مع انطلاقة العام الدراسي الجديد، تتجدد مجموعة من القضايا التي تمثل تحدياً للأسر والطلاب والهيئات التعليمية، وعلى الرغم من التطوير المتواصل في قطاع التعليم، فإن هذه المرحلة تكشف كل عام عن مجموعة من التحديات، وهي تحديات لا ترتبط فقط بالجوانب التربوية والتنظيمية، بل تمتد إلى أبعاد قانونية تفرض نفسها على المجتمع، ويكشفها أولياء أمور ومعلمين ل«الخليج» في السطور التالية.
يشهد بدء العام الدراسي مجموعة من التحديات التي تتمثل في الازدحام المروري والضغوط المالية، مروراً بالتكيف النفسي والاجتماعي للطلاب، وصولاً إلى قضايا السلامة المدرسية وحقوق الطفل، حيث تشهد الطرق المؤدية إلى المناطق التعليمية حركة كثيفة تؤثر في انسيابية المرور، فيما تشكل الرسوم الدراسية وكلف المستلزمات التعليمية، عبئاً مادياً على أولياء الأمور.
مسؤولية كبيرة
قال «س.أ» ولي أمر، إن الازدحام المروري من أبرز الظواهر الملازمة للأيام الأولى للمدارس، وتؤدي إلى تأخير الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور، ما يضع مسؤولية كبيرة على إدارات المرور لتنظيم الحركة، لكنه يطرح أيضاً بعداً أكثر أهمية يتعلق بالسلامة على الطرق وضرورة التزام السائقين بقواعد المرور أثناء نقل الطلبة.
فيما أوضحت «ه.ع»، أم لثلاثة أبناء في مراحل دراسية مختلفة، إن من أبرز ما يشغل الأسر، الرسوم الدراسية وكلف المستلزمات التعليمية، ففي ظل التزامات شراء الكتب والأجهزة اللوحية والزي المدرسي، يشعر الكثير من أولياء الأمور بالضغط المالي، وقد شهدت السنوات الماضية إطلاق مبادرات حكومية لتخفيف الأعباء، إلا أن النقاش يظل مطروحاً حول تنظيم العلاقة التعاقدية بين المدارس الخاصة والأهالي، وشفافية الرسوم وطرق سدادها، بما يضمن عدم الاستغلال والالتزام بالقانون والقرارات الوزارية.
الصحة النفسية
أشار «د.ف» معلم في مدرسة خاصة، إلى أن الجانب النفسي للطلاب أحد أهم محاور النقاش مع بداية كل عام دراسي، فالكثير من الأطفال يجدون صعوبة في العودة إلى الروتين المدرسي بعد الإجازة، ويظهر ذلك في مقاومة الذهاب إلى المدرسة أو في مظاهر القلق والانطواء، كما تبرز ظاهرة التنمر بين الطلبة في بعض الحالات، وهي مسألة تأخذ بعداً قانونياً خطِراً في ضوء التشريعات الإماراتية لحماية الطفل، وعدم تعريض نفسيته للخطر، وهو ما يتطلب تقديم أولياء الأمور النصح والإرشاد لأطفالهم بعدم التنمر على الآخرين أو الاستهزاء بهم.
ولفت إلى أن ظاهرة التنمر أو السلوكيات السلبية بين الطلاب تعد من أكثر التحديات حساسية، وقد وضعت الدولة أطراً قانونية واضحة للتعامل معها، عبر إلزام المدارس بوجود مختصين اجتماعيين، ومنح الطفل الحق في التعبير وطلب الحماية.
يواجه بعض الطلاب تحديات في الانتقال إلى التعليم الحضوري بشكل كامل، بعدما كان بعضهم يدرس افتراضياً حتى لو بمدارس في بلدانهم الأصلية، ولا يزال بعضهم مرتبطاً بالوسائل الرقمية، وأكد «م.ب» ولي أمر، أن هذا يؤدي إلى حدوث فجوة في المهارات الاجتماعية، الأمر الذي دفع مدارس لتبني برامج إضافية لتعزيز التفاعل المباشر، مشيراً إلى أن هذه المسألة ترتبط بحق الطالب في تلقي تعليم متوازن يجمع بين التقنيات الحديثة والتفاعل الإنساني المباشر، وهو ما تطرحه السياسات والتشريعات بوصفه جزءاً من جودة العملية التعليمية.
الصحة والسلامة
كشف «ر.ك»، معلم في مدرسة خاصة، عن تحدٍّ آخر يتمثل في الكثافة العالية في بعض المدارس، وصحة وسلامة الطلاب، ولفت إلى أن بعض الطلاب يواجهون مشكلات متعلقة باكتظاظ الفصول ونقص بعض الكوادر التعليمية، وهو ما يثير تساؤلات حول التزامات المدارس تجاه أولياء الأمور، خصوصاً أن العقود الموقعة بين الطرفين يجب أن تكفل جودة التعليم وتضمن تحقيق المعايير المعتمدة من وزارة التربية والتعليم.
ولفت إلى مسألة الصحة والسلامة، سواء داخل الحرم المدرسي أو في الحافلات، حيث إن بداية العام الدراسي غالباً ما تتزامن مع انتشار الأمراض الموسمية، إلى جانب المخاوف المرتبطة بالسلامة المرورية للحافلات المدرسية، وهو ما يُحمّل إدارات المدارس وأولياء الأمور على حد سواء مسؤوليات واضحة في حماية الأطفال وضمان سلامتهم، سواء عبر الفحوص الدورية أو من خلال الالتزام بالاشتراطات الصحية.
من جانبه، أكد المستشار القانوني الدكتور علاء نصر، أن هذه التحديات تكشف أن بداية العام الدراسي ليست مجرد حدث تعليمي، بل هي اختبار شامل للسياسات التعليمية والقانونية والاجتماعية.وأضاف أن قانون حقوق الطفل الإماراتي، المعروف باسم قانون «وديمة»، يضع مجموعة من الالتزامات على عاتق الأسرة والمدرسة. فعلى سبيل المثال، صمت الطفل أو انسحابه المفاجئ قد يكون مؤشراً إلى تعرضه لأذى نفسي أو تنمر، وهنا يصبح الإبلاغ واجباً قانونياً على الأهل والمدرسة.
قالت المحامية والمستشارة القانونية أمينة الأحمد، إن بداية العام الدراسي في الإمارات تكشف عن تحديات متداخلة بين الجانب التربوي والاجتماعي والقانوني، وبينما تعمل الدولة على تطوير البنية التحتية للتعليم وتحديث التشريعات، تبقى مسؤولية التطبيق العملي والتعاون بين الأسرة والمدرسة والجهات المعنية هي السبيل الأمثل لتحويل التحديات إلى فرص.
وأكدت أن القانون يفرض على المدارس وجود مختص اجتماعي لمتابعة الحالات السلوكية والنفسية، وعدم الالتزام بذلك يمثل مخالفة صريحة، حتى مسألة التنمر عبر الوسائل الإلكترونية أصبحت ضمن نطاق القوانين المتعلقة بالجرائم الإلكترونية.
وأشارت إلى أن الأعباء المالية، رغم أنها قد تبدو قضية اجتماعية، إلا أن لها بعداً قانونياً يرتبط بحماية المستهلك، فوزارة التربية والتعليم أصدرت ضوابط واضحة تمنع فرض رسوم غير مبررة.
0 تعليق