جنرال إسرائيلي سابق : نتنياهو الرافض الوحيد لتحمل المسؤولية.. وعلينا قتل 50 فلسطينياً مقابل كل إسرائيلي

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

مع اقتراب الذكرى الثالثة لأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول التي فجرت حرباً قاسية ودامية، ما زالت رحاها تدور حتى الآن، أثارت تسجيلات صوتية نُشرت لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق أهارون هاليفا، عاصفة سياسية وإعلامية في إسرائيل، بعد أن حمّل المسؤولية المباشرة عن إخفاقات السابع من أكتوبر لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واصفاً ما جرى بأنه «فشل مؤسسي عميق» نتج عن «مفاهيم خاطئة» تجاه حركة حماس.
وبحسب ما نشرته صحيفة معاريف العبرية، فإن التسجيلات التي بُثت عبر برنامج «استوديو الجمعة» على القناة 12، لم تحمل معلومات جديدة، لكنها وضعت بالصوت والصورة شهادة من مسؤول كان في قلب الحدث، ليؤكد أن الكارثة لم تكن نتيجة خطأ فردي، بل انهيار واسع داخل المنظومة الأمنية والسياسية، وأن نتنياهو وحده يرفض حتى الآن تحمّل المسؤولية، على عكس كبار قادة الجيش و«الشاباك» الذين أعلنوا استقالاتهم.
وتساءلت الصحيفة عن كيفية وصول تلك التسجيلات للإعلام، وهل كان هاليفا على علم مسبق بأنها ستُنشر أم أن الأمر تم من دون موافقته؟ وأشارت إلى أن الغموض المحيط بعملية التسريب يكشف عن حالة من انعدام الثقة وصراع داخلي بين أجهزة الأمن والسلطة السياسية في إسرائيل.
هاليفا، الذي استقال عقب الهجوم، أكد أن الاستخبارات العسكرية أخضعت أكثر من 50 مسؤولاً رفيعاً لتحقيقات داخلية مكثفة لتشريح ما حدث وتفادي تكراره، في حين يرى أن «الشاباك» يتحمل بدوره مسؤولية جسيمة بسبب فشله في تمرير المعلومات الحساسة القادمة من غزة.

«نكبة جديدة»


وأكد أهارون هاليفا في التسجيلات التي سربت حديثاً، أن تمكُّن حماس من تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر لا يعود لفشل مخابراتي ولا إلى ضعف في الاستجابة، وإنما لشيء أعمق من ذلك يعود لسنوات عديدة ويتطلب تصحيحاً أعمق.
وسرد هاليفا الأحداث التي سبقت صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأوضح أن سبب قراره الاستقالة من منصبه، وتناول الحديث الذي يعود لأشهر سابقة أيضاً القرارات السياسية والعسكرية التي قال إنها قادت للهجوم، وشدد على أن الأمر لا يتعلق بخطأ يمكن تصحيحه، مبيناً أن «النظام بأكمله يتطلب تفكيكاً وإعادة بناء».
وقال إنه سُئل خلال فعاليات إحياء الذكرى الـ50 لحرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، عما إذا كان يعتقد أن ذلك قد يحدث مرة أخرى، وأجاب: «نعم، قد يحدث مرة أخرى». وأضاف: «أكرر: هذا اليوم قد يحدث مرة أخرى».
في جزء من التسجيلات، سرد رئيس الاستخبارات العسكرية السابق أحداثاً وقعت خلال الساعات التي سبقت تنفيذ حركة حماس لهجومها على القطاع.
وقال: «تم تفعيل بطاقات تحديد هوية المشترك (إس آي إم SIM) في وقت مبكر من الساعة التاسعة مساء الجمعة»، في إشارة إلى شرائح الهواتف الخلوية الإسرائيلية التي فعّلتها عناصر من حماس قبل الهجوم.
وأضاف: «لكن أول وآخر مكالمة هاتفية تلقيتها ليلاً كانت الساعة 03:20 صباحاً من مساعِدتي»، أي قبل اقتحام حماس الحدود بنحو 3 ساعات، ولم تكن تلك المكالمة متعلقة بالبطاقات.

كل شيء تحت السيطرة!


