حذر مصدر دبلوماسي رفيع في بيروت من مغبة التباطؤ أو التراخي في إقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة، لأن لبنان يقف اليوم أمام مفترق خطير لن يتكرر كثيرا، حيث إن المماطلة النيابية والحكومية في إنجاز الإصلاحات الضرورية، قد تعني عمليا إخراج لبنان من دائرة الاهتمام العربي والدولي لمصلحة ملفات أخرى أكثر أولوية، وعلى رأسها الملف السوري.
وذكر المصدر لـ "الأنباء" الكويتية، بانه في ظل المؤشرات المتزايدة إلى تحرك إقليمي ودولي حثيث نحو سوريا، وبدء التأسيس لمرحلة إعادة الإعمار والانفتاح السياسي التدريجي على دمشق، تتجه الأنظار إلى كيفية توجيه الدول المانحة والمؤسسات المالية دعمها واستثماراتها. وهذه الأطراف لا يمكن أن تراهن على بلدين في آن واحد، لاسيما إذا كان أحدهما يراوح مكانه ويستهلك وقته في التجاذبات والانقسامات السياسية واستنزاف الوقت بلا طائل، فيما الآخر بدأ خطوات فعلية نحو الاستقرار والانفتاح. من هنا، فإن الفشل في تبني القوانين الإصلاحية، ولاسيما تلك المتعلقة بالشفافية والمحاسبة والحوكمة الرشيدة، سيضع لبنان في موقع المتفرج، لا الشريك، في أي نهضة اقتصادية مقبلة على مستوى المنطقة.
ولا يخفي المصدر نفسه أن لبنان لطالما تميز تاريخيا بقدرته على إهدار الفرص، وأن ما يحصل اليوم يذكر بفرص ضائعة سابقة كان يمكن لها أن تغير المسار لو أحسن استثمارها. وبدلا من أن يكون في طليعة المستفيدين من الانفراجات الإقليمية، يبدو لبنان وكأنه قرر طوعا البقاء في دائرة الانتظار. وفيما تسلك سوريا طريق العودة إلى الحضور الإقليمي والدولي، قد يجد اللبنانيون أنفسهم مجددا في موقع الترقب والعجز، في ظل غياب رؤية موحدة، وإرادة سياسية جادة، وأدوات تشريعية وإدارية تواكب التحديات.
وتابع المصدر الوقت لم يعد في صالح لبنان. فالعالم لا ينتظر، ولا يرحم المتأخرين عن قطار الإصلاح والتنمية. وبالتالي، فإن أي تلكؤ إضافي لن يفسر إلا كقرار ضمني بالبقاء في دوامة الانهيار والانقسام وتغليب الحسابات الشخصية والفئوية على المصلحة اللبنانية العليا، وتفويت فرصة جديدة قد تكون الأخيرة، للعودة إلى الخريطة الاقتصادية والاستثمارية الدولية.
0 تعليق