الشارقة: سارة المزروعي
في أعماق منطقة الطيبة التابعة للفجيرة، يُبرز بيت المطوع صورة حية من تاريخ الإمارات، حيث يعيد للزوار ذكريات حقبة كان فيها التعليم والتوجيه ركيزة أساسية للمجتمع، بُني المنزل بتصميم بسيط يتماشى مع الطراز التراثي، ويعود في أصله إلى خميس علي بن داوود العبدولي الذي اعتُبر من أوائل أبناء المنطقة الذين تلقوا الدروس الدينية والقرآن الكريم في الكتاتيب كما يوضح نجله داوود العبدولي في حديثه مع «الخليج»، ويشير إلى أن بيت المطوع بُني في سنة 1964، وكان منزلاً بسيطاً وعلى الطراز التراثي.
يضيف داوود العبدولي: «مع مرور الزمن، أُعيد التفكير في ترميم المنزل القديم والمهجور بنفس التصميم التراثي، رغبةً في إتاحة الفرصة للناس والزوار للتعرف على الدور التاريخي للمطوع. فقد بدأ الوالد مسيرته منذ الصغر حين أرسله والده علي محمد بن داوود العبدولي، أمير قبيلة العبادلة آنذاك إلى منطقة دبا لتعلم القرآن والدين. وبعدها، أكمل الوالد مسيرته في طلب العلم عبر عدة كتاتيب من مناطق مختلفة، حتى أثمرت رحلاته العلمية فأصبح إماماً وخطيباً في منطقة الطيبة في سنّ مبكرة، ثم تحول إلى مأذون شرعي ومعالج شعبي يداوي الناس بالرُقى الشرعية، مما جعله مرجعاً للنصح وحل الخلافات بين أفراد المجتمع.
انطلاقاً من هذه السيرة الطيبة، تولى الأبناء مهمة إحياء هذا الصرح التاريخي وتحويله إلى ذكرى خالدة لوالدهم، مع توجيه رسالة للمجتمع تُبرز دور الكتاتيب وجهودها في نشر العلم والمعرفة ولم يكن بيت المطوع مجرد مكان لحفظ وتلاوة القرآن الكريم، بل كان مركزاً متعدد الأدوار، حيث مارس فيه الطب الشعبي، وعلاج الناس بالرقية الشرعية، وقدّم النصح والتوجيه الأسري، بُني المنزل من الطوب والطين ليعكس البساطة والجمال العريق، وتم ترميمه وافتتاحه مجدداً ليكون شاهداً على حقبة من التاريخ الإماراتي.
موروث أثري
يزخر البيت بمقتنيات تراثية نادرة، منها مستندات قديمة وخطب جمعة من الثمانينات كتبها المطوع بخط يده، إلى جانب خامات العلاج التقليدية مثل«كف مريم» و«النيلة الزرقاء». كما يضم مجلس المطوع، الذي اعتاد الناس زيارته طلباً للنصح والعلاج، ويزينه عدد من الصور القيمة، من أبرزها صورة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في منطقة الطيبة، التي تعكس عمق العلاقة بين القيادة والشعب في ذلك الزمن.
وجهة استثنائية
يُعد بيت المطوع اليوم وجهة استثنائية لعشاق التراث والثقافة، إذ يتيح للزوار فرصة فريدة للتعرف على تفاصيل الحياة القديمة في الإمارات ودور المطوع في بناء مجتمع قائم على العلم والتوجيه. ويجمع هذا الصرح بين الأصالة والتعليم والترفيه، مما يجعل زيارته تجربة لا تُفوّت لاكتشاف تاريخ لا يزال ينبض بالحياة في كل زاوية.
0 تعليق