وادي الحيتان بالفيوم.. متحف طبيعي عمره 40 مليون سنة

الجمهورية اونلاين 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وادي الحيتان بالفيوم.. متحف طبيعي عمره 40 مليون سنة, اليوم الاثنين 26 مايو 2025 06:51 مساءً

في عام 2005، منحتها منظمة اليونسكو مكانة استثنائية بتصنيفها ضمن قائمة التراث العالمي كأهم موقع علي كوكب الأرض يعرض تطور الحيتان من كائنات بحرية إلي ثدييات برية، وها هو وادي الحيتان اليوم، يقف كأعجوبة جيولوجية وسياحية وتاريخية، تجذب آلاف الزوار سنويًا، وتفتح آفاقًا علمية جديدة لفهم تطور الحياة.

يقع وادي الحيتان داخل نطاق محمية وادي الريان بمحافظة الفيوم. ويُعد من الكنوز الطبيعية الفريدة التي تخطف أنظار علماء الحفريات والزائرين من مختلف أنحاء العالم. يتميز الوادي باحتوائه علي أكثر من 400 حفرية كاملة للهياكل العظمية لحيتان تعود إلي نحو 40 مليون سنة، منها ما يصل طوله إلي 18 مترًا، هذه الحيتان، التي كانت تجوب محيط "تيث" القديم، تمثل حقبة نادرة من تطور الحياة البحرية إلي البرية.

ويقول الدكتور نبيل حنظل، مستشار السياحة السابق بمحافظة الفيوم، إن المنطقة تشتهر باحتضانها لحفريات مكتشفة منذ عام 1903 علي يد العالم الجيولوجي بيد تل، ومن أبرزها حفريات حوت "الباسيلوسورس إيزيس" وحوت "الدوريودون أثروكس"، واللذين تم تصنيفهما كنوعين جديدين من الحيتان في متحف التاريخ الطبيعي بلندن، وفي السنوات اللاحقة، توالت الاكتشافات، حيث رصدت بعثات علمية حفريات نادرة مثل حوت "اتشيرنوس سيمونس"، وحفرية من أجداد الفيلة تُعرف بـ"بيراثيرم".

من جانبه، أشار سيد الشورة، مدير عام آثار الفيوم. إلي أن جودة الحفريات وتمركزها في منطقة محمية يجعل وادي الحيتان من أكثر المواقع غنيً وتنوعًا في العالم، ليس فقط من حيث الحيتان، بل أيضًا لاحتوائه علي حفريات لأسماك القرش، وعروس البحر، وكائنات بحرية عاشت في تلك المنطقة منذ ملايين السنين، ما يعكس نمط تطورها وتحولها عبر الزمن.

ولم يتوقف دور وادي الحيتان عند كونه متحفًا طبيعيًا مفتوحًا للحياة القديمة، بل أصبح أيضًا ملاذًا آمنًا للكائنات النادرة والمهددة بالانقراض.

يقول خالد محمود، مرشد سياحي بالفيوم، إن المحمية توفر بيئة طبيعية مثالية لحيوانات مثل الغزال المصري والأبيض، وثعلب الفنك، والذئب، إلي جانب العديد من الطيور الجارحة والمهاجرة، كصقر الشاهين والعقاب النساري، فضلاً عن نباتات صحراوية فريدة مثل الأتل والغاب والعاقول والحلفا.

ويبدو أن الأهمية العلمية لوادي الحيتان لا تتوقف عند الحيتان فقط. فشمال المحمية، وتحديدًا في منطقة جبل قطراني، توجد آثار مذهلة لبدايات تطور الثدييات، منها بقايا لأشباه الإنسان الأول، وأسلاف الفيلة، وكائنات ضخمة منقرضة مثل "الأرسينوثيرام"، ويعتبر الاتحاد الدولي لصون الطبيعة هذا الموقع سجلًا فريدًا للثدييات المنقرضة في إفريقيا.. حيث يضم نحو 75 نوعًا. منها نوعان من أشباه البشر، ما يمنحه قيمة ثقافية وطبيعية قد تضعه قريبًا علي قائمة التراث العالمي.

أما من الناحية السياحية، فتشهد المحمية إقبالًا ملحوظًا من الزوار أسبوعيًا ويؤكد المهندس أحمد ربيع، أحد المهتمين بالسياحة البيئية، أن مئات السياح يتوافدون إلي وادي الحيتان من مختلف الجنسيات، لالتقاط الصور وسط المناظر الفريدة، ومشاهدة الحفريات النادرة، ونشر تجاربهم علي مواقع التواصل، ما يُعد وسيلة قوية للترويج لحضارة مصر البيئية والتاريخية.

وادي الحيتان ليس مجرد موقع جيولوجي، بل هو كتاب مفتوح علي صفحات التاريخ الطبيعي للأرض. يسرد حكايات تطور الكائنات، وصمودها، وتحولها، في مكان واحد لم تمسه يد الزمن، وبين كثبان الفيوم الصفراء، تترسخ قصة مصر التي لا تنفك تبهر العالم، لا بآثارها الفرعونية وحدها، بل أيضًا بكنوزها البيئية والعلمية التي تضعها في قلب خريطة التراث العالمي.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق