تعيد احتفالات مصر بيوم وفاء النيل، الذي يصادف منتصف أغسطس من كل عام، ذكريات عيد من أقدم الأعياد الرسمية في البلد الذي قال عنه المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت، بأنه «هبة النيل».
وتوهج البرج الأيقوني بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر باللون الأزرق، احتفالاً بهذا اليوم التاريخي، وفاء النيل، الذي يعد أحد أقدم الأيام الوطنية في البلاد، وقالت وزارة الثقافة المصرية، إن إضاءة البرج الأيقوني في تلك المناسبة، يهدف إلى ربط مفردات الهوية الوطنية، وفي مقدمتها نهر النيل، بالمعالم العمرانية الحديثة، مشيرة إلى أن اختيار البرج الأيقوني كخلفية لهذا الحدث، يعكس رمزية خاصة، باعتباره يمثل أحد أبرز معالم العمارة المصرية الحديثة، ويمثل صرحاً حضارياً يجسد روح البناء والتنمية.
ويعد يوم وفاء النيل أحد أقدم الأيام الرسمية في العالم، حيث يرجع إلى ما قبل العصر المصري القديم منذ أكثر من 7000 عام، وهي فترة زمنية لا تضاهي بعمر النيل الذي تشير العديد من الدراسات الجيولوجية، إلى أن عمره يزيد على 20 مليون عام، ويقول د. عباس شراقي الخبير في الموارد المائية، إن نهر النيل أخذ شكله الحالي منذ نحو 6 ملايين سنة، حيث ينبع من المنطقة الاستوائية في بحيرة فيكتوريا، التي تسهم بنحو 15% من الإيراد السنوي، بينما تسهم الهضبة الإثيوبية بنحو 85% من مياهه.
وتروي العديد من الأساطير القديمة، كيف كان المصريون القدماء يحتفلون بيوم وفاء النيل بإلقاء فتاة جميلة إلى مياه النهر، بعد تزيينها حتى تتزوج الفتاة بالنيل، وتقول الأسطورة التي لا يوجد دليل على صحتها، إن المصريين لم يعثروا ذات عام على فتاة بالمواصفات المطلوبة، حيث لم تتوافر تلك المواصفات، إلا في إحدي بنات الملك، فاختاروها قرباناً، وهو ما أصاب الملك بالحزن، فما كان من خادمتها إلا أن أخفتها، وصنعت عروساً خشبية تشبهها، تم إلقاؤها في مياه النيل في احتفال كبير، دون أن يتحقق أحد من الأمر إلا بعد فترة، ليستبدل المصريون القدماء القربان البشري بعروس خشبية كانت تقدم إلى إله الفيضان كل عام، في يوم وفاء النيل.
ويقول د. علي أبو دشيش، الخبير في شؤون الآثار المصرية، وعضو اتحاد الأثريين العرب، إنه لا يوجد نص صريح في التاريخ، يروى أن المصريين القدماء، كانوا يقدمون قرابين بشرية احتفالاً بيوم وفاء النهر، وإن ما يروي في ذلك، هو مجرد أساطير نسجها الخيال الشعبي، تقديراً لمكانة النيل، وأهمية الفيضان في حياة المصريين، وهو ما جعل تلك الأساطير تعيش على مر الزمان، في وجدان الأجيال المتعاقبة، وهي ترتبط إلى حد كبير بأهمية النهر، والدور الكبير الذي لعبه على مر العصور، في استقرار المصري القديم على ضفافه وعمله بالزراعة التي جعلته قادراً على إنتاج طعامه.
0 تعليق