وقال إن مساعدته أخبرته بأن هناك حادثاً، وأنه يتم التعامل معه من طرف القادة العسكريين المعنيين، وأبلغته بأنها ستوقظه مرة أخرى إذا حدث شيء استثنائي.
وأعاد التأكيد أنه لم يتصل به أي شخص بعد تفعيل حماس البطاقات، وكشف عن أنه تم الاتصال بقائد الجيش في الجنوب الذي اتصل بدوره برئيس الشاباك، وتحدث عن وثيقة للشاباك في الساعة الثالثة فجراً تقول: «حسب تقديرنا، سيبقى الهدوء قائماً، لا شيء يحدث، كل شيء تحت السيطرة».
وألقى هاليفا باللوم على النسق أو المسار العملياتي والاستخباري القائم منذ سنوات، وقال إنه خلال الساعات التي سبقت الهجوم لم يحدث أي شيء آخر، وإن أي شخص يقول غير ذلك كاذب.
ليس إهمالاً أو خطأ فردياً
وأضاف هاليفا أنه بعدما أجرى تحقيقاً في الهجوم، خلص إلى أن الإخفاق في صده لا يتعلق بإهمال أو خطأ فردي، بل بسبب حالة فشل أوسع نطاقاً، كما ألقى باللوم على جهاز الشاباك لعدم اكتشاف الهجوم وإحباطه قبل وقوعه، وقال مخاطباً الجهاز: «أين كنتم وأين المليارات التي تصرف عليكم؟».

المسؤولية والخوف


وبخصوص استقالته، قال هاليفا إنه قرر تحمل المسؤولية، «ففي مثل هذا الحادث المأسوي وأمام هذه الكارثة، يجب على الجميع تحمل المسؤولية والعودة لمنازلهم»، ووصف الذين قرروا البقاء في مناصبهم بأنهم خائفون. وأضاف: «أعتقد أن هؤلاء الناس لا يستطيعون النظر في المرآة، ولا يستطيعون النظر إلى أطفالهم، إنه أمر صعب».
وعندما سُئل عما يُقلقه بشأن مستقبل إسرائيل، قال هاليفا: «أمور كثيرة تُقلقني... لستُ قلقاً بشأن ما سيحدث بعد عام أو عامين، بل أتساءل: أي نوع من البلدان سنكون بعد 50 عاماً؟! هناك أماكن لا أشعر فيها بالتفاؤل».

نكبة كل حين وآخر


وبالتطرق إلى الحرب المستعرة في غزة منذ أكتوبر 2023، وتحديداً ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين، قال هاليفا إن «50 ألف قتيل في غزة أمر ضروري ومطلوب للأجيال القادمة».
وقال إنه ينبغي قتل 50 فلسطينياً مقابل كل إسرائيلي قتلته حماس في هجومها، واعتبر أن الفلسطينيين «بحاجة إلى نكبة بين الحين والآخر ليشعروا بالثمن».
وذهب هاليفا إلى أن إسرائيل تستثمر في الصراع الفلسطيني الداخلي، وأن نتنياهو وراء الخلاف بين الضفة وغزة، لأنه لا يريد العمل مع السلطة الفلسطينية، لأن لديها اعترافاً من المجتمع الدولي.
وأكد هاليفا أن القيادة العسكرية والسياسية بحاجة إلى «توفير الحماية لمواطنيها»، وفشلها في هذه المهمة يحتم على من تولوا المناصب «العودة إلى منازلهم، وتطهير الساحة».

«نتنياهو ترك حماس تتعاظم»


وعن رفض نتنياهو تحمل المسؤولية والاستقالة، قال إنه «قرر تعزيز مركز حماس لأسبابه الخاصة؛ إذ ترك قوتها تتعاظم، وترك حزب الله يعزز قدراته، وكان يعلم أن مشكلة الأسرى تتفاقم ورأى الحرم القدسي يحترق ورأى موجات الإرهاب تتصاعد، وكان كل شيء معروفاً».
ويضيف حاليفا أن نتنياهو يستند في حملته الانتخابية المقبلة إلى «سردية كاذبة»، مفادها بأنه لو تم إيقاظه في ليلة الهجوم لكان بالإمكان منع الكارثة. لكنه شدد على أن المعطيات التي كانت متوفرة في تلك اللحظة لم تُشر إلى خطر فوري، وأنه حتى لو اطّلع نتنياهو عليها لما اتخذ قراراً مختلفاً. وهو ما ينسف، بحسب قوله، شعار نتنياهو ويكشفه كـ«فبركة سياسية».
وبعد تسريب التسجيلات، أصدر المسؤول العسكري السابق بياناً قال فيه: «كارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول وقعت أثناء وجودي في السلطة، وأتحمل المسؤولية الكاملة عما حدث».
وأبدى أسفه على تسريب حديثه الذي «كان في منتدى مغلق»، وقال إن ما تم تسريبه جزء فقط، ولا يعكس الصورة الكاملة، «خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا معقدة ومفصلة، ومعظمها سري للغاية».

أخبار ذات صلة

0 تعليق