلية، بل رسم دقيق لخريطة تحول سياحي طموحة في مصر.
من التنوع إلى التدريب، ومن المتحف إلى الطيران، تتكامل المكونات لتضع مصر على أعتاب مرحلة جديدة في صناعة السياحة العالمية.
الرهان الكبير الآن ليس فقط على تحقيق أرقام قياسية، بل على إعادة صياغة المكانة المصرية في السوق السياحية الدولية، وترسيخ نموذج تنموي مستدام تكون فيه السياحة شريانًا حيويًا للاقتصاد، وحاضنة لهوية مصر الحضارية المتجددة.
0 تعليق