أبوظبي/وام
يعد متحف منتزه خليفة شاهدا يروي تاريخ أبوظبي عبر تسليط الضوء على المراحل التاريخية التي مرت بها الإمارة، مقدماً رؤية شاملة لمسيرتها عبر الزمن، من فترات الاستيطان الأولى إلى النهضة الحضارية التي تشهدها اليوم.
ويلتقي الزائر عند دخول المتحف، مع مُجسم بشري يُدعى «حامد»، وهو معلم يروي لطلابه قصة الحياة في أبوظبي باللغتين العربية والإنجليزية، ليُمهّد بذلك للرحلة التي تبدأ عبر عربات كهربائية تشبه «التلفريك» تضم 20 عربة، حيث تنطلق المغامرة فور الركوب بصوت الحاكي الذي يرحب باللهجة الإماراتية قائلاً: «حيا الله الربع».
وتبدأ الجولة الأولى بتسليط الضوء على جوانب الحياة البحرية التراثية في أبوظبي، ومنها تفاصيل أنشطة الصيد والغوص للبحث عن اللؤلؤ وتجفيف الأسماك وبيعها، وهي مهن كانت تمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد البحري آنذاك، كما يعرض القسم أدوات بحرية تقليدية مثل الشباك والمجاديف، موثقا أساليب الصيادين اليومية التي تشمل خياطة الشباك يدويا وصناعة «القراقير» من سعف النخل إلى جانب بناء «المراكب» باستخدام السعف المربوط بالحبال.
وقال علي الحفيتي، المتحدث باسم «متحف منتزه خليفة»، إن المتحف يُجسد مشاهد نابضة من «حياة البادية» في أبوظبي، حيث عاشت العائلات البدوية في بيوت الشعر التي حيكت بعناية من وبر الإبل وصوف الغنم وشعر الماعز، فكانت هذه البيوت رمزا للترحال والتكيف مع الطبيعة، تُنصب بين الكثبان في مواطن الرعي، وتنتقل مع أصحابها انسجاما مع تبدّل المواسم.
وأوضح أن هذه البيوت لم تكن مجرد مأوى، بل عكست نمط حياة متكاملا، إذ قُسمت إلى جناحين، أحدهما مخصص للرجال، حيث تُقام المجالس وتُسكب القهوة في أجواء عامرة بالضيافة والكرم، والآخر للنساء، حيث تُعدّ الأطباق التقليدية بأدوات بسيطة، تحمل عبق الأصالة وروح التراث.
وأشار إلى أن وسيلة التنقل الأساسية في البيئة البدوية كانت «الجِمال»، التي استخدمت لعبور الصحراء نحو واحات العين وليوا، محملة بالمؤن والمواد الضرورية مثل الفحم والحطب والمواد الغذائية والسمك المجفف.
وأضاف أن «الإبل» لم تكن مجرد وسيلة نقل، بل كانت شريان الحياة في البادية، فمن حليبها استمد البدو غذاءهم، ومن لحمها قوتهم، بينما شكل وبرها أساس صناعة بيوت الشعر وملابسهم، وحتى المواد العضوية المتحللة منها استُغلت كوقود لإشعال النار.
من جانب آخر، يستعرض المتحف بداية «صناعة النحاس» في أبوظبي، حيث يضم قسما يوثق أولى مراحل استخراج النحاس الخام من المناجم، وآخر يستعرض عمليات صهره وتنقيته وتحويله إلى معدن قابل للتشكيل عبر تقنيات الحرق والتصفية المتقدمة.
ويحتوي المتحف على قسم مخصص «لاستخراج البترول»، حيث يعرض مجسمات تفصيلية لعمال النفط أثناء عمليات التنقيب والاستخراج، بالإضافة إلى نماذج لأنابيب النقل التي تُعد شرايين حيوية لنقل النفط من مواقع الإنتاج إلى محطات التخزين والتكرير.
ويبرز المتحف ملامح التعليم القديم في أبوظبي بأسلوب يعكس الهوية الإماراتية وارتباط الأجيال بتراثهم، حيث يعيد إحياء مشاهد الصفوف الدراسية الأولى بطاولاتها الخشبية وكراسيها البسيطة، مع عرض الكتب والمجلدات التي نقلت المعارف والقيم. كما يجسد دور المعلم وهو يروي لطلابه قصص الأجداد، مستعرضا حكايات البطولة والصمود التي غرست حب الوطن والاعتزاز بالهوية، ليعكس كيف امتزج التراث بالعلم في تجربة تعليمية شكلت أساسا متينا لبناء الأجيال وترسيخ القيم الوطنية. ويختتم الزوار جولتهم في المتحف بمشاهدة نقطة بداية التطور التي شهدتها عاصمة الإمارات -أبوظبي، من خلال مجسمات توضح التحولات العمرانية، مثل نافورة كورنيش أبوظبي والمباني الشامخة، بالإضافة إلى تطور المواصلات الحديثة والبنية التحتية، والطرق التي أصبحت معبدة.
متحف منتزه خليفة.. شاهد يروي قصة أبوظبي عبر الزمن

متحف منتزه خليفة.. شاهد يروي قصة أبوظبي عبر الزمن
0 تعليق