اليوم الجديد

السينما السعودية أمام مفترق طرق: كيف تنهض كمشروع وطني ثقافي يعكس طموح المجتمع

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السينما السعودية أمام مفترق طرق: كيف تنهض كمشروع وطني ثقافي يعكس طموح المجتمع, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 10:57 مساءً

السينما السعودية أمام مفترق طرق: كيف تنهض كمشروع وطني ثقافي يعكس طموح المجتمع

نشر بوساطة علي حسن حسون في الوطن يوم 13 - 05 - 2025


كثيرًا ما أخصص لي يومًا في الأسبوع لمشاهدة فيلم سينمائي، أهرب به من صخب الحياة إلى عالم من المتعة والخيال والتأمل، فالسينما، لمن يعرف قيمتها، ليست مجرد ترفيه، بل نافذة على الحكايات، ومنصة للفكر، وأداة لبناء الوعي، لكن، ويا للأسف، فإن تجربتي الأخيرة مع أحد الأفلام المحلية التي رُوّج لها على نطاق واسع، كانت بكل صراحة، صدمة بكل المقاييس!.
الفيلم الذي روج له بدعاية صاخبة اجتاحت وسائل التواصل، صنّف كعمل كوميدي، حتى خُيّل إليّ أنه الحدث السينمائي الأهم لهذا العام، فالإعلانات لم تبقِ وسيلة إلا وامتلأت بها، وكأننا أمام تحفة ستُكتب في تاريخ السينما وبحماسة لا تخلو من فضول، حجزت التذكرة، ووقفت في طابور الفشار، وجلست في القاعة مستعدًا لضحكٍ يملأ القلب.
لكن ما حدث كان عكس كل التوقعات، فما إن مرّت ربع ساعة من العرض، حتى بدأت ملامح الملل تتسلل إلى الوجوه فلا قصة تُذكر، ولا حبكة تشد، ولا حوار يُحفظ، فقط مشاهد مرتجلة، ونكات باهتة، وتمثيل بارد لا يقنع حتى المتفرج العابر، وقد حاولت أن أمنح الفيلم فرصة، فربما ينقلب الحال في النصف الثاني، لكنني وجدت نفسي، دون وعي، أجمع أغراضي مغادرًا القاعة وفي يدي فشار لم يُؤكل، وداخل صدري غصة تذمّر.
وهنا، لا بد من أن نطرح السؤال الأهم: هل مشكلتنا في الجمهور؟ أم في المنتج؟ الحقيقة أن الجمهور السعودي اليوم أكثر وعيًا، وأدق ذوقًا، ولا يمكن استغفاله بمحتوى هزيل مهما كانت الضجة الإعلامية حوله، جمهورنا بات يقارن، ويحلل، ويختار، يتابع الإنتاج العالمي بجودة عالية، ويستطيع التفريق بين ما يُصنع بإتقان، وما يُنتج على عجل وبسذاجة.
الفجوة بين ما يُنتَج محليًا وما يُعرض عالميًا ما زالت كبيرة، وأحيانًا مؤلمة، بل إن بعض الأعمال التي تُصنف محليًا ك«أفلام»، لا ترقى حتى لمستوى مقاطع قصيرة على وسائل التواصل، وهذا ليس تقليلًا، بل توصيف لواقع يستوجب وقفة حقيقية.
إن أردنا صناعة سينما سعودية حقيقية، تُحترم وتُصدّر وتُنافس، فلا مفر من العودة إلى الجذور، نحن نحتاج إلى معهد وطني للفنون السينمائية، لا يمنح شهادات شكلية، بل يُخرّج كتّابًا ومخرجين وممثلين وفنيين بمستوى عالمي، معهد يُربّي الحس الفني، ويعلّم أدوات الصناعة، ويزرع في طلابه قيمة الفن، وأخلاقياته، ودوره في تشكيل الوعي الجمعي.
ولا يكفي أن يُنتج الفيلم ليُعرض، بل يجب أن يُصنع ليُعاش، وأن يحترم ذائقة الجمهور، ويُقدّم محتوى يليق بثقافتنا وتاريخنا وهويتنا، ونحن بلد غني بالحكايات، زاخر بالمواهب، وما ينقصنا فقط هو الرؤية والتخطيط والاستثمار الحقيقي في الإنسان.
السينما السعودية أمام مفترق طرق: إما أن تستمر في إنتاج محتوى خفيف لا يترك أثرًا، أو أن تنهض كمشروع وطني ثقافي يعكس طموح المجتمع، ويضع المملكة على خريطة الفن السابع عالميًا، والأمل لا يزال كبيرًا، إذا ما اجتمعت الإرادة، وتوافرت الشراكات، وتبنّت المؤسسات الرسمية هذا المشروع كجزء من رؤيتنا الثقافية والتنموية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :