نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف تختار معالجك النفسي, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 07:57 مساءً
نشر بوساطة هنادي الأحمري في الوطن يوم 22 - 04 - 2025
الاعتراف بأنك بحاجة إلى مساعدة نفسية ليس علامة ضعف، بل هو واحد من أكثر اللحظات شجاعة وصدقًا التي يمكن أن تقدمها لنفسك، خاصة في أوقات الانهيار، أو الحيرة، أو التيه. لكن الوصول إلى هذه القناعة لا يعني أن الطريق صار واضحًا. بل ربما تظهر بعده تساؤلات أكثر تعقيدًا: من أختار؟ ومن يستحق أن أفتح له أبواب ذاتي؟
اختيار المعالج النفسي ليس قرارًا إداريًا، ولا مجرد إجراء طبي. إنه في جوهره علاقة إنسانية دقيقة، تقوم على الأمان، والانكشاف، والتقبل. لكنه أيضًا يتطلب حدًا من المهنية والمعرفة، فالعلاقة وحدها لا تكفي دون أدوات علاجية راسخة. ليس المطلوب فقط شخصاً يحمل شهادة أو يمتلك أدوات معرفية، ولا فقط من يشعرنا بالراحة، بل من يمكنه أن يكون حاضرًا معنا في صمتنا، في ألمنا، وفي ارتباكنا، دون أن يحاول إصلاحنا بسرعة أو الحكم علينا، ويملك في ذات الوقت وعيًا مهنيًا يجعل حضوره داعمًا لا مشوشًا.
أحيانًا نبدأ البحث ونحن نظن أن احتياجاتنا واضحة: علاج للقلق، أو الاكتئاب، أو أزمة معينة. لكن في العمق، قد نكون بحاجة لمن يساعدنا على رؤية أنفسنا من جديد، على أن نصادق ذواتنا لا أن نعالجها فقط. لهذا، لا تقيّد بحثك بالمسميات أو التشخيصات الجاهزة. امنح حدسك واحتياجاتك النفسية مساحة للتعبير، حتى وإن كانت مربكة أو غامضة.
خلال اللقاءات الأولى، من الطبيعي أن تشعر بانجذاب نحو معالج يشبهك ثقافيًا أو دينيًا أو فكريًا. لكن هذا التماهي، رغم راحته، قد يُصبح قيدًا. من المهم أن تسأل نفسك: هل يساعدني هذا الشخص على التوسع؟ أم يعزز زواياي الضيقة؟ المعالج الجيد لا يُشعرك بأنك دائمًا على حق، ولا يسعى لإرضائك، بل يدعوك بلطف لرؤية ما لم تره من قبل. هو مرآة صادقة، لا فقط حضنًا دافئًا.
لا تبحث عن المثالية، بل عن الصدق. المعالج الجيد لا يمتلك كل الإجابات، لكنه لا يدّعي امتلاك الحقيقة أيضًا. هو حاضر معك، لا يوبّخك حين تخطئ، ولا يملكك حين تتقدم. لا يتكلم من برج عاجي، بل ينزل إلى عمقك، ويصغي لما لا تستطيع قوله أحيانًا. وفي الوقت ذاته، يوجّهك من خلال خبرته، لا فقط من خلال تعاطفه.
ولا بأس إن لم تشعر بالارتياح من الجلسة الأولى. قد تتردد، تتراجع، تعود... وهذا جزء من الرحلة. فالعلاج يبدأ حين تشعر أنك تستحق أن تُفهم، أن تُرى، أن يُصغى إليك بصدق. حتى قراراتك المترددة تقول عنك الكثير، والمعالج الجيد يحتضن ذلك دون استعجال، ودون أن يختفي خلف حياد جامد أو تعاطف مفرط.
في نهاية كل جلسة، جرب أن تسأل نفسك: هل اقتربت من ذاتي؟ هل أصبحت أكثر صدقًا مع نفسي؟ إن خرجت من اللقاء وأنت أشد حضورًا مع ذاتك، فربما وجدت من يمكنه مرافقتك حقًا. أما إذا شعرت بأنك كنت تمثّل أو تحاول إرضاء المعالج، فقد يكون من المفيد إعادة النظر.
في الختام، اختيار المعالج ليس فقط مسألة كفاءة مهنية، ولا مجرد علاقة مريحة، بل هو توازن دقيق بين شعورك بالأمان والاتصال، وبين إدراكك لوجود مسار علاجي حقيقي ومدروس. ففي النهاية، نحن لا نبحث فقط عن حلول، بل عن شخص يمكنه مرافقتنا بصدق، يصغي لما خلف الكلمات، ويساعدنا على الدخول في علاقة أكثر وعيًا واتساقًا مع ذواتنا.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق